لوموند: الجزائر منجرفة بشكل كامل نحو الاستبداد والقمع.. ورهان فرنسا عليها مُكلف ويُغضب المغرب
في غمرة الأزمة الدبلوماسية التي دفعت الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لاستدعاء سفيره من باريس، التقت صحيفة "لوموند" الفرنسية بالناشطة الجزائرية المعارضة أميرة بوراوي في باريس، بعد تمكنها من الفرار من قبضة السلطات الجزائرية عبر تونس، وذلك في سياق إعداد ملف حمل عنوان "من الحراك إلى القمع، الجزائر تعيش عهدا جديدا"، والذي حذرت فيه من مخاطر الرهان على النظام الحالي.
ونقلت "لوموند" عن بوراوي قولها إن الخروج من الجزائر لم يكن خيارا بالنسبة لها، بل فرضته عليها الظروف لأن الضغط أصبح "لا يطاق"، وأبرزت الصحيفة الفرنسية أن المعارضة الجزائرية كانت أمام خيارين هما السجن أو المنفى، وذلك عندما قابلتها يوم 7 فبراير 2023، مباشرة بعد وصولها من تونس إلى فرنسا بمساعدة دبلوماسية هذه الأخيرة.
وحسب لوموند، فإن الدبلوماسية الفرنسية تمكنت من إقناع الرئاسة التونسية بعدم تسليمها للجزائر بحكم أن بوراوي تحمل الجنسية الفرنسية، مبرزة أن الخيار الذي كان أمامها هو الدخول بشكل غير شرعي إلى البلد المجاور لأنها بالفعل كانت مهددة بالسجن بتهمة "الإساءة لشخص الرئيس" وأضافت أن المعارضين يفرون بكثرة لأن جو الجزائر أضحى غير قابل للتنفس، حيث البلد "منجرف بشكل كامل نحو الاستبداد".
وأبرزت الصحيفة الفرنسية أن الفرار عبر تونس خطوة حساسة وخطيرة، منذ أن عززت الجزائر نفوذها داخل نظام قيس سعيد، وبوراوي "مدينة بخلاصها فقط لحيازتها جواز السفر الفرنسي"، موضحة أن الحظ لم يحالف معارضين آخرين مثل سليمان بوحفص، الناشط المعارض المتعاطف مع حركة تقرير المصير في القبائل، الذي "اختطفه غرباء في قلب تونس العاصمة وأعادوه قسرا للجزائر".
وأشار ملف "لوموند" إلى أن الجزائر تسير بثبات نحو الديكتاتورية، لكن على الرغم من ذلك تبقى باريس متشبثة بتقاربها مع الجزائر، وهي العلاقة التي وصفتها بـ"المكلفة" وخاصة في علاقتها مع المغرب، حيث إن فرنسا تبدي إصرارا على تطوير علاقتها مع البلد الذي يعتبر خصما للمملكة، هذه الأخيرة التي كانت حليفا تقليديا للفرنسيين، لكنها الآن أضحت تتحدث عن تنويع شراكاتها.
واستبعدت "لوموند" أن تُؤثر قضية بوراوي وقرار تبون استدعاء سفيره من باريس، على المسار الذي يتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون في المنطقة المغاربية، لكنها حذرت من أن محاولة التوازن بين البلدين اللذان ارتفع منسوب العداء بينهما بسبب ملف الصحراء، من شأنه أن يُضعف الدبلوماسية الفرنسية في البلدين، منبهة إلى أن أكبر خطر يهدد رهان ماكرون على الجزائر هو فقدان فرنسا لمكانتها كحليف مميز للمملكة، بالإضافة إلى الواقع الحالي للنظام الجزائري.