بعد التحذيرات الاستخباراتية وجدل الخريطة الكاملة للمملكة.. الجيش الإسباني ينشر قواته في مُحيط مدينة مليلية
بعد مضي أيام معدودة، على نشر موقع سفارة المغرب لدى العاصمة الإسبانية مدريد، خريطة كاملة للمملكة تشمل مدينتي مليلية وسبتة، وتزامنا مع تحذيرات سابقين في الاستخباراتية الإسبانية بـ"غزو مغربي وشيك" للمدينتين المحتلتين، أعلنت قيادة الجيش البري الاسباني، نشرها لدورية مراقبة لمنطقة مليلية في إطار المهام الموكلة إلى قيادة العمليات البرية لضمان أمن وسلامة التراب الوطني.
وأوضحت هيئة الأركان العامة للدفاع الإسباني، عبر شبكات التواصل الاجتماعي أن هذه العملية التي تقوم بادرت إليها قيادة العمليات البرية تدخل في إطار ضمان أمن وسلامة التراب الوطني، وهو نشاط يقوم به فوج المهندسين المنتشر في مليلية بانتظام.
واللافت في هذا النشاط العسكري الإسباني الذي تقوده وزارة الدفاع في الجارة الشمالية، وفق صحيفة "إل ديباتي" الإسبانية، هو أنه يحدث بعد أيام قليلة فقط من الجدل الدائر حول إدراج سبتة ومليلية ضمن الخريطة المغربية الكاملة، وبعد أسابيع قليلة فقط من إمضاء رئيس الحكومة بالنيابة، بيدرو سانشيز، بضعة أيام في إجازة في مدن مغربية مختلفة.
وبحسب ما أوردته الصحيفة نقلا عن وزارة الدفاع الإسبانية، فإن هذا الفوج من المهندسين الثامن يتمركز في ثكنات كابيتان أريناس الكائنة في مدينة مليلية المحتلة، ومهمته الأساسية هي "دعم القيادة العامة لمليلية والوحدات المكونة لها من خلال العمل الفني والمتخصص وتقديم المشورة المحددة بشأن قرارات القيادة".
وشدّدت وزارة الدفاع الإسبانية، على أن هذا الدعم يتم تنفيذه من خلال وحدات Sapper (الجسور والتحصينات وحقول الألغام)، والوحدات الآلية، وفرق التخلص من المتفجرات، والغواصين، وفرق الالتقاط، وتحلية المياه وضخ المياه، والخزانة الفنية والصيانة، مشيرة في الآن ذاته، إلى أن هذه الوحدة ليس من مهامها الرئيسية مراقبة الحدود، بل قيادة العمليات البرية، باعتبارها "المسؤولة عن تخطيط وتنفيذ ومراقبة عمليات تأمين المساحات البرية ذات السيادة والمسؤولية والمصلحة الوطنية".
وتأتي هذه الخطوة، بعد أسابيع على بث وسائل إعلامية إسبانية مقربة من دائرة الحكم أخبارا تُفيد باستعداد المغرب لـ"غزو" المدينتين المحتلتين، بحيث نقلت عن المركز الوطني للاستخبارات (CNI) الإسباني، تحذيراته لقوات الأمن الإسبانية، بأن يكونوا مستعدين، لاعتقاده أن المغرب سيخفف المراقبة على السياج الحدودي بسبتة ومليلية المحتلتين، بهدف الضغط على ألبيرتو نونييث فيخو كي لا يغير موقف بيدرو سانشيز بشأن الصحراء المغربية، إذا وصل إلى رئاسة الوزراء.
وحسب ذات المصدر، فقد تلقى كبار المسؤولين الأجانب معلومات استخباراتية تفيد بأن الرباط ستشن هجوما في الأيام التي تلي مباشرة تنصيب زعيم حزب الشعب ألبرتو نونيز فيجو رئيسا للوزراء، وستكون وسيلة للضغط على الرئيس الجديد للسلطة التنفيذية حتى لا يغير موقف إسبانيا الحالي بشأن الصحراء، ما دفع ضباط سابقين في المخابرات لتحذير السلطات الإسبانية ودعوتها إلى التحضير لمواجهة احتمال وصول عدد كبير من المهاجرين في وقت واحد من عدة نقاط.
وكان موقع سفارة المغرب لدى العاصمة الإسبانية مدريد، قد نشر قبل بضعة أيام خريطة للمملكة تشمل مدينتي مليلية وسبتة المحتلتين ما أثار جدلا في الداخل الإسباني، سيّما وأنها خطوة تزامنت مع استمرار مشاورات تشكيل الحكومة الإسبانية المقبلة عقب الانتخابات التي شهدتها البلاد يوليوز الماضي وتصدَّرها الحزب الشعبي دون أن يحصل على عدد المقاعد الضرورية لتأليف حكومة بمفرده.
وسارع رئيس مدينة مليلية، إلى الرد على الخطوة المغربية، معتبرا إيها "عدوانا عدائيا آخر" للمغرب على إسبانيا كما طالب الحكومة بتقديم احتجاج رسمي على الخريطة، وهو ما تفاعلت معه الخارجية الإسبانية من جانبها بالتأكيد بأن "سبتة ومليلية مدنتان إسبانيتان بدون وجود أي شك". متجنبة في الآن ذاته، الإشارة إلى المغرب وقضية الخريطة، واكتفت بترديد ما سبق أن كانت تردده في كل جدل يتعلق بوضع المدينتين المغربيتين المحتلتين، حيث تُجدد بأن المدينتين هما أراض إسبانيا لا تقبل النقاش أو الشك.
"وكان مرصد سبتة ومليلية" الإسباني كان قد تقدم في يونيو الماضي بشكوى رسمية إلى شركة "غوغل" الأمريكية عبر فرعها في إسبانيا، بشأن الخطوط المتقطعة التي يُحدد بها تطبيق الخرائط "Google Map" الحدود الجغرافية لمدينتي سبتة ومليلية، وهي الخطوط التي تعني أن تلك المنطقتين متنازع عليهما بين إسبانيا والمغرب.
وحسب ما أوردته الصحافة الإسبانية، فإن رئيس المرصد، كرلوس اتشيبيريا، وجه رسالة تتضمن شكاية إلى مدير "غوغل" في إسبانيا، يُطالبه فيها بتصحيح "الخطأ" الذي يرتكبه تطبيق الخرائط التابع للشركة، والمتمثل في وضع خطوط متقطعة على حدود سبتة ومليلية وكأنهما مناطق متنازع عليهما، في حين أنه لا يوجد نزاع ذات صبغة دولية في المنطقتين حسب تعبير رئيس المرصد، وبالتالي هما أراض إسبانية.
وجاء ذلك التحرك من طرف المرصد المذكور، بعدما نشرت صحيفة "الإسبانيول" قبل ذلك تقريرا قالت فيه بأن شركة "غوغل" الأمريكية تضع خطوطا متقطعة على حدود مليلية وسبتة مع المغرب في الخرائط التي تنشرها عبر تطبيقها "Google Map"، مشيرة إلى أن "غوغل" تفعل ذلك بالنسبة للمناطق المتنازع عليها، مستغربة أن تُطبق ذلك على المدينتين اللتين تعتبر "أراض إسبانية غير متنازع عليها".