"هِبة" أم استغلال للأزمة؟.. الجزائر تقنع لبنان بوقف دعوى قضائية ضدها بسبب الوقود المغشوش بعد بعث شحنات مجانية من الفيول
تعمل الجزائر على استغلال أزمة الطاقة التي تعيشها لبنان حاليا، والتي تفاقمت بسبب الحرب الإسرائيلية عليها، من أجل طي فضيحة الوقود المغشوش، التي تعود إلى سنة 2020، إذ تستعد بيروت لإنهاء المتابعة القضائية ضد شركة "سوناطراك" الحكومية الجزائرية، مقابل توفير كميات من المواد الطاقية على شكل "هبة" إلى بيروت.
آخر تطورات هذا الملف، هو ما كشفت عه منصة "الطاقة" المتخصصة اليوم الخميس، والتي نقلت عن مصادر لبنانية تأكيدها أن "قرارا قريبا سيعلنه لبنان بخصوص هذه الأزمة، وهو طي صفحة الدعوى القضائية، وإعلان تعاون جديد بين البلدين"، وذلك بعد إعلان وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، أن الجزائر أرسلت شحنة وقود إلى بلاده.
المسؤول اللبناني كان قد كشف أن "سوناطراك"، الجهة الحكومية الجزائرية المتابعة قضائيا في هذه الفضيحة، تولت إرسال 30 ألف طن من الفيول إلى لبنان، متحدثا عن "دعم جزائري" للبنان من أجل التغلب على أزمة الكهرباء التي عانت منها بيروت قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
وكان ملف الدعوى القضائية ضد الجزائر، وراء عقد اجتماع للحكومة اللبنانية بتاريخ 17 أكتوبر الماضي، ترأسه نجيب ميقاتي، رئيس الوزراء، وحضره وزير المالية يوسف خليل، ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، ووزير الصناعة جورج بوشكيان، والأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، إلى جانب وزير الطاقة وليد فياض.
وحينها نقلت منصة "الطاقة" أيضا عن مصادر لبنانية قولها إن لبنان "سيغلق ملف شحنة الوقود الجزائرية المغشوشة، في ضوء تطور العلاقات بين البلدين، خاصة بعد وقوف الجزائر إلى جانب لبنان في محنته، وتقديم شحنة وقود هبة، لإنقاذ قطاع الكهرباء عندما انقطع التيار بشكل كامل".
وفي أواخر غشت الماضي، وصلت ناقلة نفط جزائرية إلى ميناء طرابلس بشمال لبنان، محملة بـ30 ألف طن من الوقود، كـ"دفعة أولى" من "المساعدات" الجزائرية للبنان، من أجل تشغيل محطات توليد الكهرباء، وذلك في ظل أزمة انقطاع التيار الكهربائي.
وحينها قالت "سوناطراك" إن هذه الخطوة أتت "تنفيذا لقرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، القاضي بدعم لبنان الشقيق بالطاقة ومساعدته على تجاوز أزمته"، مبرزة أن الوقود الذي بعثته "يتميز بجودته العالية من حيث كفاءة الطاقة وانخفاض محتواه من الكبريت، وهو ما يعد مطلبا ضروريا لإنتاج الكهرباء".
وفي مارس من سنة 2020، طفت على السطح فضيحة قيام "سوناطراك" ببعث شحنات كبيرة من الوقود المغشوش إلى لبنان، والتي تعدت قيمتها 3 مليارات دولار، الأمر الذي أدى إلى اعتقال 17 شخصا بأمر قضائي لتورطهم المحتمل في هذا الأمر، ما دفع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لفتح تحقيق في الأمر.
وكانت النائب العام لدى محكمة الاستئناف بمحافظة جبل لبنان، غادة عون، قد أمرت بتاريخ 25 أبريل 2020 بوضع 17 شخصا رهن الاعتقال الاحتياطي بمن فيهم مدير فرع "سوناطراك"، إثر فتح تحقيق حول شحنات من "الفيول" المغشوش، حيث واجه المشتبه فيهم اتهامات بالتلاعب في عمليات الاستيراد وتوزيع رشاوى على موظفين كبار للتغاضي عن هذه العملية، وهو التحقيق الذي جرى فتحه استنادا إلى شكاية وضعها المحامي وديع عقل، العضو بالمكتب السياسي للتيار الوطني الحر، الحزب الذي ينتمي له رئيس الجمهورية حينها، ميشيل عون.
ووفق هذه الشكاية، فإن الأمر يتعلق بعمليات استيراد للمحروقات بقيمة 36 مليار ليرة لبنانية، وجرى سداد قيمتها بالدولار لصالح "سوناطراك" من الخزينة العامة للبنان وهو ما كلفها 3,3 مليارات دولار، قبل أن يتضح أن الشحنات المتوصل بها غير مطابقة للمواصفات المتفق عليها، وهو الأمر الذي لم تنفه الشركة الجزائرية في بلاغ توضيحي، وقالت إنها بالفعل تلقت مراسلة من وزارة الكهرباء والماء اللبنانية بتاريخ 30 مارس 2020 تتحدث عن وجود عيب في نوعية الشحنة المسلمة لكهرباء لبنان بتاريخ 25 مارس 2020.
وأبعدت "سوناطراك"، حينها، عن نفسها التهمة وألصقتها بـوكيل بحري مستقل يجري التحقيق معه من طرف القضاء اللبناني، وهو الطرح الذي تبنته أيضا الرئاسة الجزائرية، والذي أعلن عنه الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية خلال ندوة صحفية بتاريخ 14 ماي 2020، حين أورد أن "الشيء المؤكد هو أن الجزائر كدولة غير متورطة في مثل هذه الأعمال، لكنها ربما تهم أفرادا"، وأضاف أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمر وزير العدل بفتح تحقيق قضائي في هذه القضية.