لهيب الصحراء - فشل أبي مصعب [ 28 ]
رواية لهيب الصحراء هي حكاية عن مقاتل داعشي يراجع أفكاره خلال عملية بين ليبيا والمغرب حين يكتشف فساد أفكار داعش، وتحكم بعض الأنظمة العربية فيها. خلال رحلة أبي حفص عبر صحراء ليبيا، متوقفا في مخيمات تيندوف في الجزائر، يكتشف العلاقات السرية بين أمير داعش في ليبيا والمخابرات الجزائرية. يجد أبو حفص نفسه في مواجهة التناقضات التي يرزح تحتها الفكر الداعشي، وكيف أن القادة يصطادون الشباب مستغلين لحظات ضعفهم الإنسانية لملئ رؤوسهم بأفكار متطرفة وفاسدة. حين يقرر أبو حفص التخلي عن العملية والهروب من سجن أفكار داعش، يجد أمامه ضابطا من المخابرات الجزائرية لهما معا تاريخ مشترك، وعندها تبدأ المواجهة، ويشتعل اللهيب في الصحراء.
[ 28 ]
بُوغت أبو مصعب بمنظر الجثث حين نزل من السيارة.
رأى أمامه رجلين من داعش ما زالا واقفين، والآخرون كلهم صرعى. بحث بنظره عن خبير المتفجرات فوجده جثة مثقوبة الرأس.
تبخر كل غضبه دفعة واحدة وتحول وعيه إلى صفحة بيضاء. أحس بالفراغ يطوقه وبدأت معالم الصحراء تختفي. سواد عظيم أطبق عليه وشعر بالدوار والغثيان.
”ما العمل الآن؟“
جاء صدى الصوت من البعيد، من قرار بئر عميقة، من لحظة خارج الزمن. فتح عينيه ببطء وشعر بالدوار حين رأى أمامه شفتين غليظتين تكرران السؤال.
رفع أبو مصعب نظراته الذابلة لصاحب السؤال، ثم بهدوء ولا مبالاة أخرج مسدسه ورفعه وأطلق رصاصة تركت ثقبا دمويا في جبهة صاحب السؤال، وقبل أن تختفي ملامح الاستغراب من وجهه ويسقط جثة هامدة، تحركت يد أبو مصعب بسرعة إلى الرجل الآخر وزين جبهته بثقب مماثل.
بقيت ذراع أبي مصعب ممدودة بالمسدس طويلا بعد سقوط الرجلين، ثم خفضها بهدوء واستدار يحدق في الجثث الأربعة الأخرى، ويدير بصره في أرجاء الصحراء.
لم يكن يفكر بأي شيء. الخواء هو كل ما كان يشعر به. صار كإسفنجة عصرتها يد قوية ورمتها تحت الشمس الحارقة وتركتها تنكمش على فراغ نفسها. خارت قواه وسقط على ركبتيه. ترك المسدس يسقط من يده، وضع يديه بين ساقيه وأحنى رأسه إلى حجره تاركا نفسه يهوي في الفراغ.