إعادة إعمار المناطق المنكوبة من زلزال الحوز.. الحكومة تقدرها بـ 5 إلى 6 سنوات.. ورئيس هيئة المهندسين المعماريين للصحيفة: تكفينا سنة واحدة
يواصل المغرب مجهودات الإغاثة والإسعاف قبيل تطويق حصيلة الخسائر التي تكبّدها جرّاء الزلزال العنيف الذي ضرب معظم أقاليمه ليلة الجمعة الماضي، متسبّبا في بروز تحديات جديدة مرتبطة بإعمار وتنمية المناطق المتضررة، لم تكن في حسبان الحكومة ولا في بال ميزانيتها السنوية.
وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، لم يحصر المغرب بعد خسائره البشرية والمادية من الزلزال المدمر والأعنف من نوعه في تاريخ البلاد، بيد أن التوقعات الأولية ترجّح، أن المغرب يحتاج من 5 إلى 6 سنوات لإعادة إعمار المناطق المنكوبة، وفق رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، الذي أكد في كلمة له خلال اجتماع للجنتي المالية بمجلس البرلمان، خصص لإخبار الحكومة للبرلمانيين بإحداث "الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة عن الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية"، أن "عملية البناء والإنقاذ في المناطق المتضررة ستستمر".
أما بالنسبة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، فإن التفكير في إعادة الإعمار مؤجل حاليا، على اعتبار أن تركيز السلطات في الوقت الراهن، منصب حول العمل على إيجاد حلول لإيواء السكان الذين فقدوا منازلهم.
وأشار الرجل الثاني في هرم الدولة، إلى أن "اجتماعا مع اللجنة الوزارية المكلفة بوضع برنامج استعجالي لإعادة تأهيل وتقديم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة على مستوى المناطق المتضررة، سيعقد في أقرب الآجال".
ومبدئيا، تحدّث رئيس الحكومة، عن تضرر "حوالي 500 مدرسة بين ابتدائية وثانوية، إضافة إلى مراكز صحية، وطرقات يجب تعبيدها"، مؤكدا أن "وزارة الداخلية وكافة المصالح الأخرى تبذل مجهودات كبيرة وتشتغل بقوة خلال هذه الظروف العصيبة، حيث تتركز الجهود على إنقاذ الأشخاص في وضعية صعبة، ودفن الموتى، إلى جانب تقديم المواد الغذائية ووسائل الإيواء".
وفي انتظار حصر الحكومة لتكلفة إعادة الإعمار والخسائر في القادم من الأيام، بدت هيئة المهندسين المعماريين المغاربة أكثر تحمّسا ورغبة وإرادة في تسريع وتيرة إعادة الإعمار وإرجاع المتضررين إلى بيوتهم، رافضين بالمُجمل التقديرات الزمنية الذي وضعتها الحكومة دونما انتظار للدراسات الميدانية التي من المفترض أن يقوم بها الخبراء والمتخصصين في هذا المجال.
وتعليقا على الرقم الذي وضعه النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين، عندما أكد أن المغربي سيكون في حاجة الي خمس أو ست سنوات من أجل إعادة إعمار ما فقده جراء الزلزال، قال شكيب بنعبد الله رئيس هيئة المهندسين المعماريين في المغرب، إن هذه الفترة الزمنية "طويلة جدا وغير معقولة أبدا من الناحية المهنية".
وأوضح بنعبد الله، في التصريح الذي خصّ به "الصحيفة"، أن الفترة الذي تحدّث عنها رئيس مجلس المستشارين طويلة جدا، ذلك أنه في حالة وفّرت الحكومة الإمكانيات المادية واللوجيستيكية، فإن إعادة الإعمار ستستغرق من المهندسين المغاربة ما بين 6 أشهر إلى حدود سنة واحدة من العمل على أبعد تقدير.
وشدّد رئيس هيئة المهندسين المعماريين في المغرب، على أنه من غير المعقول ترك المواطنين المتضررين ومنكوبي الزلزال في العراء طيلة هذه الفترة التي تحدّث عنها رئيس مجلس المستشارين والحكومة، خصوصا وأننا نعيش ظروف استثنائية جرّاء الزلزال المدمر، ما يستدعي تضافر الجهود وتوفير جميع الشروط والضروريات اللازمة للنهوض من جديد، ومساعدة البلاد.
وحول الخطة التي سيُباشرها معماريو المغرب في حالة راهنت عليهم الحكومة وأمدّتهم بكل الإمكانيات اللوجيستيكية والمادية لإعادة إعمار المناطق المتضررة، قال بنعبد الله، إنه وفور تأشير الحكومة بالضوء الأخضر للمهندسين المعماريين، "سنعمل لمدة ثلاثة أشهر على الدراسات التقييمية والميدانية لنكون أمام خارطة عمل محكمة، قبل مباشرة الأشغال وفق شروط جديدة تحترم ضابط البناء المضاد للزلازل، وكذلك خصوصية المنطقة".
وأردف الخبير الهندسي: "فور إمدادنا بتكلفة المشروع، من المؤكد سنكون على قدر التحدي، وقد سبق وفعلناها مرارا وسلمنا المشاريع في ظرفية زمنية أقل من التوقعات".
وبخصوص التكلفة المتوقّعة لإعادة إعمار هذه المناطق، أكد المهندس المعماري أنه من السابق لأوانه الحديث عنها، على اعتبار أنه لم تحصر الدول بعد مجمل خسائر الزلزال، لكن المؤكد أننا كلنا مجنّدون لإعادة المتضررين لمساكنهم وإعادة بناء أسقف تأويهم وتحميهم من البرد القاسي في الصيف، تماما كما تضمن أمنهم وسلامتهم في حالة وقوع نكبات طبيعية جديدة".
وفي وقت يرى رئيس هيئة المهندسين المعماريين في المغرب، أنه من السابق لأوانه الحديث عن تكلفة إعادة إعمار المناطق التضررة، من المهم الإشارة إلى أن الحكومة المغربية باتت تراهن على التضامن الكبير في صفوف المواطنين والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والمؤسسات العمومية والخاصة، من أجل توفير إيرادات مالية توجه إلى جهود إعادة الإعمار المرتقبة.
وفي هذا الصدد، ترأس الملك محمد السادس، جلسة عمل خصصت ﻟﺑﺣث اﻟوﺿﻊ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟزﻟزال، وتم على إثرها فتح ﺣﺳﺎب ﺧﺎص ﻟدى اﻟﺧزﯾﻧﺔ وﺑﻧك اﻟﻣﻐرب ﺑﮭدف ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻣﺳﺎھﻣﺎت اﻟﺗطوﻋﯾﺔ اﻟﺗﺿﺎﻣﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣواطﻧﯾن واﻟﮭﯾﺋﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ.
وتُذكّرنا هذه المبادرة، بمثيلتها التي تم إحداثها في زمن الجائحة، وبالضبط مارس 2020 عندما فتح المغرب حسابا تحت اسم "الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا" للراغبين في إرسال التبرعات عبر تحويلها إلى حساب مفتوح لدى بنك المغرب من أجل تدبير أزمة كورونا.
ومباشرة بعد الإعلان عن الحساب الجديد الذي أنشئ على إثر واقعة الزلزال المدمر، شرع المغاربة والجالية المغربية المقيمة في الخارج، فضلا عن المؤسسات العمومية والخاصة والمؤسسات الدستورية والحكومية والأفراد من أثرياء المغرب في تحويل أموال إلى هذا الحساب، وبالتالي من المنتظر أن يكون موردا جديدا للحكومة من أجل تسريع وتيرة الإعمار في أقرب وقت دون إرجاء أو تأجيل.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :