مشروع الملعب الكبير بالحسيمة.. كيف أضحى "صغيرا" في الواقع بميزانية تصل إلى 30 مليارا؟
تسود حالة من التذمر لدى الوسط العام الرياضي المغربي، بصفة خاصة، حول مشروع إنجاز الملعب الكبير لكرة القدم بمدينة الحسيمة، والذي اقترب من أن يرى النور، بعد إتمام جل مراحل تشييده، حيث لم يرق التصميم الحالي لحجم الانتظارات، خاصة في ظل عدم مطابقته للتصاميم المعلن عنها في السابق.
في 16 يونيو 2017، أعلنت وزارة الشباب والرياضة عملية فتح الأظرفة الخاصة بمشروع الملعب الكبير لمدينة الحسيمة، في إطار مخطط التنمية المجالية لإقليم الحسيمة 2017-2019، بغلاف مالي يصل إلى 266 مليون درهما، منها 38 مليون من أجل إحداث الملعب الكبير داخل القرية الرياضية التي تضم أيضا مسبحا أولمبيا وقاعة متعددة.
في هذا الصدد، كانت مندوبية وزارة الشباب والرياضة، قد أعلنت، عبر موقعها الرسمي، عن انطلاقة أشغال بناء الملعب في إطار المشروع الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس في أكتوبر 2015، حيث بلغت التكلفة الإجمالية لتشييده قرابة 250 مليون درهما (المصرح بها رسميا)، على أن تبلغ الطاقة الاستيعابية 35 ألف مقعدا، 400 منها خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.
باستثناء المظهر الخارجي للملعب الذي طابق "الماكيت" الأولي، فإن المنشأة الرياضة خرجت إلى أرض الواقع، تحمل معها عدة تشوهات، لا على مستوى الهندسة الداخلية أو حتى تطابقها مع متطلبات العصر، ما يحيل إلى طرح تساؤلات حول مسؤولية مهندسي المشروع الذي رصدت له ميزانية ضخمة ضمن مشروع تنموي للمنطقة ككل.
وفي بحث بسيط عن الجهة التي تكفلت بإنجاز الهندسة المعمارية للملعب الكبير لمدينة الحسيمة، قمنا بزيارة للموقع الرسمي لشركة "Omnium Technologique"، وهو مكتب هندسي، مقره بالعاصمة الرباط، متعدد التخصصات يقدم الخدمات الفكرية اللازمة لإنجاز جميع المشاريع في مجال البناء.
وإن كان المكتب السالف الذكر، الذي فاز بصفقة إنجاز الملعب الكبير لمدينة الحسيمة، يحظى بثقة عدة شركاء، على غرار المكتب الشريف للفوسفاط، صندوق الإيداع والتدبير، الوكالة الوطنية للموانئ، بالإضافة إلى مختلف البنوك الوطنية، فإن مشروع تهيئة المنشأة الرياضية، حظي بعدة انتقادات، بعد إنجاز أكثر من 80 بالمئة منه.
في سنة 2022، ظهر الملعب الكبير للحسيمة، في حلة غير عصرية، لا على مستوى هندسة مدرجاته أو تناسق مظهره الداخلي مع الخارجي، ناهيك عن طاقته الاستيعابية المتواضعة مقارنة مع حجم المنشأة، والتي لا تضاهي حتى الملاعب الكبرى داخل المغرب وإفريقيا، رغم حداثتها.
معلوم أيضا أن الشركة التي كلفت بإنجاز مشروع الملعب الكبير للحسيمة، بغلاف مالي يصل إلى 300 مليون درهما (وفق موقعها الرسمي)، هي التي تفتخر بجواهر معمارية أخرى، على غرار منارة "محمد السادس" بالرباط، أو المسرح الكبير بالعاصمة، معرض لوداية، مؤسسة الفرس بالجديدة، برج بنك "التجاري" ومنشآت معمارية أخرى..
في بطاقة تعريفية بإنجاز مشروع الملعب الكبير، تحدث المكتب عبر موقعه الرسمي، عن إنجاز ملعب كرة القدم سعته 13 ألف مقعد، مصادق عليه من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وذلك عبر مساحة 22 ألف متر مربع.
تضارب في الأرقام والمعطيات حول مشروع الملعب الكبير لمدينة الحسيمة يسائل الجهات المحلية المختصة، والتي تعاقبت على التدبير من إطلاق المشروع سنة 2015، فضلا عن تحديد مسؤوليات الشركات التي تكفلت بإنجاز المشروع ومدى ملاءمته لدفتر التحملات، علما أن الملاعب الكروية أضحت تستلزم معايير خاصة من أجل المصادقة على احتضانها للمسابقات القارية والدولية.