في عهد الملك محمد االسادس.. هل تدخل مدن الشمال مرحلة "إصلاح" ثانية؟
تعيش مدن الشمال، وبالخصوص تطوان والمضيق ومرتيل والفنيدق، على وقع الترقب، بعد قرار السلطات المغربية إيقاف التهريب المعيشي بباب سبتة، وهو القرار الذي جعل هذه المدن تقف مشلولة بعد عقود من الاعتماد على التهريب في إنعاش الحركة التجارية والاقتصادية بها.
الوضع الشبه الجامد الذي تعيشه مدن إقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق، جعلها تترقب تحرك السلطات العليا في البلاد، لإيجاد بديل للتهريب المعيشي، بديل يكون حقيقيا ويصمد أمام التغيرات التي يمكن أن تحدث في مقبل السنوات ولا يعيدها إلى الركود التجاري الذي تعرفه بين الحين والأخر.
ويزداد الترقب أكثر حدة مع تزايد الأنباء التي تتحدث عن عزم السلطات المغربية إيجاد بدائل في أقرب وقت لهذه المناطق المتضررة من إيقاف التهريب المعيشي بباب سبتة، أنباء عن عزم السلطات إحداث مناطق تجارية واستثمارات اقتصادية تمتص البطالة والمتضررين من إيقاف التهريب، فهل تدخل هذه المناطق مرحلة ثانية من "الإصلاح" بعد المرحلة الأولى في الألفية الأولى؟
إصلاحات الألفية الأولى
شهدت تطوان وعمالة المضيق الفنيدق في بداية الألفية الأولى، وبعد سنوات قليلة فقط من تولي الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية في سنة 1999، تغيرات جذرية غيرت من ملامح هذه المدن التي كانت غارقة في غياهيب النسيان، ومصدر رزقها الوحيد هو التهريب المعيشي وتجارة المخدرات.
قاد الملك محمد السادس إصلاحات كبيرة في هذه المناطق الساحلية، واتجهت هذه الإصلاحات صوب تجديد البنية التحتية، لتبدأ الأوراش الكبرى التي جعلت مدن كالفنيدق والمضيق ومارتيل، واجهات سياحية لا تختلف عن الوجهات السياحية بجنوب إسبانيا.
من أبرز المشاريع الإصلاحية التي أنجزت في العقد الأول من الألفية الجديدة بهذه المناطق، إحداث كورنيش سياحي في كل المدن الساحلية، الفنيدق والمضيق ومرتيل، وتوسيعة الطرق، وبناء الجسور، وإحداث الحدائق العامة والمناطق الخضراء، وبناء الفنادق الكبرى والإقامات السياحية، الأمر الذي جعل هذه المدن بعد سنوات قليلة من أشهر الوجهات السياحية في المغرب خلال فصل الصيف، وبدأت تستقبل الملايين من المصطافين المغاربة والأجانب.
لكن إذا كانت هذه الإصلاحات قد غيرت وجه هذه المدن نحو الافضل، وأصبحت أكثر حداثة وجمالية، إلا أن الوضع الاقتصادي بها ظل كما هو، حيث استمر الاعتماد على التهريب المعيشي، والرواج الصيفي، في حين تدخل في سبات وركود في فصل الشتاء.
إصلاحات اقتصادية
السؤال الذي يُطرح حاليا في ظل التطورات التي تحدث في هذه المناطق بعد إيقاف التهريب المعيشي، هو هل تدخل هذه المدن مرحلة "إصلاح" ثانية، يكون التركيز فيها هذه المرة على الإصلاحات الاقتصادية التي قد تُغير وجه المواطنين وتُعيد الأمل لهم في مستقبل أفضل؟ وتكون بذلك ثاني مرحلة إصلاح في عهد الملك محمد السادس؟
الأنباء التي تتواتر في المصادر الإعلامية الوطنية، حسب عدد من المتتبعين في شمال المغرب، تدعو إلى التفاؤل الحذر، حيث ذكرت عدد من المصادر الإعلامية المغربية بناء على مصادر مطلعة، أن هناك مخطط للسلطات بإحداث مناطق تجارية بكل من الفنيدق ومرتيل، ومشاريع اقتصادية بتطوان، من أجل إعادة توزيع العاطلين عن العمل على هذه الاستثمارات.
وتذكر ذات المصادر، أن السلطات المغربية تُفكر جديا في إيجاد بدائل اقتصادية حقيقية في إقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق، للقضاء على ظاهرة البطالة من جهة، وإنعاش الاقتصاد المحلي بهذه المناطق من جهة أخرى، وبالتالي يكون المغرب قد وضع حدا للتهريب وأنهى شكاوى المواطنين في هذه المدن الشمالية.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "ليكونوميست" المغربية الناشرة بالفرنسية، إن شركة "إيكيا" السويدية للمفروشات، تُعد أول شركة أعلنت عن استقرارها في المناطق التجارية التي سيتم إحداثها بين تطوان وعمالة المضيق الفنيدق، وسيتم إنشاء ثاني أكبر متجر لها في الشمال على مساحة تُقدر بـ4 هكتارات.
كما ذكرت المصادر الوطنية، أن هناك مناقشات من أجل فتح مخازن السلع بباب سبتة في الجانب المغرب، لاستيراد السلع من ميناء طنجة المتوسط، وبالتالي يُمكن لتجار تطوان وعمالة المضيق الفنيدق استيراد سلعهم بطرق قانونية، والعودة إلى الاشتغال وإنعاش الاقتصاد المحلي.
هذا ورغم هذه الأنباء التي تدعو إلى التفاؤل، إلا أن السلطات الرسمية المغربية لازالت لم تخرج بأي تصريح أو بلاغ يؤكد عزم المغرب إحداث مشاريع اقتصادية لإنعاش اقتصاد هذه المناطق، وهو الأمر الذي يجعل الترقب في هذه المناطق سيد الموقف حاليا، في انتظار تأكيد أو نفي صحة ما يتم تداوله.