مشروع قانون المسطرة المدنية يورّط وهبي من جديد.. المحامون مضربون ويتهمون الحكومة بالتعدي على العدالة

 مشروع قانون المسطرة المدنية يورّط وهبي من جديد.. المحامون مضربون ويتهمون الحكومة بالتعدي على العدالة
الصحيفة - خولة اجعيفري
الخميس 25 يوليوز 2024 - 21:00

أشعل وزير العدل عبد اللطيف وهبي، فتيل الإضرابات والاحتجاجات في القطاع عقب نجاحه وبعد جلسة امتدت لسبع ساعات ووُصفت بـ "الماراثونية" في تمرير مشروع قانون المسطرة المدنية بالغرفة الأولى للبرلمان،  الذي أغضب المحاميين ودفعهم لخوض إضراب يمتد لثلاثة أيام ردا على ما وصفوه بـ "تراجعات" قانون المسطرة المدنية، التي باتت تُشكّل "ذبحة وردة في القطاع وتتهدّد الحق في العدالة للمواطنين في زمن الغلاء وتعرقل تنزيل ميثاق الاستثمار الجديد وتقتل المقاول، وفق النقيب الزياني الذي استنكر سير القانون وفق "سرعة سياسية غريبة".

وصادق مجلس النواب بالإجماع، في ساعات متأخرة من مساء الثلاثاء الماضي على مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، الذي ظفر بموافقة 104 نواب، ومعارضة 35 نائبا، دون تسجيل أي امتناع، بعدما قبلت الحكومة حوالي 321 تعديلا على مشروع القانون بنسبة تُمثل 27% من مجموع التعديلات التي تقدمت بها فرق الأغلبية والمعارضة بالغرفة الأولى، وفق ما أكده وزير العدل، عبد اللطيف وهبي في معرض تقديمه لمشروع القانون، وهو يُشدد على أن هذا القانون يصبو إرساء قواعد الاختصاص النوعي على مبدأي وحدة القضاء والتخصص، من خلال ملاءمة قواعد الاختصاص النوعي مع القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي، ودمج جميع الأحكام والنصوص القانونية الخاصة بكل من القضاء الإداري والقضاء التجاري وقضاء القرب، فضلا عن نسخ المقتضيات المتعلقة بالغرف الاستئنافية بالمحاكم الابتدائية، تبعا لكونها حذفت بمقتضى قانون التنظيم القضائي، وتعزيز دور القضاء في ضمان حسن سير العدالة، والارتقاء بمستوى أدائها، من خلال تبسيط المساطر والإجراءات القضائية.

ومُقابل الأهداف الزهرية للحكومة التي عبّر عنها وزير العدل تحت قبة المؤسسة التشريعية وهو يعد بأن يمكن مشروع القانون من ضمان الحماية القانونية الكاملة لحقوق المتقاضين وتحقيق النجاعة، والارتقاء بمستوى الخدمات القضائية من خلال إعطاء القاضي دورا إيجابيا في تدبير سير الدعوى وتعزيز صلاحياته تسهيلا لمهمة الفصل، فضلا عن تقوية حق الدفاع من خلال التأكيد على دور المحامي على مستوى تمثيل الأطراف أمام القضاء حتى في حالة الدعاوى التي تطبق فيها المسطرة الشفوية، (مقابلها) خرجت أسرة المحامين، لتعرب عن غضبها الكبير من تمرير هذا القانون "النشاز والرجعي" وفق تقديرها، وهي تشهر على لسان جمعية هيئات المحامين بالمغرب ورقة الإضراب عن العمل لمدة ثلاثة أيام، هي الثلاثاء الأربعاء والخميس 23 ، 24 ، 25 يوليوز الجاري، ردا على ما وصفته بـ "تراجعات قانون المسطرة المدنية "، التي تضرب مهنة المحاماة بوصفها " شريك في تحقيق العدالة وفي الإصلاح العميق والشامل لمنظومتها وليست ولم تكن يوما مشكلا كما يروج له البعض".

وفي تصريح خص به "الصحيفة"،  قال رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، والنقيب السابق للهيئة الحسين الزياني إن مشروع القانون، يحتوي بين دفتيه على تراجعات ومساس خطير وغير مسبوق في تاريخ المغرب بعدد من المقتضيات الدستورية، كما أنه يضرب بعمق في حق المواطن باللجوء إلى القضاء ودرجاته، وأيضا بميثاق الاستثمار الجديد، على اعتبار أنه وضع معيارا ماليا يتراوح بما بين بـ 30 و80 ألف درهما.

وأشار النقيب السابق، إلى أن الإضراب الذي اتخذته الهيئة المهنية كان ناجحا وتميز بانخراط جميع أفراد هيئات المحاميين فضلا عن النقباء وأعضاء مجالس الهيئات بتدبير قضايا المتقاضين بنسبة تلامس الـ 100 في المائة، موردا: " جسم المحاماة على وعي تام بضرورة الانخراط في الخطوات الاحتجاجية وصوتنا واحتجاجنا على هذا القانون لن ينته في التوقف عن العمل، فالمؤكد أننا لن نسكت على تمرير مثل هذا القانون، كوننا مجندون في الصف الأول للدفاع عن مصالح الوطن العليا ولطالما كانت مواقفنا تراعي الأصول والثوابت الوطنية، وليتحمل المسؤولية من يسعى إلى إجهاض المهنة ومعها إجهاض العدالة".

