مُدَوّنَةُ الأُسْرَة!

 مُدَوّنَةُ الأُسْرَة!
أحمد إفزارن
الأربعاء 10 غشت 2022 - 22:52

تَعدِيلُ "مُدَوّنَةِ الأُسرَة"..
إشارةٌ وردَت في "خِطابِ الذّكرَى 23 لعِيدِ العَرش".. إنّها دَعوَةٌ مَلكِيّةٌ إلى فَتحِ نقاشٍ حولَ تعدِيلِ مُدَوّنةِ الأُسرَة.. وفي هذا السّياق، قال المَلِك: "ليسَت مُدوَّنةً للرّجُلِ ولا للمَرأة، ولكنّها مُدوّنةُ الأُسرَةِ كَكُلّ، فهيّ تُعطِي الحَقَّ لجَمِيعِ مُكوّناتِ الأُسرَة"..
■ التّعديلُ مُفِيدٌ للأُسرة..
يَفتَحَ المَجالَ لعَلاقاتٍ حُقُوقيّةٍ وإنسانيةٍ وعاطِفيّة.. ويُقَرّبُ التّواصُلَ الأُسَرِيّ بينَ المَرأةِ والرّجُل..
وإلى جَانبِ النّصّ القانُونيّ، ضرورةُ إعمالِ أخلاقياتٍ إنسانيّة، بين الطرَفيْن..
▪︎المَرأةُ طاقَةٌ تَغيِيريّة..
لقد قامَت وتقُومُ وسوفَ تقُومُ بأدوارٍ طلائِعيّة على مُستَوياتِنا الوَطنيّة.. ويُقالُ فيها: هي قُطبُ الرّحَى لِمَنظُومةِ التّغيِيرِ الإيجابيّ..
▪︎وفي مُجتَمَعِنا، الإناثُ أكثرُ حَماسًا في قِطاعاتٍ حيَويّةٍ مُستَقبليّةٍ على رأسِها التّعلِيمُ المُتخَصّص..
والمرأةُ شريكةٌ في تنميّة البلد، والرّعاية الصّحية، وصُنعِ القَرار..
وهي مِحوَرِيّةٌ في التغيِير الذي تَعرفُهُ الحرَكِيّةُ الثقافيةُ بِبلادِنا..
▪︎ومِنَ الإيجابيّاتِ أيضًا:
طَفرةٌ في الحياةِ الأُسَريّةِ المَغربِيّة.. وهذا يعني تطويقَ  مَشاكل تُطرَحُ هُنا وهناك، ومِنها: تَعَرُّضُ قاصِراتٍ للتّزويجِ بالإكراه.. وبعضُ الأُسَرِ أساءَت تقسِيمَ المِيراث، فوزّعَت المَورُوثَ بكِيفيّةٍ مُسِيئةٍ لحُقوق الإناث.. وهو تقسِيمٌ جائر..
▪︎وتجاوُزاتٌ أخرى تُمارَسُ في مَناطقَ نائية، وتُبنَى على التّقليدِ والعُرف، وبعيدة عن القانون..
وهذه التّجاوُزاتُ يجبُ البحثُ فيها لتعدِيلِ المُدَوّنةِ في ما يخدُمُ فعاليةَ الأُسرة..
■ ولا نَنسَى التَّقارُبَ بينَ الزّوجَيْن..
إنّ في تَعامُلاتِنا الأُسَريّة، مّا يَستَوجِبُ إعادَةَ نظَر، في إطارِ الانسِجامِ بينَ الزّوجةِ والزّوج..
ومِن أدواتِ التّواصُلِ الفعّال، والحديثِ الواضحِ عن مُستقبَلٍ مُشتَرَكٍ يَشعُرُ فيه الطرَفانِ بأنّ كُلاّ مِنهُما مُتَكلّمٌ ومُستَمِع، وأنّ النقاشَ ليس رفعًا لصوتٍ على صَوت، بل هو أسلوبٌ تَواصُلِيّ يهدِفُ لحلّ مَشاكلِ الحياة، وإشعارِ الطرَفِ الآخَر بأهمّيةِ الاستِماع، عِلمًا بأنّ مَن يَسمعُ هو أيضًا شريكٌ في الحُلول، على طريقٍ واحِدةٍ إلى جانبِ رفِيقِ الأمَان..
▪︎وأُسرَةٌ بهذا التّقارُب، هي أُسرَةٌ تُراهِنُ على الاستِقرارِ الإيجابيّ.. استِقرارٌ أُسَرِيّ يقُومُ على تماسُكِ العلاقات بين الأبِ والأمّ والأطفال، ومِن ثمّةَ مع بقيةِ أفرادِ العائلة، والأقاربِ والجِيرَان، امتِدَادًا إلى كلّ المُجتَمع..
إن أوَاصِرَ الاستِقرارِ العائلي ضَرورةٌ للتّنميةِ الاجتماعية، اعتِبارًا لكَونِ الأُسرةِ تُشكّلُ مِحوَرًا للحياةِ العامّة، وأساسًا لبَقيّةِ أنواعِ وأشكالِ الاستِقرار: السياسي، الاقتصادي، الثقافي، وغيرِها…
وهذا المَفهُومُ الاستِقراري يُحِيلُ على الاحتيّاجِ إلى الترابُطِ الاجتِماعي، ومِن ثَمّةَ إلى حمايةِ الوحدةِ الوطنية..
ومِن هذا المَنظور، يلعبُ الاستقرارُ الأُسَرِي دورًا مُهمًّا لإرساء دعائمِ التّوازُن الاجتِماعي والنّفسي بين أفرادِ الأسرة والمُجتَمع وكل البلد، حيث يتَمكّنُ أيُّ فردٍ مِن أداءِ أدوَارِه، بدُونِ أيّ تعقِيد، وفي سياق التّماسُكِ الأسَرِي والاجتِماعي، تحت أضواءِ البلد..
وهذه الحَيْثيّات تقومُ على الاستِقرارِ الأُسَريّ الذي يَنعَكِسُ، في حالتِه الإيجابيّة، على تَماسُك الأفرادِ والجَماعاتِ وكلّ البلد..
وهذا الاستِقرارُ المُتماسِكُ يُتوَقَّعُ أن يَمتدَّ إيجابيّا منَ الأُسرة، إلى الاحترام المُتبادَل بين الزّوجيْن، فيكُونَ هذا أساسًا لمَشاعرَ عائلية مُتبادَلة، ومِن ثمّةَ يَنشأُ النّسيجُ الاجتِماعيّ المَبنيّ على حَميميّةٍ وجُذورٍ تُراثيّة وتاريخيّةٍ وثقافية…
وهذه مُشترَكاتٌ تُساهِمُ هي الأخرَى في التّماسُكِ المَطلوب، على الصّعيد الوَطنِي، وتنسيقٍ قانونيّ مَتِينٍ بين مُؤسّسات الدّولة..
■ ماذا تُريدُ المرأةُ في بلادِنا؟
أنْ يُسمَعَ صَوتُها، وهي تتَحدثُ عن مَطالبَ شَخصِيّةٍ واجتِماعيةٍ وإنسانيّة..
وَلها الحقُّ في التّعلِيم والصّحة والتّشغيل والتّساوي في الحُقوقِ والواجِبات، سَواءٌ داخِل مؤسّسةِ الزواج، أو في الإدارة أو الشارعِ العُمومي، أو أيّ مكان..
▪︎وحِمايةُ المرأةِ تقُودُ إلى حقُوقِ الطّفل..
وهذه مَنظُومةٌ تَخضَعُ للقانُونِ الدولي، وفيه التّنصِيصُ على حقّ الطفلِ في التّعبِير عن الرأي، والمُساواة، والصّحة، والتّعليم، والبِيئةِ النّظِيفة…
وفيه حَقُّ الطّفلِ في الحَياة، وفي مَعرفةِ والِدَيْه، وحِمايَتِهِ منَ الإساءةِ البدَنيةِ والعَقليةِ والنّفسِيّة…

