مؤسسة التمويل الدولية تحُث المغرب على الامتثال للملائمة الأوروبية والتخلص من نفايات قطاع النسيج والانفتاح أكثر لرفع صادراته نحو التكتل الإقليمي
على الرغم من تمكّن المغرب من تعزيز رهانه في إحداث قفزة هائلة في نشاط قطاع النسيج والملابس خلال السنوات الماضية، وتحقيق إيرادات مهمة ساقت نحو رفع صادراته إلى الاتحاد الأوروبي، بقيمة بلغت 3.8 مليار يورو في عام 2022، إلا أنها تبقى "غير كافية" نظير إمكانياته الواسعة التي لا تُستغل ودام البلد لم يمتثل للوائح الاتحاد الأوروبي التي تزداد طلبًا بشأن الدائرية والاستدامة.
وفي هذا الإطار أوصت مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، التابعة للبنك الدولي (WB)، الحكومة المغربية بالاتجاه نحو صناعة نسيج أكثر استدامة ودائرية لزيادة صادراته إلى الاتحاد الأوروبي، مع الانفتاح على دول جديدة في التكتل الاقليمي الأوروبي وتشجيع الاستثمار في القطاع مع الامتثال لشروط الملائمة الأوروبية في معالجة نفايات القطاع التي مازال المغرب يتعامل معها بنوع من التهاون.
وأكدت مؤسسة التمويل الدولية في تقريرها الأخير عن وضع قطاع النسيج في المغرب، أنه على الرغم من حقيقة أن صادرات المنتجات النسيجية المغربية إلى الاتحاد الأوروبي ارتفعت بنسبة 40 في المائة بين عامي 2010 و 2019، إلا أن الحصة المقابلة للمملكة في الاتحاد الأوروبي تشهد انخفاضًا في السوق منذ عام 2007، إذ يبلغ حاليًا 2.4 في المائة.
وشدّد التقرير، على أنه إذا نجح المغرب في الامتثال للوائح الاتحاد الأوروبي التي تزداد طلبًا بشأن الدائرية والاستدامة (...) فسيكون قادرًا على زيادة صادراته إلى الاتحاد الأوروبي ومشاركته في هذا السوق بصفة أكبر" سيّما وأن المشترون "يغيّرون استراتيجيات التوريد الخاصة بهم في كل مرة، فيما تسعى العلامات التجارية من جانبها إلى مزيد من التقارب بين الموردين والمتاجرين "، حسب التقرير الذي تم إعداده بالتعاون مع حكومة إسبانيا والجمعية المغربية لصناعة النسيج (AMITH).
وبالمقابل سيفيد هذا الإجراء بحسب التقرير ذاته، صادرات المغرب نحو السوق الأمريكية، والتي استوردت بدورها منتجات نسيجية مغربية في عام 2021 بقيمة 46 مليون دولار (41 مليون أورو).
وفي السياق ذاته، توصي المنظمة الدولية، الحكومة المغربية والوزارة الوصية على القطاع بأن ينتقل المغرب من نموذج CMT ("القطع ، التصنيع ، التشذيب" إلى نموذج FPP ("إنتاج الحزمة الكاملة" أو حزمة الإنتاج الكاملة) ، والتي تغطي جميع عمليات إنتاج الملابس.
ولفتت مؤسسة التمويل الدولية، إلى أن المغرب ينتج سنويا أكثر من 83 ألف طن من نفايات النسيج، ثلاثة أرباعها تنتج في منطقتي طنجة والدار البيضاء مشيرة إلى أنه يمكن إعادة تدوير هذه النفايات باستخدام آلات التقطيع الحديثة.
وفي وقت أقرّت المؤسسة الدولية، بصعوبة تحديد قدرة إعادة التدوير الحالية للمصانع في المغرب بسبب غياب المعلومات، شدّدت على ضرورة معالجة نفايات القطاع في جميع مراحل الإنتاج باعتباره "أمراً حاسماً" في بناء اقتصاد دائري وصناعة أكثر استدامة، تحقيق الملاءمة مع الشروط الأوروبية، التي ستدخل بعضها حيز التنفيذ ابتداءً من سنة 2026.
ووفقًا للبيانات المنشورة في التقرير، مثل قطاع النسيج في المغرب 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الصناعي و 11 في المائة من الصادرات في عام 2021، كما يضم يد عاملة مهمة إذ يُشغل بشكل مباشر 200 ألف شخص، 60 في المائة منهم من النساء.
وذكر المصدر ذاته، أن معظم إنتاج المنسوجات في المغرب موجه نحو التصدير، والاتحاد الأوروبي أكبر زبون، إذ تستقبل إسبانيا وفرنسا 80 في المائة من صادرات النسيج المغربية إلى الاتحاد الأوروبي.
وأبرزت المؤسسة التمويلية الدولية، في تقريرها، أن تحقيق المغرب للملائمة سيمكنه من الانفتاح على أسواق جديدة وتنويع زبائنه على مستوى التكتل الاقليمي، مشيرة إلى أن التعاقد من الباطن مازال يمثل نسبة كبيرة من الإنتاج بنحو 60 في المائة.
من جهة ثانية، نبّه التقرير المذكور، أيضا إلى أن 85 في المائة من المواد الخام المستخدمة في صناعة النسيج المغربية مستوردة، وهو ما يجعله عرضة لتقلبات السوق في كل مرة ويُهدر فرص تحقيق أرباح إضافية داخلية مع توفير يد عاملة.
وأوصت المؤسسة التمويلية الدولية، بضرورة انفتاح المغرب على تنظيم المعارض التجارية ودعم البعثات التجارية للقاء الزبائن في الخارج، والتعريف بالمنتج النسيجي المغرب، وتشجيع الاستثمار في القطاع على طول مراحل سلسلة القيمة، مثل الغزل والنسيج والحياكة والصباغة والطباعة.
يُذكر أن عدد الشركات العاملة بقطاع النسيج في المغرب، تقدر بأكثر من 1500، وتُوفر 200 ألف وظيفة، أي ما يمثل 22 في المائة من الوظائف في القطاع الصناعي، وتتسيّد الشركات الفرنسية والإسبانية والبريطانية على رأس القائمة باعتبارهم من أكبر عملاء مصانع النسيج المغربية، بحسب معطيات وزارة الصناعة.