بعد زيارتهم للعيون.. 100 برلماني فرنسي يُطالبون ماكرون بالاعتراف بمغربية الصحراء
تتزايد الضغوط المغربية على فرنسا لكي تحذو حذو دول المنتظم الدولي المعترفة بسيادة المملكة على أراضيها الجنوبية، وذلك في ظل أزمة وجفاء دبلوماسي مستمر بين الرباط وباريس لن يُنقذه وفق المراقبين سوى خروج باريس من منطقة الضبابية إلى إعلان موقف بيّن صريح وواضح من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
في هذا السياق، وجهّ حوالي 100 نائب فرنسي من جميع الأطياف السياسية، رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تضمّنت مطالب جدية باتخاذ موقف صريح من ملف الصحراء المغربية تزامنا مع التراجع المسجل لفرنسا في القارة الإفريقية، وتدهور علاقات قصر الإليزيه مع الدول المحورية في القارة السمراء، وعلى رأسهم المغرب.
وتضمّنت الرسالة البرلمانية الفرنسية الموجّهة إلى قصر الإليزيه، استنكارا لما وصفه الموقّعون بـ "المماطلة" التي ينتهجها الرئيس ماكرون في ملف الصحراء، في ظل اعتراف دولي واسع بالموقف المغربي، على غرار ألمانيا وإسبانيا وهولندا.. مشيرة إلى أن هذا الوضه "يدفع الرباط إلى البحث عن شركاء جدد في المجال الاقتصادي والعسكري، وهو ما يتم حاليا بشكل واسع".
ولفتت الرسالة وفق ما نقلته منابر إعلامية إلى أن "العلاقات مع شمال إفريقيا متدهورة للغاية"، مع مواصلة الرئيس التونسي قيس سعيد التوجه إلى دول أوروبية أخرى غير فرنسا، والاعتماد بشكل أوسع على الولايات المتحدة الأمريكية.
وتأسف السيناتورات الفرنسيين لـ "تدهور اللغة الفرنسية بالدول الإفريقية مقارنة باللغة الإنجليزية" مشدّدين على أن "طموحنا ليس استعادة فرنسا الاستعمارية، فنحن نعلم أن ذلك الزمن قد ولى، لكننا غير واعين بالسياسة التي ينتهجها رئيسنا بالقارة الإفريقية".
وزاد النواب الفرنسيون في مضامين الرسالة الموجه لـ "الإليزيه" : "اليوم النيجر، أمس مالي، وجمهورية إفريقيا الوسطى، ثم بوركينافاسو، كلها رفضت فرنسا، والقوات الفرنسية، والشركات الفرنسية. وبعد فشل عملية برخان، ها هي ميليشيات فاغنر الروسية، التي لا ترمش سوى إلى القليل من حقوق الإنسان أو الديمقراطية، متاحة تمامًا لجميع القادة الموجودين في السلطة، من خلال توحيد سكان المنطقة ضد القوة الاستعمارية القديمة، لتنتشر في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مظاهرات وأعمال مناهضة لفرنسا في بلدان كانت تعتبر قريبة منا، مثل كوت ديفوار أو السنغال".
ونوّه محمد زيدوح رئيس مجموعة الصداقة المغربية الفرنسية بمجلس المستشارين من جانبه، بمضامين الرسالة سالفة الذكر التي وقّعها 94 نائبا فرنسيا، على رأسهم روجر كاروتشي، النائب الأول لرئيس مجلس الشيوخ المسؤول عن العلاقات الدولية، وبرونو ريتايلو، رئيس مجموعة الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ثم كريستيان كامبون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بمجلس الشيوخ.
وأكد زيدوح في تصريح لـ "الصحيفة"، أن الرسالة المذكورة لم تكُن سوى أولى ثمار سنة ونصف من الاتصال والتواصل بين أعضاء لجنة الصداقة الفرنسية المغربية سواء في مجلس المستشارين المغربي أو نظيره الفرنسي، تخلّله لقاءات من الترافع المنتظم عن القضية الوطنية، تفعيلا لأدوار الدبلوماسية البرلمانية التي ما فتئت تزداد أهمية وتأثيرا على مستوى خدمة مصالح المملكة والدفاع عن قضاياها العادلة في المحافل الإقليمية والدولية، في انسجام تام مع العقيدة الدبلوماسية الوطنية التي حدد الملك محمد السادس مرتكزاتها.
وأوضح المستشار البرلماني، أن مجموعة الصداقة المغربية الفرنسية، طيلة الفترة السابقة كانت كلها آذان صاغية لفهم الطرح المغربي ولمس مقتضياته المعقولة والمنطقية لإيجاد حل لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، موردا أن آخر زيارة لرئيس اللجنة كريستيان كومبون للمغرب، اثمرت خروجه بتصريح علني قال فيه إنه حان الوقت لتغير الموقف الفرنسي.
وقال زيدوح، إن الأمور سارت بالتسلسل ووفق وتيرة متكاملة حيث تم رفع وتيرة التأثير المغربي بمجلس الشيوخ، لتقريبهم من الطرح المغربي وتمكينهم من الحجج التي يتوفر عليها المغرب لوضع حد لهذا النزاع المفتعل، "وحقيقة كانوا جد مقتنعين، وأكدوا أنه حان الوقت لتغير باريس موقفها، لاسيما وأن المغرب بلد لديه مصداقية دولية ويدافع عن قضيته العادلة بثقة تامة".
وشدّد زيدوح، على أن المستعمر القديم فرنسا، هي الدولة الأكثر معرفة بتفاصيل هذا الملف وأحقية المغرب في سيادته على أراضيه الجنوبية، وذلك لاعتبارات مرتبطة بالأرشيف وحقيقة الحدود التاريخية للمملكة منذ فترة الحماية وخلال حقبة الاستعمار، مضيفا: "النواب الفرنسيون لم يكتبوا الرسالة التي وقّعها وزراء سابقين، إلا بعدما اقتنعوا تماما بمبادرة الحكم الذاتي المغربية، وضرورة أن تغير باريس موقفها وتنضم للدول المعترفة بمغربية الصحراء على غرار ألمانيا اسبانيا وغيرها".
وأشار المستشار البرلماني، إلى أن القرار أخذ وقته التام من طرف أعضاء مجلس الشيوخ بما فيه رئيسه، ممّن سافروا صوب العيون ليروا بأم أعينهم التطور التنموي الحاصل في الأقاليم الجنوبية في غضون العامين ونصف.
وحول احتمالية أن يكون للرسالة تأثير إيجابي يُخرج فرنسا من موقفها الضبابي، قال المستشار البرلماني، إن تأثير الرسالة موجود سيّما وأنها أخذت صبغة عالمية تزامنا مع الخروج الإعلامي لنيكولا ساراكوزي الذي شدد فيه بدوره على أنه لابد من أن فرنسا تغير موقفها.
وتابع المتحدث بالقول: "فرنسا دولة لها سيادتها بطبيعة الحال، ولكن أعتقد الرسالة سيكون لها صدى إيجابي وهذا أملنا" مضيفا: "علاقتنا بباريس هي علاقة تاريخية ولدينا أهداف مشتركة ولكي تحمي مصالحها يجب أن تراعي مصالح المغرب بدورها، كما أن الدفاع عن وحدته الترابية مسألة مشروعة والمنتظم الدولي مقتنع بالطرح المغرب على العموم".
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :