لهيب الصحراء - البديل [ 18 ]
رواية لهيب الصحراء هي حكاية عن مقاتل داعشي يراجع أفكاره خلال عملية بين ليبيا والمغرب حين يكتشف فساد أفكار داعش، وتحكم بعض الأنظمة العربية فيها. خلال رحلة أبي حفص عبر صحراء ليبيا، متوقفا في مخيمات تيندوف في الجزائر، يكتشف العلاقات السرية بين أمير داعش في ليبيا والمخابرات الجزائرية. يجد أبو حفص نفسه في مواجهة التناقضات التي يرزح تحتها الفكر الداعشي، وكيف أن القادة يصطادون الشباب مستغلين لحظات ضعفهم الإنسانية لملئ رؤوسهم بأفكار متطرفة وفاسدة. حين يقرر أبو حفص التخلي عن العملية والهروب من سجن أفكار داعش، يجد أمامه ضابطا من المخابرات الجزائرية لهما معا تاريخ مشترك، وعندها تبدأ المواجهة، ويشتعل اللهيب في الصحراء.
[ 18 ]
انتظر العقيد حسن مغادرة المتطوع الصحراوي الذي خرج وهو يكاد يقفز من السعادة، ثم تنفس الصعداء والتفت إلى الضابط عبد العزيز الجالس حول مجسم الصحراء والجنوب المغربي، في غرفة العمليات للمبنى أربعة.
”بهذا نكون قد قدمنا أكثر مما يجب،“ قال الضابط عبد العزيز وهو يقف وينظر إلي عيني العقيد حسن بثبات. ”نتوقع منك تحقيق النتيجة المطلوبة كما نشتهي جميعا.“
امتعض العقيد حسن من الاعتداد الذي تحدث به الضابط الصحراوي والتهديد المبطن في كلامه، وفكر في أن بعض الصحراويين صاروا يتعاملون بندية مع الضباط الجزائريين، لكنه قرر تجاهل ذلك الآن، واجبار نفسه على الابتسام.
”لا تقلق. تأكد أن نجاح هذه العملية يهمني أكثر منك،“ وأجبر نفسه على مزيد من الابتسام. ”حصلنا الآن على الانتحاري الخامس وقبله قدمتم لنا خبير المتفجرات لديكم،“ تحولت الابتسامة من التزلف إلى الشماتة والخبث وضغط العقيد حسن على مخارج الحروف جيدا. ”الذي دربناه لدينا في الجزائر على كل ما يعرف.“
تجاهل الضابط جملة العقيد الأخيرة وعاد للجلوس.
”تم تجهيز السيارتين وتوفير كل المواد التي سيحتاجها الخبير.“
”جيد، الجدول الزمني ما زال كما هو. سنغادر فجرا،“ قال العقيد حسن ونظر إلى ساعته. ”سأذهب الآن لإخبار الرجال.“
”حظا موفقا.“
لوح العقيد بيده حركة خفيفة وغادر المبنى، ورأى حين تجاوز الباب الممرضة الاسبانية تسبقه بخطوات قليلة، فجرى في اتجاهها وأمسكها من ذراعها.
”أين كنت؟“
نظرت إليه الممرضة بنظرة استغراب تشي بعدم الفهم، ثم صرخت في وجهه بالإسبانية: ”ماذا تريد؟“
خرج الضابط عبد العزيز على ارتفاع صوتيهما متسائلا عما يحصل.
”رأيتها تمر بجانب الباب حين خرجت. إما أنها كانت تتنصت علينا أو هي قادمة من جهة المبنى خمسة حيث لا يفترض أن تكون.“
وجه الضابط سؤاله بالإسبانية للممرضة فأجابته وهي تريه علبة أقراص فيتامينات، فأخذها الضابط وتحقق منها ثم ترجم للعقيد حسن.
”تقول بأنها أحضرت علبة الفيتامينات لأبي حفص، الذي لم يأت لاستلامها صباحا، وحين رأت الباب مقفلا عادت أدراجها، كما تنص التعليمات.“
ألقى العقيد بصره على المباني القريبة ولم ير رجلا في الخارج ليتحقق منه من رواية الممرضة، التي لم تقنعه. زم شفتيه ثم نظر إلى قوامها الرشيق.
”سأفتشها.“
قال العقيد حسن وأقرن قوله بدفع الممرضة إلى الجدار ومدّ ذراعيها إلى أقصاهما، وبدأ يتحسس جسدها بدقة من باطن ذراعيها نزولا إلى ساقيها، ببطء متعمد لم تقده الشهوة قدر ما دفعته رغبته الدائمة في إذلال الآخرين وإظهار أنه صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، دائما.
”يمكنها أن تذهب الآن.“
قال العقيد للضابط عبد العزيز بخيبة أمل غير خافية، ثم توجه بخطوات سريعة إلى المبنى خمسة وصعد إلى الطابق الثاني، وفتح باب غرفته بحذر متحققا من وجود خيط رفيع ألصقه بالباب، ثم توجه نحو درج مكتبه وتحقق أيضا من وجود الخيط الرقيق، وراجع ترتيب الأقلام والأدوات المكتبية المرمية على سطح المكتب بعشوائية مقصودة فتأكد أن كل شيء في مكانه. تنفس العقيد حسن الصعداء، ثم نزل من جديد متوجها نحو ساحة التدريب، ليراجع مع الرجال تفاصيل الخطوات الموالية للعملية.