  • بِلادُنا تَلتَزِمُ بهذه المَنظُومةِ القانُونيّةِ الدّوليّة..
    ■ وإصلاحَاتٌ عاجِلَة لإنجاحِ مَرحَلة ما بعدَ تفعيلِ "مُدوّنةِ الأُسرة":
    ▪︎تهمِيشُ المَرأةِ غيرُ مَقبُول، في أيّ مجالٍ وأيّ مُستوًى.. هذا إقصاءٌ مُضِرٌّ بمَردُودِيّةِ البَلد.. ويتَوَجّبُ اعتِمادُ الحُقوقِ والوَاجِبَات..
    ▪︎مَسِيرَةُ المَرأةِ مُرتبطةٌ باستِمراريّةِ العَطاء والإصلاَح، بهدَفِ تَحقيقِ النّجاحِ ولو بصِفَةٍ جُزئيّة.. ولا يُقبلُ أيُّ تهاوُنٍ أو عرقلةٍ للعَجلةِ الاجتماعيّة..
    ▪︎المرأةُ مُرتَبِطةٌ بالعَلاقاتِ المُجتَمَعيّة.. ولا يَجُوزُ تبخِيسُ أداءاتِها، إنسانيًّا وتَنموِيًّا، وإلاّ حَدثَ الإخلالُ بإنصافِ المرأة..
    ▪︎إنصافُ المَرأة يَتطلبُ وُجُودَ قُدْوَةٍ وأخلاقٍ في مُختَلفِ المَجالاَت.. الحَاجَةُ ماسّةٌ إلى قُدوَة، نظرًا لكونِ غيابِ القُدوَة قد يأتي بمَن يُضيّعُ الحياةَ الزوجيّة والاجتماعيّة وسلامَةِ الأُسرَة، وقد يتَسببُ في خَلَلٍ تنموِيِ، مِن جرّاءِ تهمِيش المرأة الذي يؤدّي إلى التّخلِّي عن انخراطِ المرأةِ في التّنميّة..
    ▪︎لا يجُوزُ تجَنُّبُ التّعامُلِ مع المرأة، باعتِبارِها - فقط - أُنثَى.. إن المرأةَ إنسان..
    ▪︎إنسانٌ لهُ قِيّم، ولا يَقبَلُ العُزلةَ والإبعَاد..
    ▪︎ولا فرقَ بينَ المرأةِ والرجُل، في الحقوقِ والواجبات، وفي التّساوِي التامّ..
    ▪︎ بلادُنا بحاجةٍ إلى أسرةٍ مُتوازِنة، مؤهّلةٍ لتربيةِ أجيالٍ مُواطِنة، وَوَطنيّة، وكَفاءاتٍ في مُستوَى المغربِ الجديد..
    [email protected]

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...