لديها 100 سفينة ما بين طنجة والكويرة.. هذا ما ستخسره إسبانيا إذا أوقف المغرب اتفاقية الصيد

 لديها 100 سفينة ما بين طنجة والكويرة.. هذا ما ستخسره إسبانيا إذا أوقف المغرب اتفاقية الصيد
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأحد 13 يونيو 2021 - 12:00

أدى استنجاد إسبانيا بمؤسسات الاتحاد الأوروبي، وتحديدا البرلمان الذي أصدر أول أمس الخميس قرار "يرفض استخدام المغرب للقاصرين" في أزمة الهجرة غير النظامية التي شهدتها مدينة سبتة الشهر الماضي، إلى تعقيد الأزمة ما بين المغرب والرباط، وفق ما أكده وزير الخارجية المغربي ناصر بورطة أمس الجمعة، حين قال إن ما حدث "قد تكون له نتائج عكسية بل ومضرة"، وهو ما يدفع للتساؤل حول ما إذا كان المغرب ينوي وقف بشع شراكاته مع الاتحاد الأوروبي التي يستفيد منها الإسبان بالدرجة الأولى.

وتأتي في مقدمة القطاعات التي تستفيد منها مدريد عن طريق اتفاقيات موقعة أساسا بين الرباط والاتحاد الأوروبي، قطاع الصيد البحري الذي دخلت نسخة جديدة من اتفاقياته حيز التنفيذ سنة 2019 بعد توقيعها في يناير في بروكسيل وموافقة البرلمان عليها في يونيو ثم مصادق المجلس الوزاري عليها ونشرها في الجريدة الرسمية في يوليوز من العام نفسه، وهي الاتفاقية التي تمكن 128 سفينة أوروبية من الصيد في السواحل المغربية بما في ذلك سواحل أقاليم الصحراء.

كيلو السمك بـ15 درهما!

غير أن عبارة "السفن الأوروبية" لا تبدو دقيقة في هذه الحالة، فرغم وجود نشاط لصيادي 11 دولة أبرزها فرنسا والبرتغال وألمانيا وإيطاليا وهولندا وبولندا في سواحل المملكة، إلا أن حصة الأسد من الثروة السمكية المغربية تذهب إلى إسبانيا التي تملك 100 سفينة من أصل 128 تصول وتجول في السواحل الأطلسية المغربية من خط العرض 35 إلى خط العرض 22، وهو ما يشمل الشريط الممتد من طنجة إلى أقصى نقطة في جنوب الأقاليم الصحراوية على الحدود مع موريتانيا.

ويبدو هذا الاتفاق، بالنسبة للمغرب، سياسيا أكثر من كونه اقتصاديا، نظرا للقيمة المالية السنوية التي تُؤدَّى مقارنة بما يجري اصطياده، إذ تعطي الاتفاقية لتلك السفن الحق في صيد 80 ألف طن من السمك كل عام مقابل 48,1 مليون يورو في السنة الأولى و50,4 ملايين يورو في السنة الثانية و55,1 مليون يورو في السنتين الثالثة والرابعة، علما أن المقابل المالي في الاتفاقية السابقة الممتدة ما بين 2014 و2018 كان أقل من ذلك ولم يكن يتجاوز 40 مليون يورو.

وبعملية حسابية، تتكشف الاستفادة الكبيرة لقطاع تجارة السمك في إسبانيا من هذه الاتفاقية، فالأرقام المذكورة تعني أن سعر الكيلوغرام الواحد من مختلف أنواع السمك المغربي لا تتجاوز على أقصى تقدير 1,46 يورو، أي 15,6 درهما، ما يفسر الإصرار الإسباني على تمرير هذه الاتفاقية حتى مع وجود معارضة من لدن بعض الأطراف أوروبية المساندة لجبهة "البوليساريو" الانفصالية، على اعتبار أنها تشمل سواحل الصحراء التي تعد "إقليما متنازعا عليه"، وأيضا رغم إصرار مدريد سياسيا على عدم الاعتراف بمغربية الأقاليم الصحراوية.

خسارة اقتصادية.. استفادة سياسية

وتُبرِز لعبة المقارنات أن المغرب في هذه الصفقة لا يستفيد إلا من الجانب السياسي بنيل اعتراف ضمني من الاتحاد الأوروبي بسيادته على الأقاليم الصحراوية، في حين تستفيد إسبانيا اقتصاديا بشكل كبير، إذ حسب أرقام قطاع الصيد البحري الصادرة عن الوزارة الوصية بخصوص الأشهر التسعة الأولى من سنة 2020 يتضح أن رقم معاملات قطاع تصدير السمك في المغرب قارب 1,5 مليار يورو، في حين أن عائدات التصدير في إسبانيا بلغت سنة 2018 أي مع متم العقد السابق، بلغت حوالي 4,4 مليارات يورو.

وبقدر ما تبدو مدريد المستفيد الأكبر من هذا الوضع، بقدر ما تضع في يد الرباط ورقة أخرى للضغط في مسلسل صراعهما الدبلوماسي الذي بلغ ذروته أبريل الماضي بعد دخول إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إلى الأراضي الإسبانية بشكل سري وبواسطة جواز سفر جزائري يحمل هوية مزورة، ثم اتخذ منحى أكثر صدامية بعد أزمة دخول المهاجرين غير النظاميين إلى سبتة من مدينة الفنيدق ما بين 17 و19 ماي الماضي، ذلك أن قرار المغرب وقف هذه الاتفاقية سيمثل، حسابيا، ضربة موجهة للاقتصاد الإسباني.

إسبانيا مهددة بكارثة

وفي حال ما قرر المغرب عدم تجديد الاتفاقية التي تنتهي سنة 2023 فإن المتضرر الأكبر سيكون هو اقتصاد إقليم الأندلس الذي تنتشر به شركات توزيع وتصدير السمك بشكل كبير والذي أرسل للمياه الإقليمية المغربية 54 سفينة صيد من أصل 100 سفينة إسبانية مستفيدة من الاتفاقية المذكورة، بالإضافة إلى ضرب اقتصاد إقليم الكناري الذي يعتمد في جزء منه على عمليات تفريغ الأسماك التي يتم اصطيادها من مياه الأقاليم الجنوبية للمملكة.

ويشكل قطاع السمك مجالا كبيرا لامتصاص البطالة في إسبانيا، خاصة عقب الأزمة المالية لسنة 2008، ففي 2018 مثلا وظف هذا القطاع حوالي 32 ألف شخص إضافي، إلى جانب أن مدريد تحتكر لوحدها 60 في المائة من صادرات السمك نحو الاتحاد الأوروبي والمعتمدة بشكل رئيس على الثروة السمكية المغربية.

و قد يفكر المغرب في أنه أولى بهذه الأرقام ما دام شريكه الإسباني فضل لعب ورقة "الدعم الأوروبي" ضده، بل قد يجد شركاء آخرين أولى من الإسبان، على غرار بريطانيا التي كانت جزءا من الاتفاقية إلى حين خروجها من الاتحاد الأوروبي مع بداية سنة 2021 والتي رفعت الكثير من تحفظاتها على الاستثمار في منطقة الصحراء بعد تحررها من السياسة الخارجية المشتركة لأوروبا، أو حتى باتفاقيات ثنائية مع دول من داخل الاتحاد مثل بولندا التي توجد بعض سفنها أصلا في المغرب والتي بدورها تمردت على الجمود الأوروبي بخصوص قضية الصحراء فاسحة المجال لمؤسساتها الاقتصادية للاستثمار هناك.

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...