وجوابا على سؤال "الصحيفة" حول اعتماد وزارة العدل على المقاربة التشاركية في صياغة مشروع القانون أو تواصلها مع المهنيين والهيئات المعنية، قال الزياني: "نحن لم نرفض أبدا الحوار والتفاوض وقد تداولنا في الهيئة بشأن مشروع القانون منذ مارس 2024 وكان مبدأنا وعن قناعة أنه سندخل في إطار التشارك والحوار وهذا ما كان إذ انفتحنا على البرلمان والسلطة القضائية وكان تفاعل من طرفهم أيضا، كما قدمنا مذكرات وحضرنا في البرلمان وناقشنا في إطار ندوات علمية ولجان أكاديمية الكثير من النقط في مشروع القانون، وهذا ما أفرز أن قدمنا مذكرات للوزارة خلصت جميعها إلى أن هذا القانون نازلة لا تساءل العدالة، وكذلك المقترحات قدمناها في ثلاث مذكرات متفرقة لكن لم تؤخذ بعين الاعتبار في النهاية ولم تجد آذانا صاغية وخفي عنهم دورنا التاريخي كمحامون".

وشدّد المتحدث، على أن مشروع القانون الذي تُحاول الحكومة تسريع وتيرته وفق زمنها السياسي وسرعتها السياسية لأهداف معينة، يشكل "ردة وتراجعا كبيرا، مقارنة مع قانوننا الحالي الجاري به العمل ودستور 2011 الذي يعد  من أرقى الدساتير في العالم، كما يتنافى ومسار بلدنا في البناء الديمقراطي والحقوقي الذي لا رجعة فيه، والسياسة العامة في البلاد السائرة في مسار تقدمي، وكذا توجيهات الملك محمد السادس التي قال فيها  إن القضاء في خدمة المواطن، لكن كيف يحقق ذلك مع جعل القضاء ذو معيار قيمي مالي؟ حسب القانون الجديد، إذا لم يتوفر المواطن على  30 ألف درهم لا يحق له المرور إلى المحكمة أو محكمة النقض".

وتابع اللنقيب السابق: "أكيد لدينا تضخم على مستوى الملفات في قضايا المحاكم، لكن هذه مسألة يمكن معالجتها بمعايير مراعية عوض السقف الكبير الذي يتراوج ما بين 80 و30 ألف درهم ابتدائيا، فهو لم يراعي الطبقات الاجتماعية المتضررة، كما لم يراعي مساعي بلدنا في التنزيل السليم لميثاق الاستثمار الجديد، الذي يتكلم على المقاولات المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، هذه الاخيرة القيمة المالية تتراوح لديها بحوالي 10 ألاف درهم أو 20 ألف تحصيل الديون، وهذه ليست عدالة اجتماعية بالمطلق في زمن الغلاء والأسعار الصاروخية من المفترض أن نحس بهموم المواطنين، ويجب التفكير في جودة منتوج العدالة، نحن بهذا القانون نقتل المقاول ونقول له ليس من حق الاستئناف والنقض".

ونبّه رئيس هيئة المحامين،  إلى أن مشروع القانون هو أيضا يروم التضييق على مهام المحامي عوض توفير بيئة صالحة للعمل، مشيرا إلى أن مهنة المحامات باتت تستقطب 18 ألف محامي في الآونة الأخيرة هم غالبا من شباب المغرب، إذ أصبحت هذه المهنة هي رقم 2 بعد الدولة، كما يتخرج منها 5000 محاميا في السنة في حاجة لتوفير بيئة اشتغال او الاستثمار في الشباب.. هذا المشروع سار وجميعنا نعلم بسرعة سياسية كبيرة وكان لابد من التدخل ووضع موقع لأننا نساهم في البناء الحقوقي لبلادنا".

واشتراط مشروع  القانون، تجاوز سقف معيّن في قيمة الحكم الابتدائي من أجل الاستفادة من حق الطعن بالاستئناف، ووضع عتبة أخرى للحصول على حق الطعن بالنقض، إلى جانب تنصيص المشروع على إمكانية استعانة المواطن ب"وكيل" يؤازره أمام القضاء بدل محام، واعتماد مساطر جديدة للتقاضي بطرق إلكترونية في بعض القضايا، أغضب محامو المغرب، وفق الزياني الذي استغرب منطق تسقيف الحق في الطعن بالاستئناف، وتحديد العتبة الضرورية في ثلاثين ألف درهم، في وقت تدعي الحكومة مساعدتها للمقاولات الصغيرة جدا.

وشدّد على أحقية المواطن في الولوج إلى العدالة بأريحية لكن مع شخص ملمّ بالقوانين، لافتا إلى أنه من أحد بنود مشروع القانون أنه يحق له إمكانية سلك بعض المساطر القضائية دون الاستعانة بمحام، وإضافته مقتضى الاستعانة بوكيل، وهو ما استغربه الزياني، متسائلا: "كيف لشخص غير ملم بالقوانين أن يتحدث لغة القانون ويدافع عن موكله؟".  

نُخبة الجزائر المتخلفة !

لم يبق للمرشحين للانتخابات الرئاسية الجزائرية التي ستجرى في السابع من سبتمبر المقبل إلاّ أن يُصَلُوا للعلي القدير علانية لمطالبة السماء أن تختفي المملكة المغربية من الخريطة ذات صباح! فالعداء ...

استطلاع رأي

في رأيك، من هو أسوأ رئيس حكومة مغربية خلال السنوات الخمس والعشرين من حكم الملك محمد السادس؟

Loading...