سياسةُ التّهدِئة!
■ "حُكُومَةُ أخنُوش" في حَالةِ اندِفَاع..
والاندِفاعُ لا يُجدِي..
يضُرُّ ولا يَنفَع..
وَوزيرُ العَدل أكثرُ اندِفاعًا..
يَتَولَّى مَنصِبَهُ الوٍزارِي، في إطار حُكومةٍ سياسيّة..
ومِن هُنا تأتِي "سياسةُ التهدِئة" التي يُنصَحُ بها، وتَهدِفُ لتَجاوُز التّوتر الاجتِماعي، وتَجَنُّب السّقوطِ في الفَخّ الذي أَوقعَ وزيرَ العَدل..
السّياسيّون المُحنَّكُون يَستَخدِمُون على العُمومِ مُهدِّئاتٍ ومُسَكِّناتٍ ومُخَفِّفات..
ولكنّ الوزيرَ وقَعَ في الفَخّ..
رَبَطَ تَخرُّجَ ابنِه، بكَونِهِ هُو - أي الوَزِير - مِنْ فئةِ أغنِيّاءِ البَلَد.. وكأنّ الابنَ ما كانَ لهُ أن يَنجَح، لولاَ ثَروةَ أبِيه.. وهذه مُعادلةٌ خاطِئة.. كثيرٌ من أبناءِ الفُقراء، هُم اليومَ كفاءاتٌ رفِيعة.. لكنّ كلمةَ الوزير تُوحِي لفُقراءِ البلَد ألاّ نجاحَ إلاّ لِمَن "يَملكُ الثّروَة"..
وها هُو الوَزيرُ قد انزَلَق!
كان عليهِ ألاّ يَقعَ في هذا الخطَأ التّعبِيرِيّ..
كانَ عليه أن يَحسِبَ كَلِماتِه..
■ لقد هيّجَ الناس..
ولو كان سياسيًّا مُحَنَّكًا، ما رَبَطَ تَخرُّجَ ابنِه، بكَونِهِ هُو - أي الوَزِير - مِنْ نُخبَةِ الأغنيّاء.. وكأنّ الابنَ ما كان أن يَنجَح، إلاّ بثَروةِ أبِيه.. وهذه مُعادلةٌ خاطِئة.. كثيرٌ مِن أبناءِ الفُقراء، هُم اليومَ كفاءاتٌ رفِيعة.. لكنّ كلمةَ الوزير تُوحِي لفُقراءِ البلَد: "عليكُم بالثّروَة!"..
إنّ الوَزيرَ قد انزَلَق!
كان على الوزيرِ أن يكُونَ في حالة تَهدِئة..
ويَجنحَ في تصريحِهِ إلى "سياسةِ التّهدئة، وتَسكِينِ الألم..
إنها سياسةُ "التّقليلِ منَ التّهيِيج"..
بيْدَ أنّ الوزيرَ قد هَيَّجَ الناس.. واستَفزّهُم..
وأيْقَظَ فيهِم الألمَ والوَجَع..
لقد حرّكَ في الناسِ عِندَنا المَواجِع..
▪︎وهُم في أَغلبهم مَقهُورُون..
لَو كانَ سياسيًّا مُحنّكًا، لَعَرَفَ كيفَ يُقدّم للغاضِبِين إحساسًا مُهَدّئًا، مُسَكّنًا، لكي لا يزدادُوا هًيجانًا..
الهُدُوءُ نوعٌ من العِلاج: مُهدّئٌ لتجنِيبِ آثارٍ جانبِيّة، مع تَقدِيمِ نصائحَ مفيدةٍ مقبُولة..
وهكذا يكُونُ التّشخيصُ السياسي المُهَدّئ الفعّال..
لكِنّ الوزيرَ تَظاهَرَ بالغِنَى في كلمةٍ وَجّهَهَا إلى مُجتمعٍ مُفقّرٍ مَقهُور، وفي حالاتٍ كثيرةٍ يُعانِي سُوءَ التّغذية، وامراضًا قد لا يجِدُ لها عِلاجًا..
أنواعٌ كثيرةٌ من ضُغوطات الاحتياج، في أوساطٍنا الاجتماعية الفقيرَة..
وهذا تفقيرٌ وليس فقرًا طبيعيًّا..
تفقيرٌ تُرافقُهُ كلُّ المَتاعِب: لا مَوارِد ماليةً كافية، لا شُغل، لا صحّة، لا تعليم، ولا أُفُق..
■ البلادُ في ضُغوطٍ شديدة..
والوزيرُ يُفجّرُها مِن الأعماقِ الاجتِماعية..
أهذه سياسة؟ أهكذا يكونُ السياسي المُحنّك؟
أهذه هي السياسةُ الحكيمةُ التي تُراعي مَشاعِرَ الناس؟ أهِيًّ سياسةٌ تَحتَرم مَن تُخاطبُه ويَسمَعُها؟
لقد انزلَقَ الوزير..
وليسَ مِن حقّه أن يستفِزّ المُجتمعَ المقهُورَ الذي فيه كثيرُون بلاَ أدنَى مَدخُول.. ولا مِن حقّه أن يَتجاوزَ حدُودَه.. ولقد تَجاوَزَ الحُدود، وكأنه لم يكُن يعِي أنّ مَسؤوليتَهُ الوزارية لا تُخَوّلُه صَلاحيةَ تجاوُزِ هذه المسؤولية، نظرًا لكَونِ "وزارة العدل" التي يرأسُها لا تُخَوّلُه إلاّ مسؤوليةً إدارية فقط، أي التّسيِير والتّدبير.. وليسَ له حقُّ التدَخُّل في المُباريات، وإسقاطِ هذا وإنجاحِ ذاك، أو في أي شأنٍ وظيفيّ آخَر..
مسؤوليةُ "وزارة العدل" يُحدّدُها القانون، باعتِبارِها سُلطة حُكومية تُشرفُ على الإدارةِ القَضائية، بما فيها التّدبيرُ المالي والإدارِيّ للمَحاكِم، وكذا أداءُ مُستحقّاتِ القُضاة والمُوظّفين، لتَمكِينِ المَحاكِمِ منَ القيّام بعمَلها، كما تَتولَّى الوزارةُ الإشرافَ على المِهَن القضائية: المُحامُون، المُفوَّضون القَضائيّون، الخُبراء، التّرَاجِمة، العُدول، المُوَثِّقون…
والمَسؤوليةُ الإداريةُ تَنحَصِرُ في سياقِ النظامِ القانونِي الإدارِيّ..
▪︎إلى أينَ نحن سائرُون؟
الأملُ كلُّ الأمَل في حُكومتِنا الإنقاذية..
هي تأتِي بطريقةِ التّعافِي..
وخُطّة الإنقاذ..
☆ المَغربُ في انتٍظارِ حُكُومةٍ انتِقاليةّ تَعملُ تحتَ الرايةِ المَلَكيّة.. حكومةٌ لا تُوَجهُها أحزَاب.. ليست حكومةٌ سياسية.. الحكومة الانتقاليةُ حكومةٌ اجتماعيةٌ اقتِصاديةّ دِيمُقراطية، تَشتغلُ مع المَلِك.. مِن أجلِ مَصَالحِ هذه الأرضِ الجذّابة:
- مَمَلكةِ المَغاربة!
[email protected]