مُجتَمَعُنا.. غدًا!
أحمد إفزارن
- بِلادُنا قد دَخلَت في المُستقبَلِ الذي نتَصوّرُه، اعتِمادًا على أدمِغتِنا الشابّة، سَواءٌ مِنها التي تَتعلّم، أو التي تَشتَغل.. وهذه الأمغةُ مُبرمَجةٌ على عوالِم الغد..
وفي الغد، يكمُن مُستقبَلُ أجيالِنا الصاعدة..
ومِن أجلِ غدٍ أفضَل، نحنُ هُنا، ولا خيارَ لنا، إلاّ أن نكُونَ أحسَن، مِن أجلِنا جميعًا، ومن أجلِ بِلادِنا، والإنسانيةِ جَمعاء..
■ أيُّ مُجتَمعٍ بَشَرِيّ لعالَمِ الغَد؟
لا أحدَ يَعلَم.. ولكنّ نماذجَ مُتنوّعة تَخطُرُ بالبال..
ومِهَنٌ سوفَ تتطَوّرُ على أُسُسٍ مُستَقبلية.. وكذلك المِعمارُ والصّناعةُ والنّقلُ وأشكالُ وآلياتُ الحياةِ البشريةِ القادِمة..
والمَشهدَ المُستقبليّ العامّ ليس واضِحًا..
مَواقِعُ الحياة كثيرة، في البرّ والبحرِ والفضاء.. وفي مداراتٍ ومَجرّاتٍ مُتَباعِدةٍ عن بعضِها بمَسافاتٍ ضَوئية..
وقد تكتَشفُ العُلومُ الفضائية آثارَ أجدادِنا، ومآثِرَ لمُجتَمعاتٍ زراعيةٍ ورَعَويّةٍ وصٍناعيةٍ وغيرِها…
ولا ندري أينَ ومتَى وكيف نعيشُ بالضّبط، وفي أيّ مكانٍ وأيّ زمان، وبأيةِ تِكنولوجيا نُقِيمُ بناياتِنا..
هذا المُستَقبلُ قد نتَصوّرُ بعضَ أشكالِه وأنواعِه، ومنها عَوالمُ نحسبُها حَضريّة، وأخرى قرَوية، أو تحتَ البِحار، أو فَضاءات..
في بعضِها يُوجدُ التّطوُّر، بكيفيةٍ أو أُخرى، وهناك أو في غيرِها رُبّما بدأت الحياةُ من زمنٍ زراعي، أو كانت من النوعِ الطباشيري، أو المَعدِني..
-أَوْ مِنَ الزمنِ الرّقمي..
ولا ندري كيف تكونُ أو سوفَ تكُونُ مُجتَمعاتُنا، هل مُتخلّفة؟ أو مُتقدّمة؟ فقيرة؟ أو غنيّة؟ هل تُعاني التّفاوُت؟ هل فيها سلام؟ أو حرُوب؟ أو نِزاعات؟ أو توتُّرات.. أو تهديدات؟
هل المُجتمعاتُ هناك في سلام؟
إنّنا نرى هذا الغدَ بعيُون الوقتِ الحالي، وعلى أساس مُجتمعاتِ المَعرفة، وثقافةِ الإبداع..
▪︎كيف يكون مُجتمعُ الغد، من حيثُ مظاهرُ الحياةِ اليومية: الفُنونُ والألبسةُ والأغذيةُ، والطبائعُ التي تعكسُ القِيّمَ والعاداتِ التي مِنها انطلقنا في جولةٍ إلى مُجتمعِنا المُستقبليّ..
وكيف يُنظّمُ الناسُ حياتَهُم وأعمالَهُم وحِرَفَهُم وسُلوكاتِهم وأساليبَ حياتِهم؟
وماذا عن الحُرية والعَدالة والمُساواة؟
وهل في المُجتمعِ المستقبَلِي قيّمٌ وتَديُّنات؟ هل فيها نظامٌ سياسي؟ هل فيها ديمُقراطية؟ هل فيها نُخَبٌ ثقافية؟
وكيفَ حالُ التعليم والصّحة وغيرِهِما؟
اليومَ نحنُ تساؤلات..
لا نكفُّ عن التساؤل..
نعتقدُ أنّ الغدَ ما هو إلا امتِدادٌ للماضي والحاضِر..
إنّنا رحّالةٌ من "سحاباتٍ" زمانيةٍ ومَكانية، إلى فضاءاتٍ نتصوّرُها ولا نعرفُ ما فيها، وما بِها..
ومع ذلك، هي موجودة..
مُتأكّدون بوجود المساحاتِ المكانيةِ والزّمانية..
واللّغزُ فيها يرتبطُ بالحياة..
هل هناك حياة؟ وكيف هي؟
■ أرضيّةُ الأُفُقِ المُستَقبِلِيّ..
هذا أساسُنا للبحثِ العِلمِيّ الذي يُشكّلُ أولويّتَنا الاجتماعية..
رفعُ مُستوى صناعةِ المعرفة، من أجلِ خِدمةٍ أمتَنَ لقضايا وانشغالاتِ المُجتمع، في سياق الأبحاثِ الهادِفةِ لتأمينِ بيئةِ عملّ مُحفّزة، ودعمٍ مُستمر للأبحاثِ العِلمية، وخاصّةً في مَساراتِ المَدارسِ العُليا، وكُلّياتِ العُلُوم..
الحاجةُ إلى بيئةٍ بَحثيّةٍ تنافُسية، بشراكةٍ مع خِبراتٍ في الداخلِ والخارج، لتَحديثِ احتياجاتٍ مَعرفيةٍ ومِخيَالية، لرسمِ خارطةٍ لمُقوّماتِ بِنيَةِ الغَد..
ضرورةُ تعميقٍ الأبحاثِ في اتّجاهِ إنضاجِ أفكارٍ لعالمِ الغَد، حولَ إنشاءِ مُدُنِ وقُرًى وبَياناتٍ إلكترونية، ونَماذجَ خياليةٍ صالحةٍ لحياةِ المُجتمعَ الإنساني..
وضرورةُ تحديثِ قاعدةِ بياناتٍ إلكترونية، لمُحاولةِ تجسيدِ تَصوُّراتٍ للحركيّة الاجتماعيةِ في عالمِ الغد..
لا بُدّ من الاستِعداد، قبل تحويلِ ما هو نَظرِيّ إلى تنفيذٍ لإنجازِ بيئةِ الحياةِ الاجتماعية القادمة..
وهكذا تتسنّى جودةُ المَنتوج العُمومي الشامل، بما فيها جودةُ حياةِ الناس، ومُقوّمات الانفتاحِ الثقافي المُجتمَعي في مَجالس المستقبلِ المحلي والعالميّ والكَوني..
يجبُ التأكُّدُ من جَودة حياةِ الأفراد، باعتِبارِها رَكيزةً لمَتانةِ مُجتمعاتِنا المُستقبَلية..
▪︎الآنَ فقط نَتصَوّر..
وفي هذا المُستوى التّصوُّري، نحنُ بصدد صناعةِ تصميمٍ نظريّ لِما ستَكُونُ عليه الحياةُ المُقبِلة، في زمانٍ ومكانٍ نحن بصددِ نتَخيّلُهُما، وعلينا بعَدمِ ارتكابِ أدنَى خُطوةٍ غيرِ مؤكّدة، وغيرِ ثابتة..
■ هذه مُجرّدُ تَصّوّراتٍ لحياةٍ اجتِماعيةٍ قادِمة..
سيناريوهاتٌ لتعايُشٍ بَشرِيّ في تجمُّعات رُبّما هي صالِحةٌ للعيشِ والسَّكَنِ والحياة، وفي ظروفٍ قد تُخيّمُ عليها قَسوةُ المُناخ..
ظُروفٌ قد تكون قاسيةً من حيثُ الاحتياجُ البشرِي إلى التّغيُّرِ المُناخِي، والتكنولوجي، وأنواعٍ أُخرى من التّغيُّرات التي هي في سباقٍ للسّيطرة على مُستقبلنا، في عوالمَ جديدةٍ وغريبةٍ عنّا..
وفي هذه الأجواء، نجدُ أنفُسَنا بأجواءَ مُختلِفة مُتصارِعة: ارتفاعُ مُستَوياتِ البحار، وانخفاضِ دَرجات الحَرارة، والشّتاءِ الدافئ، والفيضانات، والجفاف، والأوبئة، والتصحر، وغيرِ هذه الأحوالِ التي تكونُ لها انعِكاساتٌ على حياتِنا المُشتركة..
وكيف تكُونُ السيطرةُ على مُستَقبلنا، أمام ازدياد الحاجة إلى أغذيةٍ وإلى التّحكّمِ في ازديادٍ مُضطردٍ لديمُغرافيةِ السّكّان؟ وارتفاعِ الطلبِ على الخدمات الأساسية؟ كيف نُواجهُ ضغطًا على البيئاتِ المُحيطةِ بنا؟
الطلباتُ تكبُر.. ومعها الإنتاجُ يَزداد، والنّفاياتُ أيضا، كلُّ هذا وغيرُهُ يُشكّل ضغطًا على المُجتمّعاتِ السكنية في فضاءاتِ الغد..
كيفَ نُواجهُ كلَّ هذا؟
وكيف نحرصُ على التّحكُّم في مَعيشتِنا الذكيّة؟
إنها ظروفُ الكائنِ الذكيّ، وهو الإنسان..
نحنُ دائمًا في مواجهةِ صعوباتِ الوجود..
ولا خيار لنا إلاّ أن نتَحدّى ما هو موجود، ونتوقّعَ التّحدّي لِما هو مجهُول، بالمزيدِ من الصبر والكفاحِ والبحثِ المُستمرّ عن تطوير عُلومِ الحياة..
▪︎مُجتَمعاتُ تشغَلُ بالَنا..
والغَدُ من قضايا اجتماعية نُعانيها اليوم، وقد تُرافقُنا بنَفس تَأثيراتِها، ورُبّما أكثَر، في رِحلتِنا إلى الغَد.. ومِنها الفقرُ والأُميةُ و البطالةُ وتشغيلُ الأطفال، وغيرُها من السّلبياتِ والإيجابيات..
ومِنها أيضًا عدمُ التكافُؤ الاجتماعي، وعدمُ وُجُودِ الرقابةِ الإجتماعية…
وتَبقَى المَسؤوليةُ الإجتماعيةُ نفسَ المَسؤولية التي تستوجبُ الانتِباه، لتَجنُّب احتمالِ مُنزلقاتٍ قد تضُرّ بسلامةِ المُجتَمع..
▪︎مسؤوليةٌ قد تكُونُ أكبر.. وهذه ضَريبةُ التّحدّيات التي عَلَينا بالقَفزِ على حَواجزِها، وبشكلٍ مُنتَظِم، لكَي نعيشَ معًا بسَلام، وفي مُختَلفِ الظّروف، ونكُونَ في مُستوَى ظُروفِ عَالمِ الغد.. - [email protected]