لخلق توازن مضاد.. الجزائر تسارع لإصلاح علاقاتها مع إسبانيا تزامنا مع بدء تذويب الخلافات بين فرنسا والمغرب
دفع فشل اليمين الإسباني الذي راهنت عليه الجزائر لانتزاع رئاسة الحكومة الإسبانية من اليسار الذي يقوده زعيم حزب العمال الاشتراكي بيدرو سانشيز، إلى تغيير أصحاب القرار في قصر المرادية، من تحركاتهم الدبلوماسية، وقررت الجزائر الشروع بشكل سريع ودون أي مؤشرات أولية في إصلاح العلاقات مع إسبانيا قبل أسابيع قليلة من تجديد الثقة في سانشيز.
وحسب العديد من التحليلات السياسية لهذه الخطوة الجزائرية، فإن عوامل عديدة ساهمت في مسارعة الجزائر لإنهاء قطيعتها لإسبانيا، من بينها أن حتى الرهان الجزائري على أحزاب سياسية مؤثرة، مثل الإئتلاف اليساري "سومر" الذي تقود يولندا دياز، من أجل الضغط لدفع الحكومة الجديدة لإنهاء أسباب القطيعة معها، باءت بالفشل، حيث أن الاتفاق الذي أبرمته يولندا دياز مع بيدرو سانشيز لتشكيل الحكومة الجديدة، لم يتضمن أي شيء له علاقة بقضية الصحراء أو الأزمة مع الجزائر.
ووفق نفس القراءات، فإن هذه العوامل، ينضاف إليها عامل التوقيت الذي اختارته الجزائر، وهو توقيت يتزامن مع بدء الرباط وباريس في تذويب الخلافات الثنائية بشكل تدريجي، خاصة بعد استقبال الملك محمد السادس لسفير فرنسا لدى الرباط، وتعيين سميرة سيطايل سفيرة جديدة للمغرب في باريس بعدما ظل المنصب الأخير شاغرا لشهور طويلة.
وفي خضم هذه التطورات، نقلت تقارير إعلامية فرنسية وجزائرية، أن النقاشات الثنائية بين الجزائر وفرنسا بشأن قضايا الذاكرة، لازالت تعرف خلافات ولا تُبشر بقرب الوصول إلى تفاهمات عبر اللجنة المشتركة التي تم إحداثها خصيص لحلحلة ذلك الملف، وهو الأمر الذي يكبح النظرة المتفائلة بقرب تجاوز البلدين لخلافاتهما.
ويبدو الوضع في المنطقة منذ وقت قريب، أن المغرب هو الذي أصبح قريبا من تأسيس علاقات قوية سواء مع إسبانيا أو مع فرنسا، في حين أن الجزائر لازالت تتخبط في إيجاد مسار واضح في علاقاتها مع باريس، وكان ينضاف فوق ذلك أزمتها مع مدريد، وهي الأزمة التي كانت هي من بدأتها منذ 19 شهرا بسبب إعلان حكومة بيدرو سانشيز دعمها لمقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية.
ويبدو أن الجزائر قررت أن تتخذ خطوة استيباقية لبدء إصلاح العلاقات مع إسبانيا في أفق استئناف كافة علاقاتها مع مدريد، بهدف خلق التوازن في المنطقة وعدم السماح للرباط بالانفراد بعلاقات جيدة معها ومع فرنسا، خاصة أن ذلك قد يكون له تأثيرات سياسية كبيرة على الجزائر ومصالحها، خاصة مع الاتحاد الأوروبي.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، أن إسبانيا هي التي تترأس حاليا الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن الجزائر لو استمرت في موقفها المعاند لإسبانيا، فإن ذلك قد يُنتج ردود أفعال سلبية تُجاهها من طرف باقي بلدان الإتحاد، وهو ما لا ترغب فيه الجزائر، خاصة في ظل التقارب المستمر بين المغرب وبلدان الاتحاد.