محسن متولي.. فتى درب السلطان "المتمرد" الذي خط السطر الأخير في حكايته مع الرجاء
لكل بداية نهاية.. واليوم سطر أخير في حكاية "ألف ليلة وليلة"، جمعت محسن متولي بمحبوبته الرجاء، حيث عاش الاثنان معا فصولها بحلوها ومرها، إلا أن موعد الرحيل قد حان، فلم يعد سيناريو الستة عشرة سنة الأخيرة سوى ومضات من "الفلاشباك" وذكريات من هنا وهناك، وسط معزوفة هادئة وحزينة "بومبومنيرو بومبونيرا محسن متولي مارادونا"..
علق "مارادونا الرجاء" الحذاء عند مدخل مركب "الوازيس"، هو الذي ولجه شابا يافعا ذات يوم من سنة 2007، حين قرر النادي "الأخضر" تغيير جلد قديم بآخر أكثر لمعان، فرأت الأعين التقنية في بريق متولي قائدا لجيل جديد، بمعية محمد أولحاح، عبد الصمد أوحقي والآخرين، حيث كان الحمل صعبا والضغوطات أكبر على أبناء المدرسة.
توسم "الرجاويين" خيرا في موهبة متولي، وهو الذي انتظر لغاية سنة 2019 من أجل تسلق عارضة مرمى ملعب البشير بمدينة المحمدية، ليحتفل بطريقته بفوز الرجاء بلقب البطولة الاحترافية، ثم جدد الموعد مع "البوديم" سنة 2011، لقب كأس العرش سنة 2012 ثم بداية "الملحمة" العالمية بعد تتويج سنة 2013 رفقة الإطار الوطني امحمد فاخر.
في "ألبوم" ذكريات الرجاء، لا تكاد صورة متولي تغيب، مهما طال الزمن وتعاقب نجوم آخرون على تاريخ الفريق، كيف لا وهو أحد صناع الوصول إلى نهائي كأس العالم للأندية، بعد أداء خرافي أمام أوكلاند سيتي ومونتيري المكسيكي ثم أتلتيكو مينيرو البرازيلي، قبل مواجهة بايرن ميونيخ الألماني في المشهد الختامي، بحضور الملك محمد السادس، الذي خصص استقبالا للقائد ومجموعته، أسابيع بعد ذلك.
برودة دم مميزة عند اللاعب لما يتقدم لتنفيذ ضربات جزاء حاسمة..مثل تلك التي سددها أمام أسيك ميموزا الإيفواري في الوقت البديل لمباراة السد المؤهلة لدور مجموعات دوري أبطال إفريقيا سنة 2011، أو الأخرى التي نفذها في نصف نهائي مسابقة كأس العرش أمام الوداد سنة 2013، ناهيك عن ضربة جزاء حسم لقب سنة 2013 أمام الدفاع الحسني الجديدي.
طبع متمرد، جعل من متولي محط الجدل طيلة مساره كلاعب، إلا أن مهارته وعطاءه داخل المستطيل الأخضر كانت تشفع له لما هو عليه كشخصية فريدة في عالم كرة القدم الوطنية، حتى لما عاد إلى حضن الرجاء، قادما من تجربة احترافية في قطر، ارتأى إلا أن يعود الفريق إلى سكة التتويجات في موسم "كورونا" الاستثنائي.
قد تكرهه وقد تحبه، إلا أن العميد رقم "5" طبع تاريخ الرجاء، رغم ما يمكن أن يقال عن ال"Extra-Sportif" خارج أرضية الميدان، فالبعض حمله مسؤولية الهزيمة في الجولة الأخيرة من بطولة 2014، فيما يرى فيه البعض الآخر سبب في مشاكل مستودع الملابس، كما تضعه الصورة الشاملة في خانة اللاعب "غير المحظوظ" الذي لم تتح له فرصة التألق بقميص المنتخب الوطني، حتى لما كان في أوج العطاء.
في سن ال36، لم تعد أقدام متولي تطاوع تطلعات نادي الرجاء ومشروعه الرياضي الجديد، ليأتي الوداع الأخير قبل انطلاقة الموسم الكروي المقبل..إلا أن الملاعب لم تودع "المايسترو" بعد، حيث قد نرى "المش" (القط) وهو يداعب الكرة فوق المستطيل الأخضر..كما يفعل منذ أن بدأ في أزقة وحواري منطقة "درب السلطان" بالدار البيضاء.