مرصد العمل الحكومي: الفساد متغلغل في أوصال الاقتصاد الوطني وتكلفته تبلغ 5 مليارات دولار سنويًا.. والحكومة متقاعسة في محاربته

 مرصد العمل الحكومي: الفساد متغلغل في أوصال الاقتصاد الوطني وتكلفته تبلغ 5 مليارات دولار سنويًا.. والحكومة متقاعسة في محاربته
الصحيفة - خولة اجعيفري 
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024 - 14:00

بعد أيام معدودة من تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الذي قدّم صورة قاتمة عن مشهد محاربة الفساد ومكافحته في المغرب، عاد مرصد العمل الحكومي، ليدُق هو الآخر إنذار الخطر إزاء اتساع رقعة هذه الافة وتغلغلها في أوصال الاقتصاد الوطني، لتصل إلى 50 مليار درهم سنوياً – وهو رقم غير مسبوق ينذر بعواقب وخيمة – تتنافى وتفاعل الحكومة  المتهاون إزاء مواجهة الفساد الذي بات يقوض الثقة في مؤسسات الدولة، ما يمكن أن يُشكّل انحداراً خطيراً في مسار الإصلاح.

وتناول التقرير الصادر عن مرصد العمل الحكومي، معضلة الفساد في المغرب، الذي بات يشكل أحد أبرز التحديات التي تواجه حكومة عزيز أخنوش في سنتها الرابعة، سيّما وقد بلغت تكلفة هذه الظاهرة الخطيرة ما يزيد عن 50 مليار درهم سنوياً، مما يمثل نزيفاً حاداً لموارد الدولة، ويعطل عجلة التنمية الاقتصادية، ومع ما يترتب عليه من تدهور في مستوى معيشة المواطنين.

وما يزيد الوضع تأزماً، وفق التقرير ذاته هو التراجع الملحوظ في ترتيب المغرب على مستوى مؤشر إدراك الفساد العالمي، حيث انحدر من المرتبة 73 إلى المرتبة 97 خلال خمس سنوات فقط، ما يعكس تفاقم انتشار الفساد في مختلف القطاعات وضعف جهود مكافحته.

ورغم جسامة التحدي، سجّل التقرير ذاته، أن حكومة أخنوش لم تستطع تقديم خطة واضحة المعالم لمواجهة هذه الآفة، بل إن تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لعام 2023 كشف عن ضعف انخراط المؤسسات الحكومية في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، التي وُضعت منذ سنوات، مشيرا في السياق ذاته إلى غياب الالتزام الفعلي من قبل الجهات المسؤولة بتطبيق التدابير الموصى بها، مما أضعف السياسات الهادفة إلى تحسين الحكامة.

وفي ظل هذه التحديات، تجد الحكومة نفسها في مواجهة ضغوط متزايدة لتقديم حلول ملموسة تُعيد الثقة للمواطنين، وتُحسِّن مناخ الأعمال، وتساهم في جذب الاستثمارات، فكل تأخير في التصدي لهذه الآفة، ليس فقط يفاقم معاناة الاقتصاد الوطني، بل يُعمّق أيضاً الهوة بين الحكومة والمجتمع.

واشتكت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بدورها على هامش ندوة صحافية عقدتها لتقديم تقريرها السنوي لعام 2023 من ضعف المبادرات الحكومية بخصوص محاربة الفساد، وكذا ضعف التفاعل مع تقارير الهيئة وتوصياتها.

وقد حصل المغرب على درجة 100/38 في مؤشر مدركات الفساد برسم 2023، وهو ما يعني تراجعه بخمس 5 نقط خلال السنوات الخمس الأخيرة مكرّسا مسلسل التراجع في هذا المؤشر، والذي انطلق منذ 2018 حين حصل على نقط 100/43، وانعكس هذا التراجع أيضا على ترتيب المغرب، حيث انتقل من الرتبة 73 ضمن 180 دولة سنة 2018 إلى الرتبة 97 ضمن 180 دولة سنة 2023 متراجعا ب 24 رتبة خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وأبرز التشخيص الذي قامت به الهيئة، أن المغرب احتل على المستوى العربي الرتبة التاسعة مسبوقا بكل من الإمارات وقطر والسعودية والأردن والكويت وسلطنة عمان والبحرين وتونس ومتبوعا باثنتي عشرة دولة، ووقف على تراجع ترتيبه بدرجتين على المستوى الإفريقي محتلا مرتبة وسطى ومسبوقا بستة عشرة  دولة.

وباستقراء بعض المؤشرات غير المباشرة، تأكد للهيئة حسب تقريرها السنوي، تراجع المغرب على مستوى مؤشر الفساد السياسي الذي يصدره مشروع أنماط الديمقراطية V-DEM، وتراجعه على مستوى المؤشرين المتعلقين بتطبيق القانون والحكومة المنفتحة المتفرعين عن مؤشر سيادة القانون الذي يصدره مشروع العدالة العالمي، وكذا تراجعه في المؤشرات الفرعية المتعلقة باستقلال القضاء وحرية الصحافة والخدمات على الإنترنت والمنبثقة عن مؤشر النزاهة العمومية الذي يصدره مركز الأبحاث الأوروبي لمكافحة الفساد وبناء الدولة .(ERCAS) 

ومن زاوية بعض الاستقصاءات، رصدت الهيئة الفجوة الملحوظة بخصوص مدركات المواطنين حول فعالية جهود الحكومة للتصدي للفساد في الإدارة العمومية والتي خلص إليها البارومتر الإفريقي الذي أكد على تزايد الإدراك بتفاقم الفساد، خاصةً لدى الطبقات الفقيرة والمهمشة والمناطق النائية، مما يدل على أن تكاليف الفساد المرتفعة تتحملها الفئات الضعيفة.

ووفق التقرير ذاته، فقد وقفت الهيئة على احتلال الفساد المرتبة الثانية من بين العوائق الرئيسية أمام المقاولات في المغرب، حسب نتائج البحث الميداني الذي تم إنجازه من طرف البنك الدولي المتعلق بالمقاولات لسنة 2023، كما رصدت تطور وضعية الفساد في المغرب حسب مصادر البيانات المكونة لمؤشر الإدراك، فتبين لها الاستقرار المسجل على مستوى التنقيط بالنسبة لأربعة مصادر من بين سبعة مصادر للبيانات (7/4)، مع تسجيل تراجع بنقطة واحدة على مستوى مشروع أنماط الديمقراطية (V-Dem)، وتراجع بنقطتين على مستوى الدليل الدولي لمخاطر الدول (ICRG)، مقابل تسجيل تقدم بنقطتين بالنسبة لمصدر البيانات المتعلق بالمنتدى الاقتصادي العالمي.(WEF)

ومن زاوية متابعات القضاء الجنائي والمالي استظهر تقرير الهيئة حصيلة الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة التابع لرئاسة النيابة العامة والذي مكّن منذ بداية العمل به من تسجيل 243 عملية ضبط للمشتبه فيهم في حالة تلبس بجريمة الرشوة، يتوزعون أساسا على جهات مراكش آسفي، والدار البيضاء سطات، والرباط-سلا-القنيطرة، كما سلط التقرير الضوء على القضايا الرائجة أمام أقسام الجرائم المالية والتي بلغ عددها برسم 2022 ما مجموعه 716 قضية موزعة بين قضايا في طور البحث أو في طور التحقيق، أو في طور المرحلة الابتدائية، أو في المرحلة الاستئنافية.

ورصدت الهيئة، بخصوص القضاء المالي في شقه المتعلق بالقضايا ذات الصلة بالتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، عدد القضايا الرائجة أمام الغرفة المختصة على مستوى المجلس الأعلى للحسابات، برسم سنة 2022 وإلى متم أكتوبر 2023 بما مجموعه 15 قضية يتابع في إطارها 15 شخصا، مشيرا إنه أنه وصل مجموع مبالغ الغرامات المحكوم بها 1.372.000 درهم. وفيما يتعلق بالمجالس الجهوية للحسابات، فقد بلغ عدد القضايا المرفوعة أمامها ما مجموعه 76 قضية يتابع في إطارها 116 شخصا، أما بخصوص الأفعال التي قد تثير المسؤولية الجنائية، فقد تم برسم  2023-2022 إحالة 18 ملفا جنائيا إلى الجهات القضائية المختصة.

هل سيغير قرار محكمة العدل الأوروبية من واقع ملف الصحراء؟

قضت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بـ" بإبطال" اتفاقين تجاريين يتعلقان بالفلاحة والصيد البحري بين الرباط والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي. المحكمة التي يوجد مقرها بلوكسمبورغ وتسهر على "تطبيق" قانون الاتحاد الأوروبي ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...