الجزائر تتراجع تدريجيا عن تعنتها مع مدريد بسبب الصحراء المغربية وتقرر مراجعة أسعار الغاز المصدر إلى إسبانيا
شرعت الجزائر في الفترة الأخيرة في مراجعة تكلفة أزمتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إسبانيا، وقررت التوقف عن التعنت الذي كانت تصر عليه في الشهور الماضية، حيث تعتزم إرسال سفير جديد لها في مدريد، إضافة إلى إعادة العلاقات التجارية والاقتصادية التي قامت بتعليقها منتصف العام الماضي، بسبب موقف إسبانيا الداعم لمبادرة الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية.
وفي إطار هذا الانفراج الحاصل في العلاقات الثنائية بين البلدين، قالت تقارير إعلامية متخصصة، إن شركة "سونطراك" الجزائرية ونظيرتها الإسبانية "ناتورجي" شرعتا مؤخرا في إجراء مفاوضات بشأن أسعار الغاز الجزائري الذي سيتم تصديره إلى إسبانيا فيما تبقى من هذا العام والعام المقبل 2024.
ووفق نفس المصادر، فإن المفاوضات من المرتقب أن تسفر على اتفاق بين الشركتين حول سقف أسعار يخدم مصالح البلدين، تماشيا مع عودة العلاقات الثنائية بين الطرفين على جميع المستويات، وهو ما يعني أن الجزائر ستعمل على تخفيض الأسعار مقارنة بالأسعار التي كانت تبيع بها الغاز إلى إسبانيا خلال أزمتهما الدبلوماسية والاقتصادية.
هذا وأشارت المصادر الإعلامية نفسها إلى أن سبب تراجع الجزائر عن صدامها مع إسبانيا وتعنتها، تبقى أسبابه غير واضحة إلى حدود الساعة، حيث أنها كانت تصر في الشهور الماضية على أن حل الأزمة يبقى رهين بتغيير مدريد موقفها الداعم لسيادة المغرب على الصحراء، وهو الأمر الذي لم يحدث من طرف إسبانيا إلى الآن.
وفي غياب أي تصريحات رسمية من أصحاب القرار في قصر المرادية، نقلت الصحافة الجزائرة تصريحات عن بعض المسؤولين من بينهم جمال الدين بو عبد الله، رئيس المجموعة الصناعية والتجارية الجزائرية الإسبانية، الذي برر تراجع الجزائر عن القطيعة مع إسبانيا إلى ما اعتبره موقف رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي كان حسب المتحدث متميزا عن باقي القادة الغربيين، حيث أعلن أن الحل النهائي للصراع يكمن وراء منح الفلسطينيين الحق في إنشاء دولتهم المستقلة.
وقال جمال الدين بو عبد الله، إن الجزائر تُقدر هذا الموقف من بيدرو سانشيز، مضيفا في نفس السياق في تصريح لصحيفة جزائرية، أن من العوامل الأخرى التي دفعت الجزائر إلى إنهاء قطيعتها إلى مدريد، هو ما وصفه بـ"التعديلات" في خطاب سانشيز بشأن قضية الصحراء، حيث دعا خلال خطابه الأخير في الأمم المتحدة بضرورة إيجاد حل سياسي مرض للطرفين، دون الإشارة إلى الحكم الذاتي.
ويرى متتبعون لما أدلى به المسؤولون الجزائريون بشأن إنهاء القطيعة مع إسبانيا، أنها مجرد تبريرات تخفي من ورائها عجز الجزائر في الضغط على إسبانيا للتراجع عن موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء، خاصة أن خطاب بيدرو سانشيز في الأمم المتحدة هذه السنة لا يختلف عن الخطاب الذي أدلى به العام الماضي، حيث دعا إلى حل سياسي متوافق عليه دون الإشارة إلى الحكم الذاتي بالإسم، ومع ذلك لم تتخذ الجزائر قرار إصلاح العلاقات مع مدريد أنذاك.
ووفق هؤلاء، فإن لجوء الجزائر إلى القضية الفلسطينية التي يستعملها النظام كثيرا في خطاباته السياسية، هو أيضا مبرر آخر من أجل مدارة إخفاق قصر المرادية في دفع إسبانيا لتغيير مواقفها من قضية الصحراء، خاصة بعدما تيقن لديها أن بيدرو سانشيز بات هو الأقرب لتولي الحكومة لولاية جديد، وهو المسؤول الذي كان قد أعلن في مارس الماضي تغيير موقف إسبانيا المحايد من قضية الصحراء إلى الدعم الصريح مقترح الحكم الذاتي المغرب لحل النزاع.