"كفاءات خطاب الملك".. الأحزاب تبحث عن كفيل حزبي لضمان رخصة الاستوزار
عُرفت الأحزاب السياسية منذ نشأتها، وحتى قبلها من خلال الحركة الوطنية، بأسماء نُخب وكفاءات استطاعت أن تخلق الأحداث وتكتب التاريخ المعاصر للمغرب. وقد وصل منحنى صناعة الأحزاب السياسية المغربية للنخب أعلى مستوياته طيلة تسعينيات القرن الماضي، ليعرف انحدارا سريعا، لم تسلم منه إلا أسماء محدودة على رؤوس الأصابع.
وإذا كان الملك محمد السادس قد دعا خلال خطاب العرش الأخير إلى تعديل حكومي يراعي الكفاءة وتجديد النخب وسيلة لتحقيق غايات المخططات التنموية والاجتماعية المراد إطلاقها مستقبلا، فإن عددا من المتتبعين للوضع العام يرون أن البنية المؤسساتية من أحزاب وهيئات غير قادرة على كسب رهان التنخيب على أساس الكفاءة إذا لم يتم إصلاح المسببات التي أدت إلى نفور النخب والكفاءات من أحزابها.
عادل بنحمزة البرلماني السابق عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية يرى أن "الاحتباس الديمقراطي" الذي تعرفه بلادنا على مدى سنوات دفع جزءا كبيرا من النخب والكفاءات إلى البحث عن مسار آخر مرتبط مباشرة بالدولة، فيما اختار جزء آخر أخذ مسافة من الأحزاب إلى حين تسجيل متغيرات سياسية وحزبية تسمح لها بأن تتحمل المسؤولية وتصل إلى مناصب تساعدها على تحقيق طموحاتها الشخصية.
ولتجاوز حالة النفور هذه واستعادة الأحزاب السياسية لثقة كفاءاتها ونخبها، أكد بنحمزة أن الأحزاب الوطنية أمام فرصتها الأخيرة لاستعادة أدوارها التاريخية على المستوى الوطني، داعيا إياها إلى التقاط الاشارات التي تضمنها الخطاب الرسمي الذي فتح، بحسب ذات المتحدث، جسور مهمة، خصوصا وأنه "لا تزال هناك أطر وكفاءات موجودة من داخل هذا النوع من الأحزاب، ولو أنها على مسافة منها، فهي لا تحتاج إلا إلى مصالحة حقيقية، تنطلق من بسط الأخطاء التي حدثت من جميع الأطراف، تتبعها مصالحة شاملة تنتهي بإعادة الاعتبار لهذه النخب والكفاءات وأدوارها بما يضمن استعادة ثقتها بها والقطع مع السلوكات والممارسات التي تؤدي إلى نفورها وابتعادها عن الفعل السياسي".
وفي الوقت الذي يرى فيه بنحمزة أن الفرصة، اليوم، مواتية للأحزاب الوطنية لخلق مصالحة حقيقية مع نخبها، عبر عمر الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسة والقانون الدستوري، عن عدم تحمسه لفكرة مبادرة الاحزاب السياسية فتح ورش المصالحة مع نخبها. ففي تدوينة له على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي كتب أنه "ليس هناك من شك، أن العثماني ومن معه سيفرغون خطاب العرش من مضمونه وسيحولونه إلى كلمات ليست كالكلمات، وبدل حكومة الكفاءات سيتم تعويضها بحكومة الكفالات".
معتبرا أن الأحزاب السياسية قد انطلقت "منذ قرار الملك بتعديل حكومي، حيق بدأت عمليات البحث المضني عن كفيل حزبي أو غير حزبي، يضمنهم للحصول على رخصة الاستوزار القادمة. والحقيقة التي لا مراء فيها، أن الحصول على الكعكة الوزارية داخل الأحزاب لا بد أن يتم عبر كفيل ما، قد يكون أمين عام أو شخصية اعتبارية أو أي وسيط. المهم أن من ليس له كفيل داخل الحزب، لا بد أن يشتريه، أو يطلب وده أو يغريه بما يستطيع".
وهو ما ذهب إليه عدد من المراقبين للدخول السياسي والاجتماعي الذي لا تفصلنا عنه إلا أسابيع قليلة، كون دار لقمان ستظل على حالها، وأن الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي لن تقدم أسماء من خارج الصندوق الذي تملؤه تلك المرتبطة بطريقة أو بأخرى بنافذين سياسيين أو مؤسساتيين أو حتى في مراكز في الدولة.