هناك ما هو أهم من "ذباب الجزائر"!
لم تكن العلاقة بين المغرب والجزائر ممزقة كما هو حالها اليوم. عداء النظام الجزائري لكل ما هو مغربي وصل مداه. رئيس الدولة كلما أُتيحت له فرصة الحديث أمام وسائل الإعلام كان كلامه عن المغرب. رئيس أركان الجيش يصحو وينام على "العدو الكلاسيكي" الذي ليس غير المغرب. وزير الخارجية أحمد عطاف لا يركب طائرة لزيارة دولة ما إلاّ وهو يتأبط ملفا يخص الرغبة الجامحة في تقسيم الصحراء عن مغربها.
الإعلام العمومي في الجزائر من قنوات وإذاعات وصحف يبحث تحت كل قشة عن خبر يخص المغرب يفتتح به نشراته ويضعه على صدر صفحات جرائده بعناوين لا بد أن تكون حاملة لزاد كبير من الإثارة عن المملكة. من مواضيع مصنوعة تخص الملك إلى أخرى تخص فوزي لقجج والفقر والتخلف والزلازل والبؤس وصيد الساحرات. كل شيء يمكن أن يُكتب عنه أو يذاع أو ينشر في الإعلام الجزائري إن تعلق الأمر بالمملكة المغربية سواء كان صحيحا أو يجعلوه صحيحا ويصدقون ذلك! بمعنى آخر يكذبون ثم يكذبون ثم يكذبون حتى يصبح كذبهم في "جماجم الجزائريين" حقيقة مُفترى عليها!
أكثر من ذلك، هناك جيش عرمرم على مواقع التواصل الاجتماعي تابع للمخابرات الجزائرية أو يعمل لصالحها ينتج يوميا آلاف التغريدات والتعاليق والأخبار الزائفة عن المغرب. وهكذا، تصبح المملكة حاضرة في لا وعي المواطن الجزائري على أنها العدو الأبدي الذي يجب على الجزائري البسيط أن يصنع من كرهه خبزا يوميا بِوجود سَبَبٍ أو بدونه.
الصورة قاتمة، ومؤسفة، ومظلمة، وبائسة في الوقت ذاتها، لكنها الصورة الحقيقية التي تحدث يوميا في انحراف خطير لصنع مستقبل أفضل في المنطقة التي تهوي إلى الخراب بالتقسيط.
فالشعب الجزائري أصبح جائعا في مدى كرهه للمغرب بعد سنوات من التدجين الإعلامي في بلاده الذي يعتقد بوهمه الخاص أنه يصنع جدارا يحمي به سبب وجود النظام العسكري، من خلال صناعة عدو خارجي وغرس الخوف في قلوب الجزائريين حتى لا يطالبوا بحقوقهم في العيش الكريم والاستفادة من ثروة بلادهم من النفط والغاز التي تغذي خزينة الدب الروسي والتنين الصيني بملايير الدولارات نظير أسلحة تتكدس بمخازن الجيش الجزائري في انتظار حرب شنقريحة "المُقدسة" ضد "المروك"!
هناك الكثير من الضجيج على مواقع التواصل الاجتماعي يصنعه النظام الجزائري حول المغرب. ومن أجل ذلك، وظف مؤثرين كُثر من سوريا ومصر وفلسطين مقيمين في أوروبا وأمريكا ليكتبوا عن المغرب، وعن ملك المغرب، وعن جيش المغرب، وعن فقر المغرب، وعن تاريخ المغرب، وعن احتجاجات تقع في المغرب، وحتى عن وسائل النقل في المغرب.. واستعان النظام العسكري بالمئات من الصحافيين والحسابا المزيفة لتوزيع أخبار ونشرها للتأثير في الرأي العام الجزائري.
اليوم، يبدو أن رصيد الود بين المغاربة والجزائريين انتهى. وأصبح جسد العلاقة التاريخية بينهما مصابا بحروق من الدرجة الثالثة. والوعي أصبح هشا في هذا الباب، وحجم الحقد الذي ينزف في مواقع التواصل الاجتماعي بين الشعبين كبير وكبير جدا يصعب تجاوزه.
وإن كان الزمن في عُرف النظام العسكري الجزائري غير مُهم، ولهذا النظام النفس الطويل لسنوات وعقود أخرى لخوض "حرب الاستنزاف" ضد المغرب، فالمملكة يجب أن لا تنساق لهذا العبث المستمر منذ سبعينات القرن الماضي. ببساطة علينا طي الصفحة والانتقال إلى ما هو أهم. هناك ملفات أهم تنتظر الشعب المغربي. استكمال التغطية الصحية لكل مواطن مغربي وتفعيلها. تجويد التعليم ومحاربة الهدر المدرسي. تقوية القضاء ومحاربة الفساد بين ظهرانيه. دعم العدالة الاجتماعية ومحاربة الرشوة في الإدارة المغربية والسلطة ومن يملكون النفوذ داخل دواليب الدولة. العمل على تقوية الثقة بين الدولة والمواطن. العمل على استغلال كأسي إفريقيا 2025، وكأس العالم 2030 لتغير وجه البنية التحتية في المملكة، ووضعها على سكة الدول الصاعدة اقتصاديا.
هي مشاريع من بين أخرى تستحق من الدولة المغربية استنزاف كل الوقت للعمل عليها وترك "ذباب النظام الجزائري" يخضو معاركه الدونكيشوطية وهو عالق في عالمه الخاص يصنع وهمه الفريد على مواقع التواصل الاجتماعي، يسرق التراث، ويتحدث عن "تخلف المملكة" ويوهم الشعب الجزائري بأن دولته قوة عظمى!
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :