لسان وهبي يَصنع الفوضى.. وهذه المرة مّس السياسة الخارجية للمغرب وأعطى للجزائر ساعات من البروباغندا الإعلامية
زلات اللسان الصادرة عن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ليست أمرا مفاجئا، لكنه هذه المرة، حين أعلن أن المغرب مستعد لقبول الدعم الذي عرضته الجزائر على غرار دول أخرى، لم يضع نفسه فقط في مشكلة، بل كل الحكومة وأيضا السياسة الخارجية للمملكة، الأمر الذي دفع وزير الخارجية ناصر بوريطة إلى نفي الأمر في حديث خص به "الصحيفة".
وعند استضافته هاتفيا من طرف قناة "العربية" للحديث عن آخر تطورات الزلزال الذي ضرب المملكة، سُئل وهبي عن إمكانية قبول المغرب بالمساعدات القادمة من الجزائر، ليعلن أن المملكة مستعدة لقبولها كما هو الشأن بالنسبة لمساعدات دول أخرى، مع ربط الأمر بالتنسيق مع وزارة الخارجية، وتحديد حاجيات المملكة في كل مرحلة على حدة.
ويبدو أن الجزائر، التي أطلقت سلطاتها النار على 4 شبان مغاربة لمجرد أنهم تاهوا وسط البحر بالمنطقة الحدودية المتاخمة للسعيدية، وأردت اثنين منهم قتلى واعتقلت ثالثا، كانت تنتظر مسؤولا حكوميا مغربيا ليفتح لها الباب لإعلان بعث المساعدات إلى المملكة، لتعجل قناة الجزائر الدولية بإعلان إيفاد فريق إنقاذ بعد قبول المغرب دخول طائرة تحمل عناصره من مطار "بوفاريك".
وبسرعة، انصب اهتمام وسائل الإعلام الجزائرية على هذا "القبول" المغربي، لتعلن صحيفة "البلاد" عن تخصيص 3 طائرات "لمساعدة الشعب المغربي" منها اثنتان تحملان الأدوية والمواد الغذائية والخيم والأفرشة، وظهرت أطقم الإنقاذ وهي تحمل العلم الجزائري استعدادا للإقلاع، لكن سرعان ما تأكد أن ما قاله وزير العدل بعيد عن الحقيقة.
وفي الوقت الذي بدأ فيه وهبي يحاول لملمة الأمر، أكد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في ساعة متأخرة من مساء أمس الاثنين، أن المغرب لم يؤكد للجزائر بأنه قَبِل مساعداتها، نافيا أن تكون المملكة قد فتحت الباب لاستقبال المساعدات المُقترحة من الجارة الشرقية، سواء فيما يتعلق بفرق الإنقاذ أو الدعم العيني.
وسبق للسان وهبي أن تسبب له مرارا في المشاكل، لكن تأثير الأمر هذه المرة كان خارجيا لا داخليا، ومسّ مجال السياسة الخارجية المحفوظ للملك، والذي يتم التعامل معه بحذر شديد من طرف دائرة ضيقة مقربة من عاهل البلاد، لذلك، فإن الرباط وإلى غاية اللحظة ظلت حريصة في قضية قبول مقترحات المساعدة، ولم تستقبل سوى 4 فرق إنقاذ من إسبانيا وبريطانيا وقطر والإمارات.
وجاءة تصريحات وهبي في الوقت الذي لا ترغب فيه المملكة في إتاحة الفرصة لبعض الدول من أجل كسب النقاط الدبلوماسية مستغلة فاجعة الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز وامتد إلى أقاليم أخرى مجاورة، وخصوصا فرنسا التي رفض الملك الرد على اتصال هاتفي من رئيسها إيمانويل ماكرون، والجزائر التي عجلت بإعلان فتح مجالها الجوي مع المغرب بشكل مؤقت، لكن دون أن تستجيب الطائرات المغربية لذلك.
وقبل أشهر فقط، وتحديدا في دجنبر الماضي، كان وهبي مهددا بالخروج من الحكومة، إثر فضيحة نتائج امتحان الحصول على الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، حين دافع على نجاح ابنه بكون "أبيه ثريا وأرسله ليدرس في كندا"، وقبل ذلك بأشهر أثار جدلا قبيلا حين دافع عن سحب البنود المُجرمة للإثراء غير المشروع من تعديلات القانون الجنائي.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :