الحلم مهنتي المستحيلة
لقد اخترت طريقي بما يكفي، هكذا كنت أحاول إقناع نفسي لأغطي عن ذلك الفشل الذي يطاردني في كل اختياراتي، أعرف مسبقا أن الحياة لايمكن أن تعطيك كل شيئ، وهذا الفهم بدوره يزيد في تعقيد الأمر، ويجعلنا جميعا نجد سببا بل أسبابا عظيمة في تبرير فشلنا، وبذلك نجلس القرفصاء نمضع الوقت ونقول أشياء بعيدة عن الصواب وكم نجد أنفسنا مستعدين للتكيف مع الجديد من الأجواء رغم طعمها المر، إننا بكل بساطة نقبل على أنفسنا أن نفوت فرصة التعافي من الجهل بحقيقة أنفسنا، لهذا سيظل الإنسان دائما عدو نفسه.
في كل مرة أحاول الإقتراب من نفسي فلا أستطيع، هل فعلا لا أستطيع؟ أم هي طريقة ناعمة للتخلص من مواجهة أخطائي الكثيرة، بل من هفواتي الكبيرة التي راكمتها كما راكمت كتبي في بيت مغلق في السطح لايعبر إليه هواء نقي ولا تدخله قطط الجيران، لقد تحولت مع مرور الأيام إلى محترف في الهروب من مواجهتي لتقصيري في الجواب عن الأسئلة الحارقة التي أحاول ما استطعت دفنها في المهد.
لقد سمعت الكثير من الحكايات، والغريب أنها تشبه حكاياتي البئيسة، وفي كل مرة أقول : وأنا أجد كل التعافي في عثرات هذه الحكايات، الحمد لله هناك مجموعة من الكائنات الهشة تشبهني، لست الوحيد الذي يصطاد الماء بالغربال، هناك الكثير من الكائنات تبدأ قصتها بالفشل وتنام عليه، ومع ذلك هاهي تمشي ، تتحرك بكل سهول ولاتبالي، ولما لا فقد تختار يوم السبت والأحد للذهاب للصيد لبعض أنواع الحيوانات التي تشبهنا، إننا في كثير من الأحيان على الأقل حيوانات أليفة قد لاننفع كثيرا في أكثر من موضع لكن نعمل كل مافي وسعنا أن لانضر أحدا، وربما هذا مايجعلنا نفتخر بأنفسنا نحن الآخرين كبقية الكائنات المحظوظة.
مهما يكن، لقد تعلمت من الحياة أشياء كثيرة، وأصبحت في أحايين كثيرة أفهم الأشياء وخلفياتها ولا أحرك ساكنا، ياللهول لقد تحولت إلى حيوان بارد، ولم أعد أعر لمفهوم النجاح أية قيمة تذكر، ربما سمعت يوما من مفكر كبير أو صغير أن النجاح إحساس داخلي، أنا لايهمني الأمر في شيء، كل مايهمني في هذه الحياة هو أن أعثر على نقطة الحب، وهناك من يشبها من المفكرين بنقطة الضوء، في مكان ما في هذه الأرض الشاسعة، ورغم يقيني بذلك، فالمهمة تبدو صعبة المنال على رجل مثلي مهنته المستحيلة هي الحلم .
ومع ذلك ففي كل مرة أحاول الاقتراب جديا من نفسي أشعر بالخوف، إنني أحمل تاريخا من الصور المكبوتة، وكم أشعر بالانتعاش عندما أجدني أرفض التخلص منها، لقد أصبحت جزء مني، من شخصيتي، لقد تحولت إلى ظل يرافقني ، إلى عشق يسكنني، وياله من عشق عندما يجعلك تشعر بأنك تعيش أجمل الذكريات، بحلوها ومرها بمغامراتها، وبهفواتها وأخطائها الفادحة، لكن الأروع فيها أنها كانت أصيلىة وغير مصطنعة بالمرة.
آه، كم أنا مسرور عندما أجد أنني نجحت في الحفاظ على طريقتي في حب الأشياء، بل في فهمها كما تتحرك فوق الأرض، وكثيرا من المرات أشعر أنني مختلف، وقد يصل بي الأمر أن أشعر أنني متميز، وكم يجعلني هذا أن أشعر بالطمأنينة كاملة رغم يقيني التام أن كل هذه الأحاسيس وهمية، وليكن، فمهمتنا في هذه الحياة أن ننجو بأنفسنا، أن نبحث عن الطريق ، لا نكترث بمقولتي الفشل والنجاح في حياتنا، الأهم هو أن نحافظ مهما تكون الظروف على احترام ذواتنا وهذا لامحالة سيكون أجمل حلم نحققه في حياتنا.
كاتب مغربي