رغم الماضي الاستعماري المؤلم والإهانات المتكررة.. تبون لا يستبعد عودة العلاقات مع فرنسا قريبا على عكس المغرب
لم يستبعد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في حواره الخاص مع قناة الجزيرة الذي بُث كاملا أمس الأربعاء، أن تعود العلاقات الديبلوماسية إلى طبيعتها مع فرنسا في وقت قريب، معتبرا أن الخلافات التي تحدث بين البلدين بين فترة وأخرى هي عادية في ظل وجود تاريخ استعماري مؤلم كانت الجزائر ضحيته.
وأقدمت الجزائر منذ حوالي شهرين على استدعاء سفيرها من باريس من أجل التشاور، في خطوة احتجاجية ضد قيام فرنسا بتهريب ناشطة صحافية من تراب الجزائر نحو تونس ومن ثم إلى فرنسا، ويتعلق الأمر بالجزائرية أميرة بوراوي التي تحمل الجنسية الفرنسية، التي كانت مطلوبة للقضاء الجزائري.
وبالرغم من أن الجزائر أعربت عن رفضها لتهريب أميرة بوراوي، ودخلت في أزمة ديبلوماسية جديدة مع باريس، إلا أن الرئيس الجزائري في لقاء إعلامي مع قناة الجزئرة، لم يستبعد عودة الأمور إلى طبيعتها مع فرنسا، وعودة السفير الجزائري إلى منصبه، دون أن يتم حل هذه القضية أو الوصول إلى اتفاق مرض لها.
وكانت الأزمة الجديدة قد نشبت بين الجزائر وفرنسا بعد شهور قليلة من الانتهاء من أزمة أخرى كان قد تسبب فيها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عندما صرح بأن الجزائر دولة أسستها فرنسا، ولم تكن قبل دخول الاستعمار الفرنسي لشمال إفريقيا دولة مؤسسة تحمل إسم الجزائر بالحدود الجغرافية الحالية التي كانت فرنسا وراء ترسيمها.
وكان المسؤولون الجزائريون قد اعتبروا أن تصريح ماكرون وتصريحات عدد من المسؤولين الفرنسيين في هذا الموضوع، هي إهانات موجهة للجزائر، تنضاف إلى الإهانات الكثيرة التي أقدمت عليها فرنسا في تاريخها الاستعماري للجزائر، خاصة المجازر التي ارتُكبت في حق الجزائريين خلال حرب التحرير.
لكن ردود أفعال النظام الجزائري تُجاه فرنسا مقارنة بردود أفعالها مع بلدان أخرى في الجوار، مثل المغرب وإسبانيا، تُظهر نوعا من "التباين" ويثير انتقادات للنظام الجزائري، من طرف عدد من المتتبعين، خاصة بعض الأطراف العربية الداعية للوحدة، التي ترى أن الجزائر تتساهل مع الإهانات والتجاوزات التي ترتكبها فرنسا في حقها، لكنها مقابل المغرب تقدم على ردود أفعال "متشنجة" و"مشحونة بالعداء"، بالرغم من أن المغرب لم يرتكب أي إساءات تصل إلى حجم ما ارتكبته فرنسا ضد الجزائر.
كما أن المغرب سبق أن وجه دعوتين من طرف الملك محمد السادس للنظام الجزائري، لبدء صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين ونسيان أخطاء الماضي، إلا أن الجزائر لم ترد على الدعوتين وتجاهلتهما تماما، في حين -حسب تعبير مهتمين بالشؤون الجزائرية- تُهرول لإصلاح العلاقات مع باريس في أول فرصة تسنح لها.
ويواجه النظام الجزائري في هذا السياق انتقادات بالتبعية لفرنسا بالرغم من الخطوات الصورية التي يقوم بها للاحتجاج على باريس بين فترة وأخرى، وتدل على ذلك استمرار التعامل بين البلدين رغم حدوث أي أزمة، على عكس ما قام به مؤخرا مع إسبانيا على إثر قيام الأخيرة بدعم المغرب في قضية الصحراء.