مواصلة الجزائر تدخلها "السياسي" في شؤون دولة مالي يزيد من تعميق التوتر القائم بينها وبين باماكو
كشفت تقارير إعلامية دولية عن تدخل جديد من الجزائر لدى روسيا بهدف إيقاف هجوم كان النظام المالي يستعد لشنه على جماعات انفصالية في شمال البلاد بمساعدة من قوات "فاغنر" الروسية، وهو ما يُعتبر -وفقا للتقارير- امتدادا لتدخل الجزائر المستمر في شؤون مالي، مما يزيد من تعميق التوتر القائم بين البلدين الجارين.
وأشارت ذات التقارير، إلى أن النظام المالي كان يخطط لتنفيذ هجوم كبير على الجماعات الانفصالية في منطقة الأزواد، المعروفة بدعم الجزائر لها، وكان من المتوقع أن يتم هذا الهجوم بمساندة من قوات "فاغنر" الروسية التي تشارك إلى جانب الحكومة المالية في عمليات عسكرية ضد الجماعات المسلحة، لكن يبدو أن هذا الهجوم قد تم تعليقه بعد تدخل جزائري مباشر لدى موسكو.
وحسب قراءات التقارير الإعلامية الدولية، فيُعتقد أن الجزائر نجحت في إقناع روسيا بعدم دعم العملية العسكرية التي كان النظام المالي يستعد لتنفيذها في شمال البلاد، كما يُعتقد أن الجزائر اتخذت هذه الخطوة لحماية الجماعات الانفصالية التي تعتبرها جزءا من مصالحها الاستراتيجية في منطقة الساحل الإفريقي.
ومن المرجح أن يُنظر إلى هذا التدخل من طرف نظام باماكو على أنه انتهاك مباشر لسيادة مالي وتدخل غير مبرر في شؤونها الداخلية، خصوصا في ظل التوترات المتزايدة بين البلدين، ولا سيام أن العلاقات الثنائية تشهد منذ شهور توترا غير مسبوق، زادت حدته بعد اتهامات مالية متكررة للجزائر بدعم الحركات الانفصالية في منطقة الأزواد.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن خطوة الجزائر بالتدخل لدى روسيا قد تؤدي إلى تعميق الخلافات مع باماكو، التي تسعى جاهدة لفرض سيطرتها على كافة أراضيها وإنهاء التمرد الانفصالي المستمر في الشمال، كما قد يفسر النظام المالي هذا التدخل على أنه محاولة من الجزائر لعرقلة جهوده الرامية إلى بسط الأمن والاستقرار في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الانفصالية.
وظهرت ملامح الأزمة الشديدة بين الجزائر ومالي مؤخرا بشكل كبير، في ردهات الأمم المتحدة، بعد دخول ممثلي دبلوماسية البلدين في مواجهات كلامية على منبر الجمعية العامة بنيويورك، حيث كان قد ألقى وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، خطابا تضمن ردا على خطاب سابق لوزير الدولة والمتحدث بإسم الحكومة الانتقالية المالية العقيد عبد الله مايغا، الذي كان قد اتهم الجزائر بـ"دعم الإرهابيين" الذين يرفعون السلاح في وجه الدولة شمالي البلاد.
وجاء في كلمة لأحمد عطاف من ضمن خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار أشغال الدورة الـ79، قوله: "لقد تفوه ممثل دولة من هذا الجوار ومن هذا الفضاء (يقصد وزير الدولة ووزير خارجية مالي الكولونييل عبد الله مايغا) وتجرأ على بلدي، بكلام وضيع، لا يليق البتة بوقار مقام كهذا، ولا يصح البتة، مجاراته في الانداع اللفظي التافه والدنيء".
وأضاف عطاف قائلا "إن مثل هذه اللغة المنحطة، قليلة الأدب، لن يرد عليها بلدي إلا بلغة مؤدبة راقية، وهي اللغة التي تعكس بصدق وفاءه وإخلاصه لما يجمعه بدول وشعوب المنطقة من روابط متجذرة لا تتأثر ولا تهتز بالعوامل الظرفية العابرة في سوءها، وعلى رداءة من يقفون وراء إذكائها. ولدى بلدي إرادة صلبة ويد ممدودة، وصدر رحب، كلما اقتضت ظروف التعاطي مع كل أشقائنا، من أجل بناء صرح ساحلي ينعم بالأمن والآمان والسكينة".
وكان تصريح عطاف قد جاء بعد يومين من الخطاب الذي أدلى به وزير الدولة المالي، عبد الله مايغا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي اتهم من خلاله الجزائر بـ"إيواء إرهابيين" الذين يستهدفون مالي، منتقدا عدم احترامها لحسن الجوار.
وكان مايغا قد رد في جزء من خطابه على ما سبق أن أدلى به الممثل الدائم للجزائر في الأمم المتحدة، الذي اتهم النظام المالي باستهداف المدنيين في شمال البلاد باستخدام طائرات بدون طيار، وقال مايغا إن ممثل الجزائر يعتقد خطأً أن مالي ولاية جزائرية.
ووجه مايغا كلاما مباشرا للجزائر، في ذات الخطاب وقال "إن لم تكن الجزائر تحترم مالي بسبب وقوفها معها في حرب التحرير، ولم تحترم حسن الحوار والجغرافيا المشتركة بين الشعوب، فعليها أن تعلم أن مالي ليست ولاية جزائرية" وشدد على أن "مبادرة الجزائر ماتت" في إشارة إلى المبادرة التي كانت قد توسطت فيها الجزائر سنة 2015 لإيقاف المواجهات بين النظام المالي، وجماعات انفصالية أزوادية تنشط في شمال مالي.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :