اضطرت للتراجع.. المخابرات الفرنسية تحصي التلاميذ المسلمين الذين احتفلوا بعيد الفطر والمدارس تحتج بسبب انتهاكها مبادئ العلمانية
امتدت أيادي المخابرات الفرنسية إلى داخل المؤسسات التعليمية من أجل مراقبة المسلمين، حيث تسربت إلى وسائل إعلام محلية مؤخرا مضامين مراسلة وجهتها الشرطة الاستخباراتية إلى المديريات المكلفة بالتعليم في منطقتي تولوز ومونبليي لإحصاء التلاميذ الذين تغيبوا في يوم عيد الفطر، قبل أن تتراجع عن هذا الإجراء الذي يطعن في مبادئ العلمانية التي تحكم مؤسسات الدولة في البلاد.
وقالت صحيفة La Dépêche du Midi بأن حوالي مائة مؤسسة تعليمية في تولوز وضواحيها تلقت رسالة بالبريد الإلكتروني من جهاز الشرطة الاستخباراتية، أحد أجهزة المخابرات في البلاد، بتاريخ 26 أبريل 2023، تطالبهم من خلالها بتسليمها جردا لجميع التلاميذ الذين غابوا عن الدراسة بتاريخ 21 أبريل الموافق لعيد الفطر.
وفي وقت لاحق تسلم مدراء المؤسسات التعليمية الثانوية والإعدادية في منطقة مونبليي رسالة مماثلة، وفق ما أوردته صحيفة le Journal du dimanche، التي قالت إنه في اليوم الموالي قام المدير الأكاديمي لمصالح التربية الوطنية بإقليم هيرو، بمراسلة المؤسسات المعنية لإلغاء هذا الإحصاء، حيث وقع مراسلة يدعو فيها إلى عدم أخذ البريد الإلكتروني السابق بعين الاعتبار، معتذرا عما جاء فيه.
لكن هذا الأمر لم يمر بسلام، فحسب تقارير فرنسية كان لهذه الخطوة وقع سلبي في صفوف الهيئات الإدارية والتدريسية في المؤسسات التعليمية، على اعتبار أن الأمر ينطوي على عملية إحصاء للتلاميذ المسلمين، وهو الأمر المنافي لمبادئ العلمانية، بل الأسوأ من ذلك هو استغراب المؤسسات التعليمية من دخول أحد أجهزة المخابرات على الخط وتحويل ديارنة التلاميذ إلى شأن أمني.
ونقل موقع "ميديا بارت" الفرنسي عن إيفون ماناك السكرتير الأكاديمي لأهم اتحاد لرؤساء المؤسسات التعليمية بمنطقة هوت غارون بتولوز، قوله إنها المرة الأولى التي تتلقى فيها مدارس المنطقة طلبا كهذا، موردا أن المراسلة "يبدو أنها قادمة من وزارة الداخلية، ويبدو أن جهاز الشرطة قام بإرساله دون إخبار مديرية التعليم".
من جهتها أوضحت ماري سيسيل، الأمينة العامة للاتحاد النقابي الموحد، أن من حرّك هذه العملية كانت هي أجهزة المخابرات الإقليمية، في حين أعرب أرنو روسل، ممثل نقابة تعليم محلية بمونبيليي تأكيده أن مهنيي التعليم احتجوا على ما حصل، مستغربا طلب مثل هذه البيانات من المدارس ومصيرها بعد أن تتوصل بها أجهزة المخابرات.
وأظهرت هذه الخطوة مرة أخرى المقاربة الأمنية المتشددة للسلطات الفرنسية تجاه المسلمين في عهد الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، إذ لأول مرة تتم مراقبة التلاميذ المسلمين خلال أحد الأعياد من طرف أجهزة المخابرات، على الرغم من أن مسألة التغيب عن المدرسة لأسباب دينية محسوم فيها في فرنسا وفق القانون، إذ تأذن المدارس للتلاميذ بالغياب للاحتفال بالمناسبات الدينية الرئيسية، ومنها عيد الفطر.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :