من القصر الكبير إلى علال التازي.. هل فشلت حكومةٌ تنال أكثر من ملياري درهم من ضرائب الخمور في محاصرة "الماحيا" القاتل؟
للمرة الثانية خلال أقل من سنتين يشهد المغرب فاجعة بسبب المشروبات الكحولية التي يجري تصنيعها محليًا، والمسماة "الماحيا"، وذلك بعد وفاة 8 أشخاص على الأقل بمنطقة سيدي علال التازي بنواحي القنيطرة، من ضمن 114 شخصا أصيبوا بتسمم الميثانول، بعد واقعة أخرى حدثت في القصر الكبير سنة 2022 وأدت إلى وفاة 21 شخصا.
وتعيد هذه الفاجعة طرح العديد من علامات الاستفهام بخصوص تعامل الحكومة مع ملف المشروبات الكحولية، التي لا تزال تراوح مكانها بين المسموح والممنوع، في ظل ارتفاع عائدتها الضريبية في قانون المالية الحالي من ملياري درهم يتم ضخها في الخزينة العامة للدولة من مستخلصات بيع الخمر والكحول والجعة بمختلف أنواعها.
وضمن المذكرة التقديمية لمشروع قانون مالية 2024، كشفت الحكومة أن الضريبة الداخلية على الاستهلاك ستنتقل من 850 إلى 1500 درهما للهكتوليتر من الخمور أي لكل 100 لتر، كما سترتفع من 1150 إلى 2000 درهما للهكتوليتر من الجعة، ومن 18.000 إلى 30.000 درهما للهكتوليتر من الكحول الصافي.
وتتوقع الحكومة أن تجمع 887.350.000 درهما مستخلصة من الرسوم المفروضة على الخمر والكحول، و1.127.700.000 درهما من الرسوم المفروض على أنواع الجعة، أي ما مجموعه 2.015.050.000 من المداخيل الضريبية على المواد الكحولية.
الزيادات الضريبية تشمل مادة الكحول الإيثيلي التي تحضر بها أو تحتوي عليها "مياه الحياة" أي "الماحيا" والمشروبات الروحية وفاتحات الشهية والفرموت والفواكه المصبرة بالكحول والخمور العذبة، وعصير العنب الممزوج بالكحول والحلويات المحتوية على الكحول والمشروبات الروحية الأخرى، وفق الوثيقة نفسها.
هذه الزيادة في الحكول الإيثيلي أو الإيثانول، واجهها المصنعون المحليون للمشروبات الكحولية باستخدام نوع آخر من الحكول، وهو الميثانول، المستعمل أساسا لأغراض صناعية و طبية، والذي يمكن أن يؤدي استعماله بكميات زائدة إلى الموت أو إلى الإصابة بالعمى، وهو أمر لم تستطع الحكومة مواجهته، إذ لا زالت صناعة "الماحيا" تنتشر في العديد من المناطق.
وفي شتنبر من سنة 2022، لقي 21 شخصا مصرعهم في ظرف 3 أيام فقط، بسبب التسمم بواسطة "الماحيا" في القصر الكبير نتيجة استمال كحول الميثانول، الأمر الذي انتهى بإدانة المتورط الرئيسي والحكم عليه بـ15 سنة سجنا نافذا في أبريل من سنة 2023، والحكم بسنتين نافذتين ضد شخصين آخرين متورطين في الملف نفسه.
واليوم الأربعاء، قالت المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة الرباط سلا القنيطرة، أنه تم ما بين الساعة السادسة مساء من يوم الاثنين 3 يونيو إلى حدود الساعة الثامنة صباحا مساء من يوم الأربعاء 4 يونيو 2024، تسجيل حالات إصابات تسمم بمادة "الميثانول" في صفوف 114 شخصا على جماعة مستوى سيدي علال التازي التابعة ترابيا لإقليم القنيطرة، تم تأكيدها مخبريا من طرف المركز المغربي لمحاربة التسمم ولليقظة الدوائية بالرباط.
وأدى تناول هذه المادة إلى تعريض هؤلاء الأشخاص لمضاعفات تسمم وخيمة، حيث تسببت في وفاة 8 أشخاص، 7 منهم تم تسجيل وفاتهم على مستوى المركز الاستشفائي الإقليمي الإدريسي بالقنيطرة، فيما تم تسجيل حالة وفاة أخرى على مستوى مستشفى الزبير سكيرج بسوق الأربعاء الغرب، وفق البلاغ.
وتوجد 81 حالة إصابة أخرى تحت الرعاية الطبية عبر مختلف المراكز الاستشفائية التابعة للجهة، ويتعلق الأمر بـ 28 حالة بالمركز الاستشفائي الإقليمي الإدريسي بالقنيطرة، من بينها 3 حالات توجد بمصلحة الإنعاش، فيما تم تسجيل مغادرة 38 شخص المستشفى بعد تحسن حالتهم.
كما تتواجد 40 حالة بالمركز الجهوي مولاي يوسف بالرباط منها حالتان تمت إحالتها على مصلحة الإنعاش بمركز تصفية الدم بالمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط نتيجة مضاعفات تناول هذه المادة، فيما تخضع 20 حالة لتصفية الدم بذات المؤسسة الاستشفائية.