نعيش أحلك سنوات المغرب سياسيا

 نعيش أحلك سنوات المغرب سياسيا
الصحيفة - افتتاحية
الأثنين 17 مارس 2025 - 3:12

يوم الخميس، 13 مارس الجاري، قرر الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوسا، حل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في 18 ماي المقبل، وذلك بعد حجب الثقة عن رئيس الوزراء اليميني المعتدل لويس مونتينيغرو على خلفية شبهات تتعلق بتضارب المصالح، على صلة بشركة مملوكة لزوجته وأولاده.

وتوجد في قلب هذا الجدل، شركة استشارات وعقارات مملوكة لزوجة رئيس الوزراء البرتغالي وأبنائه، والتي تربطها عقود مع عدة شركات خاصة، بما في ذلك "سولفيردي"، وهي مجموعة فنادق تخضع أنشطتها لامتيازات تمنحها الدولة.

يحدث هذا في البرتغال، التي تبعد عنا في المغرب بـ 148 ميلاً بحرياً٫ لكن هذه الأميال هي عمر طويل من الديمقراطية، والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، والعدالة التي لا ترحم غنيا أو فقيرا.

وإن كان للبرتغال رجال يؤمنون بالديمقراطية، والشفافية، وأصابعهم على زناد الرصاص السياسي الذي يمكن إطلاقه على كل من حاول التلاعب بمصالح البلاد، فإننا في المغرب، وصلنا إلى الحضيض السياسي، وإلى البؤس في احترام الدستور، وإلى الجشع القاتل في تغليب المصالح الخاصة على مصالح البلاد والعباد، دون أن تتحرك السلطات التي يخول لها القانون تحريك المتابعات، ولا قيل إن ما يحدث يقتل مستقبل البلاد، ويفقد الناس الثقة في الحكومة، وربما في الدولة، وهذا أخطر ما يمكن أن يحدث.

وزير في الحكومة، يستعمل شاحنة تابعة للجماعة في توزيع مساعدات تابعة لحزبه، ويسخر أدوات الدولة لخدمة أجندات حزبه السياسية، ومع ذلك، لم يحدث شيء، لا خجل الوزير من نفسه، ولا اعتذر حزبه، ولا قال له رئيسه في حزب" الأحرار" والحكومة إن هذا لمنكر، بل حتى عامل الإقليم الذي يمثل الدولة، أصدر بلاغا يتيما "يحذر" و"يندد" وكفى المغاربة شرّ اللغو.

قبل ذلك، كانت شركة عزيز أخنوش، وهو رئيس نفس الحزب "التجمع الوطني للأحرار"، ورئيس الحكومة، تفوز بصفقة ضخمة لمحطة تحلية مياه البحر لجهة الدار البيضاء- سطات بما يزيد عن المليار دولار، حيث سيبيع أخنوش من خلال هذه الصفقة، مياه الصنابير التي يتم تحليتها من البحر لمدة 27 سنة، لساكنة تزيد عن السبعة ملايين مغربي بالثمن الذي سيراه مناسبا. ولأننا لسنا في البرتغال، فلا البرلمان احتج، ولا الرجل خجل من نفسه لتضارب المصالح القاتل الذي وقع فيه، ولا الدولة قالت لأخنوش أنك تفسد ما تبقى من السياسة في هذا البلد.

نفس، الشخص، وهو عزيز أخنوش، ونفس الشركة، وهي "إفريقيا غاز" ستعقد صفقة ضخمة أخرى مع شركة "ساندي إينرجي" البريطانية لاحتكار "غاز تندرارة"، دون أن يتدخل مجلس المنافسة، في المقابل استفادت الشركة البريطانية من مراجعة ضريبية بملايين الدولارات، بل إن رئيس الحكومة عبر شركته "إفريقيا" أصبح مساهما في الشركة بعد شراء جزء من أصول "ساندي إينيرجي" مقابل 2,8 ملايين دولار في تضارب قاتل للمصالح، ولمنصبه الحكومي، ومع ذلك، لا أحد قال في هذه البلاد إن هذا خط أحمر يقتل مصداقية الدولة.

وبما أن البلاد غارقة في كومة من الصمت القاتل، فقد زاد أخنوش من صفقاته، حيث أعلن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE) في الخامس من دجنبر 2024 عن توقيع عقد توريد الوقود مع شركة أفريقيا SMDC، التابعة لمجموعة أكوا المملوكة لعائلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بقيمة تصل إلى 2.443 مليار درهم.

ولتزيدنا الحكومة من الشعر بيتا، خرج وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، بتصريح عبارة عن فضيحة سياسية، حيث أكد خلال استضافته في برنامج "Le Debrief" على قناة "ميدي 1 تيفي"، عن وجود حوالي 18 مضاربا يتحكمون في سوق اللحوم الحمراء بالمغرب، مشيرًا إلى أنهم قاموا بزيادة هوامش الربح بشكل غير مبرر، لتصل إلى 40 درهمًا، مقارنةً بـ 20 إلى 25 درهمًا في السابق.

الوزير يقول للمغاربة إن 18 مضاربا (يعرفهم طبعا) يتحكمون في مصير 36 مليون مغربي، دون أن تستطيع الحكومة أن تحرك في حقهم المتابعة بتهم مختلفة لعل أقلها الاحتكار. وهو ذات التصريح الذي عززه وزير التجهيز والماء، نزار بركة حينما أكد في تجمع حزبي أن الحكومة (الذي هو عضو فيها) وجهت دعما لموردي الأغنام بقيمة 500 درهم عن كل رأس غنم، قبيل عيد الأضحى الماضي، على أساس أن يبيعوا للمغاربة كل رأس غنم بـ 2000 درهم، وهو ما لم يحدث حيث استفاد هؤلاء الموردين من الدعم، وقاموا ببيع الأغنام بـ 4000 درهم لكل رأس.

ما قاله، رياض مزور، أو نزار بركة، هو فضيحة كاملة الأركان. فضيحة سياسية لأن نزار بركة هو أمين عام حزب "الاستقلال" الذي يشكل الأغلبية الحكومية، وأحد وزراء الحكومة، وفضيحة قانونية تحتاج لمتابعة قضائية لأن المسؤول عن هذا الدعم والاستيراد هو وزير ينتمي لنفس الحزب ومسؤول عن وزارة الصناعة والتجارة، إسمه رياض مزور، كما أن هذه التصريحات هي فضيحة أخلاقية لأن الحزب عوض اتخاذ موقف في حينه، يوظف هذه المعطيات في الحملات الانتخابية وكأنه غير مسؤول عن قرارات الحكومة التي يشارك فيها.

الخلاصة، أن الضمير السياسي عند الأحزاب أصبح ميتا، والقيم الأخلاقية أو الحس الوطني عند السياسيين أصبح عملة نادرة، وإرث تاريخية انقضى مع شخصيات عاشت وماتت من أجل أفكارها وليس من أجل مصالحها.

نحن، اليوم، نعيش أحلك سنوات المغرب سياسيا، وفي زمن يعكس أضعف نخبة سياسية شهدها المغرب منذ استقلاله سنة 1956، حتى أصبح الجُرم في حق المجتمع، ومستقبل الدولة مقبول بشكل رهيب لا يصدق!

نعيش أحلك سنوات المغرب سياسيا

يوم الخميس، 13 مارس الجاري، قرر الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوسا، حل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في 18 ماي المقبل، وذلك بعد حجب الثقة عن رئيس الوزراء اليميني ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...