صحيفة ليبيراسيون: باتفاق مع النظام.. فرنسا تقرض جماجم لصوص إلى الجزائر لخمس سنوات قبل أن تعيدهم إلى متحف باريس!
في 3 يوليوز من سنة 2020، وتزامنا مع الاحتفالات بالذكرى الثامنة والخمسين لاستقلال الجزائر، وصلت إلى مطار هواري بومدية بالعاصمة طائرة عسكرية تقل 24 جمجمة لأشخاص قالت السلطات الجزائرية إنهم مقاومون قتلتهم فرنسا خلال فترة الاستعمار.
حطت الطائرة بمطار "هواري بومدين" وأقيم استقبال عسكري للجماجم، حيث تقدم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لإلقاء التحية على "جماجم الشهداء" منحنيا أمامهم، وشاكرا تضحياتهم، في مشهد "مهيب"، قبل أن تكشف صحيفة "نيويروك تايمز" الأمريكية، وبعدها صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية، أنه كان أكبر كذبة وخداع أقامه النظام الجزائري باتفاق مسبق مع السلطات الفرنسية.
فما هي تفاصيل "القصة الفضيحة" التي جعلت من النظام العسكري غارق في تزوير التاريخ، حتى ما تعلق بـ"استيراد جماجم" للصوص وقطاع طرق، على أنهم شهداء للثورة الجزائرية قتلتهم فرنسا في حرب التحرير؟
الفضيحة التي كشفت عن تفاصيلها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أضافت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية لها تفاصيل جديدة، حينها أكدت أن الجماجم التي سلمت للنظام الجزائري باتفاق مع السلطات الفرنسية كانت "إعارة" فقط ولمدة خمس سنوات قبل أن تعيدها فرنسا لتستقر في متحافها.
فبعد فضيحة كشف أن 6 جماجم فقط من أصل 24 جرى تسليمها للجزائر حُددت هوياتها بالفعل على أنها تعود لمقاومين جزائريين قتلوا على يد القوات الفرنسية في القرن التاسع عشر، في حين أن البقية هي إما لأشخاص لا علاقة لهم بالمقاومين أو أنه لم يجر التأكد من هوية أصحابها، خرجت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية، بتقرير مطول أكدت من خلاله أن مجموعة من تلك الجماجم قد تكون للصوص جرت تصفيتهم في زمن الاستعمار، ناقلة عن المؤرخ بنيامين ستورا، أن التمييز صعب بين المقاتلين الذين كانوا جزءا من المقاومة المناهضة للاستعمار وبين لصوص بجبة معارضين للاستعمار، لأن الحدود بينهم "رفيعة للغاية"، لكن الصحيفة مضت أبعد من ذلك حين كشفت أن الأمر لا يتعلق بتسليم نهائي لتلك الجماجم، بل فقط إعارة مدتها 5 سنوات، أي أنها ستستعيده بعد أقل من 3 سنوات من الآن.
ويرجع الأمر إلى أن الرفات مملوك لمتحف التاريخ الطبيعي الفرنسي، وجرى تسليمها سنة 2020 بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون في إطار سعيه إلى طي صفحة استعمار الجزائر الذي امتد من 1830 إلى غاية 1962، لكن ذلك جرى بناء على اتفاقية استثنائية بين باريس والجزائر العاصمة، تنص على أن الرفات "أعير" للجزائريين لمدة 5 سنوات ريتما يتم إعداد القانون الذي يسمح بإعادتها بشكل نهائي، ذلك أن ممتلكات متحف التاريخ الطبيعي غير قابلة للتصرف.
وجرى ذلك بناء على طلب رسمي تقدمت به الجزائر، التي استقبل رئيسها عبد المجيد تبون، ورئيس أركان جيشها السعيد شنقريحة، تلك الجماجم بمراسيم عسكرية جنائزية رسمية، وتقول السلطات الجزائرية إن فرنسا تحتجز جماجم مقاومين بارزين استُشهدوا في سنوات الاستعمار الأولة، منهم محمد الأمجد بن عبد المالك المدعو الشريف بوبغلة قائد المقاومة الشعبية في منطقة جرجرة بالقبائل، والشيخ بوزيان قائد ثورة الزعاطشة بمنطقة بسكرة سنة 1849، وموسى الدرقاوي مستشاره العسكري، والمختار بن قويدر التيطراوي، وعيسى الحمادي الذي كان ملازما للشريف بوبغلة ومحمد بن علال بن مبارك الملازم للأمير عبد القادر.