62 مليون سنتيم لتدريس طفلة وحكم قضائي في مهب الريح.. حكاية مدرسة خاصة بلغ "طغيانها" درجة الصدمة
أن يخرج رئيس سابق لمجلس النواب، معروف بقلة تفاعله مع الأحداث الآنية وقلة ظهوره الإعلامي ليصف قرارا تعجيزيا من مدرسة خاصة تجاه طفلة وأسرتها بـ"التسيب"، فهذا يعني أن الأمر وصل إلى درجة غير معهودة من الغرابة والصدمة، وهذا بالفعل ما حدث مع كريم غلاب الذي صدمه قرار مكتوب من مدرسة خاصة بطنجة يطالب أسرة تلميذة بدفع 62 مليون سنتيم لضمان مواصلة تدريس ابنتها.
لكن غلاب الوزير السابق، الذي اعتبر ما ورد في الوثيقة "رمزا واضحا لحالة التسيب التي يعاني منها التعليم في بلادنا"، ليس الوحيد الذي صدمه هذا القرار، بل إن هناك شبه إجماع عند كل من صادفوا الوثيقة على أن ما ورد فيها يمثل "طغيانا غير مسبوق" من طرف مدرس خاصة، والأغرب أن ما لجأت له المدرسة لا يستهدف الطفلة وأسرتها فقط، بل أيضا المؤسسة القضائية التي أصدرت حكما تنصف فيه التلميذة وتنقذ به مسارها الدراسي.
وكانت المحكمة الابتدائية بطنجة قد أصدرت أمرا استعجاليا بإعادة الطفلة "خ.ي" إلى صفوف الدراسة بمؤسسة "كلثوم" للتعليم الخاص بالنظر لعدم وجود مبرر لعدم قبولها كون أن والدها سبق أن أدى واجبات التسجيل، لكن إدارة المؤسسة أبت إلا أن تعاند القضاء بعد إصرار أب الطفلة على تنفيذ الحكم، ولم تجد سبيلا لذك إلا بالاختباء وراء التدابير الصحية المفروضة من طرف السلطات في ظل جائحة كورونا، زاعمة أن جميع الأقسام قد وصلت إلى طاقتها الاستيعابية القوى ولم يعد أمامها إلا إنشاء فوج جديد خاص بالطفلة وحدها.
لكن هذا المخرج غير المسبوق في تاريخ التعليم المغربي، يعني، حسب إدارة المؤسسة، أن أسرة الطفلة لن تؤدي الواجبات المفروضة على جميع الأولياء الآخرين، وإنما عليها أن تتحمل كافة تكاليف الفوج الدراسي الذي ستدرس فيه ابنتها بشكل منفرد، بما في ذلك لوازمه وراتب طاقم التدريس، الشيء الذي حددت كلفته في 625 ألف درهم، ولم تجد أي حرج في بعث مراسلة كتابية بهذا الأمر إلى عنوان الأسرة عن طريق مفوض قضائي.
وكانت المؤسسة قد امتنعت عن تنفيذ الأمر القضائي الاستعجالي المرفق بغرامة تهديدية قيمتها 500 درهم عن كل يوم امتناع، وفق ما أكده فرع طنجة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان مؤخرا، والذي اعتبر أن هذا الأمر "يمس بهيبة السلطة القضائية وبالاحترام الواجب لقراراتها وبالحق في التمدرس"، داعيا النيابة العامة إلى "تحمل مسؤوليتها في الحفاظ على هيبة الأحكام والقرارات والأوامر القضائية"، كما طالب المدير الإقليمي للوزارة التربية الوطنية في طنجة باتخاذ الإجراءات اللازمة "للحد من تغول مؤسسات التعليم الخاص وعدم احترامها للقانون".