التنسيق الوطني للتعليم يتوعّد الحكومة والنقابات بمزيد من التصعيد.. والسحيمي لـ "الصحيفة": الحكومة تتحمل مسؤولية تمطيط الزمن ولن يثنينا شيء عدا إسقاط النظام الأساسي
وصف التنسيق الوطني لقطاع التعليم، مخرجات اللقاء الذي جمع اللجنة الوزارية الثلاثية والنقابات الأكثر تمثيلية في القطاع أمس الخميس بـ "الفارغ"، مهدّدا بخوض برنامج نضالي تصعيدي جديد بعد العطلة يصُد زواج "النقابات والحكومة"، الذي يستهدف مصالح الشغيلة التعليمية، ولا يصبو حلحلة هذا الملف المحموم على طاولة الحكومة، في ظل استمرار الاحتجاجات والإضرابات الواسعة التي يقودها المهنيون وتشل المؤسسات التعليمية في مختلف ربوع المملكة منذ شهرين.
وتُراهن الحكومة بقيادة عزيز أخنوش على اللقاءات الاستشارية، للجنة الوزارية الثلاثية المؤلفة من كل من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، مع النقابات الأكثر تمثيلية في القطاع من أجل امتصاص غضب الشغيلة المُضربة من شهرين، وهي اللقاءات التي "أقصي" منها التنسيق الوطني لقطاع التعليم، باعتباره من يقود دفة الاحتجاجات التي تشهدها شوارع المملكة، ويرفض مجمل مخرجاتها بما فيها تجميد النظام الأساسي للقطاع موضوع هذا الاحتقان المستمر.
وعلى الرغم، من إعلان الحكومة والنقابات الاثنين الماضي، "تجميد" العمل بهذا النظام الأساسي وإطلاقها الجولة الأولى من اللقاءات الاستشارية من أجل بلوغ بر التوافق، إلا أن التنسيق الوطني يُواصل تشبثه بالتصعيد إلى حين إعلان الحكومة رسميا عن "إسقاط" هذا النظام بالكامل، وفق ما أكده الفاعل التربوي وعضو التنسيقية عبد الوهاب السحيمي.
السحيمي، وفي تصريح لـ "الصحيفة"، اعتبر مخرجات اجتماع أمس الخميس بالرباط، بين النقابات واللجنة الثلاثية الوزارية التي تم تشكيلها من أجل معالجة الإشكاليات المرتبطة بالنظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، "فارغا، ولم يأت بأي جديد يُذكر عدا اجترار مخرجات اللقاء السابق الذي جمع الطرفين، والاتفاق على عقد اجتماع آخر بتاريخ جديد".
وحول احتمالية عدول عدد من الأساتذة عن الإضراب والاحتجاج في سياق هذه المُحاولات الحكومية لحلحلة الملف، سيّما مع ظهور تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي لعدد منهم ثمّنت مخرجات الاجتماعات ووعدت بالعودة إلى الأقسام بعد العطلة الرسمية، شدّد السحيمي على أنه احتمال "غير وارد أبدا، وأن الجميع مؤمن بضرورة التصعيد واستكمال الأشكال الاحتجاجية إلى حين إعلان الحكومة عن إسقاط النظام الأساسي والاستجابة الفورية إلى مطالبنا المشروعة والمعروفة".
وتوعّد التنسيق الوطني لقطاع التعليم، في تصريحه لـ "الصحيفة"، الحكومة بمزيد من التصعيد بعد العطلة الحالية، مؤكدا على لسان السحيمي: "نحن مستمرون في النضالـ وقريبا سنجتمع لنضع برنامجا نضاليا جديدا، ولن يوقفنا سوى الاستجابة لكل مطالبنا وعلى رأسها إسقاط النظام الأساسي وتحسين وضعية الأساتذة والإجتماعية والمادية، وتسوية فورية وشاملة وعادلة للملفات العالقة، والإلتزام بالاتفاقات السابقة التي لم يتحقق منها شيء".
وتعليقا على تصريح سابق لـ "الصحيفة" شدّد فيه الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، على أن "خيار إسقاط النظام الأساسي، غير مطروح قطعا ويقود صوب تمطيط الوقت وإهداره عبثا"، قال السحيمي، إن هذا "الموقف المشوب وغير الصحيح يمثل النقابات والحكومة ومصالحها حصرا، لكنه يتعارض جذريا والتنسيق الوطني ومصالح الشغيلة ومطالبها المشروعة، والنقابات والحكومة يتحدّثان بلسان واحد أساسا لا يُمثلنا ولا يعنينا ولا يعبّر عن مشاغلنا".
واعتبر السحيمي، أن زمن النقابات "المتهالكة التي لا تستحضر مصالح الشغيلة وهمومها وتُدافع عنها حتى آخر رمق ولو على حساب مصالحها الشخصية، قد ولّى والكلمة اليوم للتنسيقيات الوطنية، التي أقصتها الحكومة قصدا من كل اللقاءات والجلوس على طاولة الحوار، طبعا لأنها تدرك أنها لن تُطبّع مع كل ما يستهدف مصالح العاملين في القطاع".
وفي هذا الإطار، جدد السحيمي، استنكاره لواقع مقاربة "التعنت والتماطل والتجاهل التي تنهجها الحكومة ضد التنسيق الوطني لقطاع التعليم الممثل الحقيقي لرجال ونساء التعليم المضربين والمحتجين"، مشيرا إلى أنهم ومن منطلق حُسن النية راسلوا الحكومة لحضور الاجتماعات واللقاءات الاستشارية، لكن لم يتم استدعاءهم ولم يتوصلوا بأي دعوة للجلوس على طاولة الحوار على الرغم من علم الجميع بالتعارض الكبير بين المحتجين والنقابات التي لا تعتبر ممثلا للمحتجين المناضلين في الشوارع "وبالتالي فإن الحكومة هي التي تمطط الوقت وتهدره" يقول السحيمي.
من جهة ثانية، ثمن ممثلو النقابات التعليمية الأربع الأكثر تمثيلية الموقعة على اتفاق 14 يناير 2023 مخرجات اجتماع أمس الخميس بالرباط، مع اللجنة الثلاثية الوزارية، حيث أكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل، الصادق الرغيوي، أنه تم التوصل إلى مجموعة من القرارات، أهمها الاتفاق على إصدار وزارة التربية الوطنية دورية لتفعيل قرار تجميد مقتضيات النظام الأساسي الحالي، "باستثناء مسألة التوظيف كونها مستعجلة من أجل إنقاذ الموسم الدراسي المقبل"، مشيرا إلى أنه جرى الاتفاق أيضا على إلغاء نظام العقوبات المنصوص عليه في هذا النظام والاحتفاظ بنظام العقوبات الوارد في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
وسجل أنه تم الاتفاق، كذلك، على عقد اجتماع مع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، يوم الأربعاء المقبل، من أجل النظر في مسألة زيادة الأجور، وكذا إعادة النظر في نظام التعويضات.
من جانبه، ثمن الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل، ميلود معصيد، مخرجات الاجتماع "الذي يندرج ضمن سيرورة اجتماع ممثلي النقابات التعليمية برئيس الحكومة"، معربا عن تطلعه إلى التوصل إلى نتائج إيجابية في هذا الشأن. ولفت إلى أنه تم التطرق أيضا إلى موضوع العقوبات والملفات الفئوية، مشيرا إلى أنه ستتم مناقشة هذا الموضوع خلال اجتماع في الأسبوع المقبل.
من جهته، أكد الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، يوسف علاكوش، أن هذا الاجتماع يندرج في إطار تنزيل ما تم الاتفاق حوله خلال الاجتماع الذي عقدته النقابات مع رئيس الحكومة.
وأضاف أنه تم الاتفاق مع اللجنة الثلاثية الوزارية على القيام بمراجعة شاملة من أجل تعديل المواد المتضمنة في النظام الأساسي، مبرزا أنه تم التوافق على الرفع من وتيرة الاشتغال من أجل إدخال كل التعديلات التي ستكون لها انعكاسات مالية قبل التصويت على قانون المالية لسنة 2024.
بدوره، أكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديموقراطية للشغل، يونس فراشين، أن اجتماع اليوم، الذي يعتبر الأول من نوعه، كان مثمرا، مشيرا إلى تأكيد النقابات التعليمية على ضرورة أن يكتسي قرار تجميد النظام الأساسي صبغة قانونية.
وسجل أنه تم الاتفاق على عقد اجتماع الأسبوع المقبل من أجل مناقشة مقترحات النقابات بشأن الزيادة في الأجور والاستماع إلى رد الحكومة حول كل ما يتعلق بتحسين دخل نساء ورجال التعليم.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :