الاستثمارات الأجنبية بالمغرب مستمرة في الارتفاع.. وفرنسا في الصدارة رغم الأزمة الدبلوماسية

 الاستثمارات الأجنبية بالمغرب مستمرة في الارتفاع.. وفرنسا في الصدارة رغم الأزمة الدبلوماسية
الصحيفة - خولة اجعيفري
السبت 29 أبريل 2023 - 18:18

يبدو أن جاذبية المغرب بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة قد تحسنت بشكل ملحوظ في الشهور الأخيرة، ما مكّن المملكة من رفع مستوى تدفُّقات هذه الإستثمارات ليبلغ 4,54 مليارات درهم عند متم مارس 2023، أي ارتفاع بنسبة 10,4 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الفارطة، وذلك على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي يتكبّدها المغرب وبلوغ التضخم أسوأ مستوياته.

وسجّلت عائدات الاستثمارات الأجنبية المباشرة ارتفاعا بنسبة 1,7 في المائة لتصل إلى 7,22 مليارات درهم، في حين سجلت النفقات انخفاضا بنسبة 10,3 في المائة، وفق المؤشرات الشهرية لمكتب الصرف والخاصة بالمبادلات الخارجية برسم شهر مارس.

وتُظهر المعطيات التي تحصّلت عليها "الصحيفة" من مكتب الصرف، استمرار تسيُّد فرنسا قائمة المستثمرين الأجانب في المغرب على الرغم من الأزمة السياسية والبرود الدبلوماسي بين البلدين، وذلك بقيمة استثمارات تجاوزت 8.141 مليون درهما في 2022،  تليها الولايات المتحدة الأمريكية باستثمارات بلغت 7.131 مليون درهما خلال نفس الفترة الزمنية.

وحلّت الإمارات العربية المتحدة ثالثة على مستوى حجم الاستثمارات الأجنبية في المغرب والأولى عربيا، وذلك بقيمة استثمارية بلغت في نفس السنة 3.065 مليون درهما، أي بانخفاض مهم مقارنة مع سنة 2021 التي سجّلت استثمارات بلغت قيمتها 4.320 مليون درهما.

وتموقعت كل من بريطانيا وإسبانيا على التوالي كرابع وخامس مستثمر أجنبي في المغرب، وذلك  بقيمة استثمارية وصلت 2.811 مليون درهما للأولى و1.355 مليون درهما بالنسبة للثانية، غير أنه من المرشح أن تشهد حجم الاستثمارات الإسبانية في المغرب ارتفاعا متواترا في الأشهر القادمة خاصة مع دخول مستثمرين وشركات اقتصادية من مدريد على خط الاستثمار في مجالات الطاقات البديلة والكهرباء والفلاحية مطلع السنة الجارية.

ومن جهتها، استقرت الاستثمارات المغربية المباشرة بالخارج، برسم الفصل الأول من السنة الجارية، على مبلغ يعادل 5,106 مليارات درهم، مقابل 5,068 مليارات درهم خلال الفترة ذاتها من سنة 2022.

وموازاة لذلك، همت تحويلات هذه الاستثمارات مبلغ 3,44 مليارات درهم، لتسجل شبه استقرار مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية، مما أدى إلى ارتفاع طفيف في صافي تدفقات الاستثمارات المغربية المباشرة بالخارج بنسبة 1,4 في المائة.

وتعليقا على هذه الأرقام، أرجع سالم الغماري الخبير الإقتصادي والمالي، في تصريحه لـ "الصحيفة"، هذا التحسن في مؤشرات الاستثمارات الأجنبية في المغرب إلى انكباب المغرب على إصلاح النصوص التنظيمية المرتبطة ‏بميثاق الاستثمار، وتقليص الوثائق الإدارية الخاصة بالمستثمرين بنسبة 15 في المائة كان له الأثر المُباشر على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتنويع الشركاء إلى  جانب خروج الممملكة من اللائحة الرمادية سيساهم في رفع منسوب ثقة ‏المؤسسات المالية الدولية ‏والمستثمرين ‏الأجانب.

وأورد الغماري، في حديثه للجريدة، أن تحسُّن المناخ العام للاستثمار بالمغرب أسهم بشكل عام في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية بما فيها لدول جديدة أفريقية وكذا أوروبية، انفتحت بشكل مباشر على السوق الوطني من خلال الاستثمارات في قطاعات مهمة ومُ{رة على غرار العقار، السياحة، الفلاحة والطاقات المتجددة.

ويرى الخبير الاقتصادي، أن الطفرة النوعية للمغرب على المستوى الصناعي خاصة صناعة السيارات، والطائرات مكّنته أيضا من استقطاب مستثمرين جدد وشجّعت المستثمرين التقليديين وحتى المتردّدين على دخول غمار السوق الوطنية، بنوع من الارتياح مع المعايير الجديدة التي يكفلها ميثاق الاستثمار الجديد والمناخ الاستثماري المتحسن مقارنة مع العقود الماضية.

وشدّد المتحدث، على أن الحكومة مُطالبة أكثر من أي وقت مضى باستغلال هذه الفرصة وكذا الظرفية الجيوسياسية العالمية، مشيرا إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية وإن كانت قد أضرّت بالاقتصاد العالمي والوطني، لكنها فرصة أيضا وجب استغلالها سيّما مع انسحاب المستثمرين من هذه الدول ولجوء بعضهم إلى الاستثمار في المغرب، وبالتالي وُجب العمل على توفير مناخ عام يثمن الظرفية خاصة وأن الاضطرابات تسود إقليميا.

ودعا الخبير الاقتصادي، الحكومة إلى الانفتاح وسن استراتيجية واضحة تصبو لاستقطاب رؤوس الأموال وتبيان المؤهلات الصناعية والاقتصادية والفلاحية والتكنولوجية وكدا الطاقات البشرية التي يحوزها المغرب، والتسويق لها بشكل كبير عوض انتظار شجاعة المستثمرين أو المراهنة على حب استطلاعهم، سيما وأن المنافسة مشتدة إقليميا.

وعلى من الرغم من المؤهلات الكبيرة للمغرب استثماريا، يرى الخبير الاقتصادي أنه " لا تزال بعض رؤوس الأمور تُفضل دولا أخرى أقل من المغرب"، الأمر الذي يجب على الحكومة أن تعيه جيدا وتفهم أن المملكة في قلب منافسة إقليمية كبيرة، تستلزم انفتاحها على سوق الاستثمار واستغلال المكانة الاقتصادية وما حققه في السنوات الأخيرة لإقناع رؤوس الأموال من دول آسيوية وعربية وكذا لاتينية وأفريقية بولوج سوق الاستثمار الوطنية.

وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قد أكد على هامش أشغال المؤتمر الوطني حول مناخ الأعمال المنعقد تحت شعار: "جيل جديد من الإصلاحات"، شروع حكومته في إعداد خارطة طريق استراتيجية جديدة لتحسين بيئة الأعمال في أفق سنة 2026.

وأوضح رئيس الحكومة أن خارطة الطريق هذه تتماشى مع التوجيهات الملكية السامية، والخلاصات الأساسية للنموذج التنموي الجديد، والالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي، فضلا عن مقترحات الكتاب الأبيض للاتحاد العام لمقاولات المغرب، مؤكدا أنها تأتي نتيجة حوار وثيق مع القطاع الخاص من أجل تحديد اهتماماته وأولوياته الاستراتيجية.

كما تشكل خارطة الطريق المعتمدة من قبل اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، وفق أخنوش، نقطة تحول حاسمة في إدارة عمل هذه اللجنة منذ إحداثها سنة 2010، مشيرا إلى أنها تستند على 3 رافعات أساسية تضم 13 مشروعا هيكليا، بالإضافة إلى ركيزة رابعة أفقية.

وتحدد الركيزة الأولى، حسب رئيس الحكومة، تحسين الظروف الهيكلية لمناخ الأعمال، مؤكدا أنها أولوية مشتركة تستهدف النسيج الاقتصادي بأكمله، بغض النظر عن حجم المقاولة. 

وتهم الركيزة الثانية، يضيف أخنوش، تهيئة الظروف المواتية لتطوير المقاولات الصناعية من أجل دعم السيادة الإنتاجية ومساندة التحول الهيكلي للاقتصاد الوطني، فيما تهدف الركيزة الثالثة إلى نشر ثقافة مقاولاتية قوية لخلق مقاربة مبتكرة فيما يتعلق بالاستثمار ببلادنا.

ولفت أخنوش إلى اعتماد بُعد "الأخلاق والنزاهة ومكافحة الفساد" كركيزة رابعة، أفقية، داعمة للركائز الثلاث الأولى، وذلك بالنظر "إلى الترابط القوي الذي يجمع مجال تحسين مناخ الأعمال بقواعد الأخلاقيات والنزاهة التي تميزه".

وأكد رئيس الحكومة أن تنفيذ خارطة الطريق وتفعيل الإجراءات الحكومية من شأنه المساهمة في تعزيز الاستثمار وتحسين جاذبية مناخ الأعمال ببلادنا، مبرزا أن المملكة تطمح لتصبح قطبا جهويا للإنتاج والتصدير، انسجاما مع التوجيهات السامية لجلالة الملك.

في المقابل، اعتبر أخنوش، أن تحقيق هذا الطموح لن يتأتى إلا من خلال تعبئة وانخراط كافة الفاعلين، ولا سيما القطاع الخاص، الذي تطمح الحكومة إلى أن يلعب دورا قياديا لتحقيق هذه الغايات، داعيا كافة الشركاء الاقتصاديين من المستثمرين الوطنيين والأجانب، للدفع بهذه الدينامية وتعزيز استثماراتهم في المملكة من أجل تحقيق التنمية الشاملة المنشودة.

وأشار، في هذا الإطار، إلى أن الحكومة تطمح خلال سنة 2023 إلى الرفع من مناصب الشغل المحدثة، لافتا إلى أن هذا الطموح يسانده انتعاش الأنشطة غير الفلاحية، من جهة، وتحسين القيمة المضافة للأنشطة الفلاحية بعد التغيرات المناخية الأخيرة، من جهة أخرى.

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...