بعد أن هرّبت المخابرات الفرنسية، سرا، الناشطة الحقوقية أميرة بوراوي من الجزائر إلى فرنسا عبر تونس.. النظام الجزائري يتهم المغرب بالتورط في "هذا التهريب"
اتهمت الجزائر عبر وكالتها للأنباء، المغرب بالضلوع في "تهريب" الناشطة الحقوقية، أميرة بوراوي، التي قامت المخابرات الفرنسية المعروفة بـ"المديرية العامة للأمن الخارجي" بنقلها سرا الأربعاء الماضي من الجزائر إلى فرنسا عبر تونس في عملية هوليودية نشرت "الصحيفة" الكثير من تفاصيلها عن مصادر تونسية خاصة.
وأكدت وكالة أنباء الجزائر في قصاصة لها أنّ هناك من له على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي، "خطة تقضي بتقويض العلاقات الجزائرية-الفرنسية، يتم تنفيذها من قبل عملاء سريين و"خبارجية" وبعض المسؤولين على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي ووزارة الخارجية الفرنسية، وكذا بعض المستشارين الفرنسيين من أصل جزائري لا يخفون ولعهم وتبجيلهم للمخزن".
وأكدت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية، أنه "لم تعد المصالح الفرنسية تخفي مناوراتها، بل أضحت تعلنها أمام الملأ وفي وضح النهار وها هي اليوم على وشك بلوغ هدفها المتمثل في إحداث القطيعة في العلاقات الجزائرية-الفرنسية".
وعادت الوكالة لتتحدث بأسئلة تحمل الكثير من الاستغراب، وكأن الأجهزة الأمنية الجزائرية مازالت في حالة "دهشة" غير مصدقة أن هناك مخابرات دول أجنبية لعبت في بيتها بكل حرية، حيث أكدت القصاصة أن "أميرة بوراوي امرأة، ليست صحفية ولا مناضلة ولا تحمل أي صفة.. يتم إجلاؤها إلى فرنسا، وفي ظرف 48 ساعة، ثم يتم استقبالها وتمكينها من التحدث في بلاطوهات قنوات تلفزيونية عمومية، وذلك دليل على أن المخابرات الفرنسية أعلنت التعبئة العامة، وبات هدفها واضحا". حسب مضمون القصاصة التي نشرتها العديد من الصحف الجزائرية.
وتأسف النظام الجزائري عبر هذه القصاصة، "رؤية كل ما تم بناؤه بين الرئيسين تبون وماكرون لفتح صفحة جديدة بين البلدين، ينهار وحدوث القطيعة لم يعد بعيدا على ما يبدو". حسب مضمون القصاصة دائما.
ونشرت "الصحيفة" عن مصادر تونسية تفاصيل تهريب الناشطة الحقوقية الجزائرية أميرة بوراوي، بشكل هوليودي، بعد أن عملت المخابرات الفرنسية الخارجية المعروفة بـ"المديرية العامة للأمن الخارجي" من خلال تنسيق أمني مع ضباط تابعين لها في الجزائر وتونس على خداع جميع مصالح الأمن والمخابرات في الجزائر من أجل تهريب بوراوي إلى فرنسا عبر تونس في غفلة من جميع الأجهزة الأمنية للنظام الجزائري.
وهكذا، وحسب معطيات دقيقة، عملت الناشطة الجزائري أميرة بوراوي بتنسيق مع ضباط تابعين للمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي على ترتيب خطة مُحبكة للهرب من قبضة النظام الجزائري، حيث كان يواجهها السجن بسبب العديد من المحاكمات والمتابعات، كما صدرت بحقها قرارات قضائية تمنعها من مغادرة التراب الوطني، حسب ما نشرته صحيفة "الشروق" الجزائرية من لائحة اتهام طويلة.
تهريب الناشطة الجزائرية التي تحمل، أيضا، الجنسية الفرنسية، تم عبر المعبر الحدودي "ملولة"، حيث عمل ضباط للمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي على "إخفاء" أميرة بوراوي في سياراة أعدت خصيصا لهذا الغرض كي لا يتم رصدها من طرف رجال الأمن والمخابرات الحدودي في حال تم التأشير على جوازها بمعبر "ملولة" عند دخولها إلى تونس، وهو ما كان سيفشل خطة تهريب الناشطة التي كانت تواجه سنوات من الاعتقال داخل السجون الجزائرية.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة" من مصادر تونسية، فإن تهريب بوراوي كان بتواطؤ مع رجال أمن تونسيين تعاملوا مع ضباط المخابرات الفرنسيين لتهريب الناشطة الحقوقية الجزائرية، التي دخلت تونس، قبل أن تحتضنها السفارة الفرنسية في العاصمة التونسية، التي قامت بحمايتها، وعمل السفير الفرنسي في تونس على ترتيب كل تفاصيل خروجها من البلاد إلى فرنسا بعيدا عن أعين الأمن التونسي، بعد أن جعلوها تفلت من قبضة المخابرات الجزائرية.
والجمعة الماضية، حاولت السفارة الفرنسية ترتيب خطة نفذها ضباط مخابرات تابعين للمديرية العامة للأمن الخارجي، من أجل تسفير أميرة بوراوي إلى فرنسا عبر مطار "قرطاج الدولي"، وهو ما تم بالفعل وكانت خطة تهريب الناشطة الجزائرية تتم بنجاح، قبل أن يلتقطها أمن الحدود التونسي، ويوقفها، بعد أن لاحظ أنها لا تملك ختما على جوازها لدخول تونس، ما أثار الشك والريبة لدى شرطة الحدود، حيث تم التبليغ عن الأمر لدى الأجهزة الأمنية، التي بدورها قامت ببحث عن إسم الناشطة الجزائرية في لائحة معطياتها الأمنية، وهو ما جعلها تكتشف أن أميرة بوراوي مطلوبة من لدن السلطات الجزائرية، ما جعل عملية التهريب كلها على "كف عفريت".
وبعد أن شارفت الخطة برمتها على الفشل، تدخل السفير الفرنسي في تونس، شخصيا، وبدأ يَضغط على السلطات التونسية من أجل منح الناشطة الجزائرية إذن الخروج من البلاد على ضمانة الجمهورية الفرنسية، بحكم أن أميرة بوراوي تحمل الجنسية الفرنسية.
طلب السفير الفرنسي، قوبل بالتريث بحكم العلاقة المعقدة بين الرئيس التونسي قيس سعيد والنظام الجزائري وما لها من "غموض" وملايين الدولارات منحتها الجزائر لتونس مقابل مواقف سياسية لقيس سعيد في المنطقة، وهو ما جعل الخارجية الفرنسية تتدخل مباشرة لدى وزير الخارجية، عثمان الجرندي، الذي مَهَدّ الطريق لأميرة بوراوي بمغادرة التراب التونسي، بداعي أنها تحمل الجنسية الفرنسية، وهو ما سيكلفه لاحقا منصبه، بعد أن أقاله رئيس الدولة، قيس سعيد من منصبه.
توالي الأحداث، جعل خطوط الهاتف ساخنة بين تونس والجزائر مع تواجد ضباط للمخابرات الفرنسية على الأراضي التونسية ينتظرون إتمام مهمتهم لـ"تهريب" الناشطة الجزائرية عبر رحلة للخطوط الفرنسية من مطار قرطاج الدولي، وهو ما تم فعليا، بعد أن تم تغليف قرار السلطات التونسية، بقبول مغادرة الناشطة الجزائرية نحو فرنسا، بحكم قضائي، تحصلت عليه.
وبعد تردد كبير وتعقيدات وضغوط فرنسية على تونس، صعدت أميرة بوراوي إلى الطائرة المتوجهة إلى مدينة ليون الفرنسية، الإثنين الماضي، ورافقها ضابط من المديرية العامة للأمن الخارجي، التي تعد الذراع الاستخباراتي للجمهورية الفرنسية في الخارج.
وفور وصولها إلى مطار " ليون سانت اكسوبيري" أكدت الناشطة الفرنسية-الجزائرية أميرة بوراوي أن رحيلها إلى فرنسا عبر تونس ليس هروبا إلى "المنفى" وأنها "ستعود قريبا" في ظل توتر دبلوماسي بشأنها بين باريس والجزائر. وكتبت بوراوي التي كانت ممنوعة من مغادرة الجزائر وأوقفت في تونس قبل إطلاق سراحها بأمر قضائي ومغادرتها إلى فرنسا الإثنين الماضي، "لم أذهب إلى المنفى، فأنا في بلدي هنا مثلما كنت في الجزائر". وأضافت عبر فيسبوك "سأعود قريبا جدا" إلى الجزائر.
واعتبرت بوراوي تصرف شرطة الحدود التونسية "اختطافا". وأضافت: "أشكر الذين أكدوا أنني لن أجد نفسي خلف القضبان مرة أخرى"، مشيرة إلى منظمتيّ العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، والصحفيين، والموظفين العاملين في سفارة فرنسا في تونس.
وعلى ضوء تنقل بوراوي من إلى فرنسا عبر تونس، قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون استدعاء سفيره لدى باريس "للتشاور" عقب ما وصفه بـ "عملية الإجلاء السرية" للناشطة أميرة بوراوي من تونس إلى فرنسا، حسب ما أعلنت الرئاسة في بيان. وجاء فيه: "أمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، باستدعاء سفير الجزائر بفرنسا، سعيد موسي، فورا للتشاور"، مشيرا إلى أن الجزائر أعربت لفرنسا عن "احتجاجها الشديد على عملية الإجلاء السرية وغير القانونية" لبوراوي المطلوبة للقضاء الجزائري.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :