مصادر في السفارة الفرنسية بالرباط لصحيفة لوموند: باريس تشعر بـ"ندم" على "عنجهيتها" تجاه المغرب.. والعلاقات بين البلدين تعود إلى طبيعتها بـ"حذر وتواضع"

 مصادر في السفارة الفرنسية بالرباط لصحيفة لوموند: باريس تشعر بـ"ندم" على "عنجهيتها" تجاه المغرب.. والعلاقات بين البلدين تعود إلى طبيعتها بـ"حذر وتواضع"
الصحيفة – حمزة المتيوي
السبت 2 دجنبر 2023 - 12:00

أكدت مصادر دبلوماسية فرنسية أن الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا أصبحت تتراجع تدريجيا، وهو الأمر الذي عبر عنه استقبال الملك محمد السادس للسفير الفرنسي الجديد بالرباط، كريستوف لوكورتيي، ثم تعيين سميرة سيطايل سفيرة للمملكة في باريس بعد فراغ دبلوماسي غير مسبوق، لكن الأمر ينطوي أيضا على "شعور بالندم" من لدن المسؤولين الفرنسييين.

وكشفت صحيفة "لوموند" في تقرير بعنوان "العلاقات بين المغرب وفرنسا تخرج من مرحلة الجمود"، باريس راجعت الكثير من تصرفاتها تجاه المملكة، لدرجة الشعور "بالندم" على أشكال "العنجهية" التي تم التعامل بها مع المملكة، وهو ما يدور صداها حاليا داخل سفارة فرنسا بالرباط، وسط قناعة بأنه لم يعد من الممكن التعامل مع المغرب وفق المنطق القديم.

ووفق ما نقلته الصحيفة عن مصادر من السفارة الفرنسية، فإن "ذوبان الجليد" الذي تراكم على العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وفرنسا، ينتظر أن يكون "بطيئا وتدريجيا"، مبرزا أن العمل على ذلك من طرف دبلوماسية باريس "يتم بحذر، دون أي شعور بالانتصار، ومع الحفاظ على التواضع"، وذلك إثر التقارب الذي أظهره تبادل السفراء.

وأوضحت المصادر ذاتها أن المحادثات مع كبار المسؤولين المغاربة لم تتوقف أبدا، والمشاورات المنتظمة تجري بين الجانبين بخصوص العديد من المواضيع، أما على الجانب المغربي فقد اختفى التكتم الذي طغى خلال الأشهر الماضية، مع وجود "اتصالات سرية بين صناع القرار وممثلي فرنسا"، قبل أن تصبح الاجتماعات علنية وموضوع بيانات صحفية.

والأكثر إثارة للانتباه في هذه المعطيات هو اعتراف الدبلوماسيين الفرنسيين بافتقار العديد من الخطوات الباريسية تجاه المغرب للوجاهة، حيث اعترفت مصادر السفارة الفرنسية بوجود "ندم" على أشكال "العنجهية وسوء التقدير"، وأصبحت القناعة السائدة حاليا هي أنه "لم يعد من الممكن الاستمرار في التعامل مع المغرب كما فعلنا طوال الثلاثين سنة الماضية".

وأبرزت تلك المصادر أن من الأمور التي "تندم" عليها فرنسا، هي مقطع الفيديو الذي نشره الرئيس إيمانويل ماكرون على حسابه الموثق على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، عقب الجدل الذي دار بخصوص عدم قبول المغرب بعرض المساعدة الذي قدمته بلاده إثر زلزال الحوز الذي خلف مقتل حوالي 3000 شخص، حيث تخاطب حينها المغاربة مباشرة، متجاوزا الملك محمد السادس وخارِقا البرتوكول المعمول به بين رؤساء الدول.

وأول أمس الخميس، استقبل الملك محمد السادس، سميرة سيتايل، باعتبارها السفيرة الجديدة للمغرب في فرنسا، ضمن مجموعة من السفراء الجدد المعتمدين للمملكة في مجموعة من دول العالم، وذلك بعد فراغ دبلوماسي طويل امتد منذ إنهاء مهام السفير السابق للمملكة في باريس، محمد بنشعبون، بتاريخ 19 يناير 2023.

وقبل ذلك، كان الملك محمد السادس قد استقبل السفير الفرنسي، كريستوف لوكورتيي، في 4 أكتوبر الماضي، لتقديم أوراق اعتماده سفيرا مفوضا فوق العادة لفرنسا في الرباط، إيذانا ببدء مهامه بشكل رسمي، بعد انتظار طويل، حيث كان قد حل بالمغرب في دجنبر من العام الماضي، واستُقبل من طرف وزير الخارجية ناصر بوريطة، لكنه ظل ينتظر موعد الاستقبال الملكي في ظل الأزمة المتصاعدة بين البلدين.

وفي 13 نونبر الماضي ظهر السفير الفرنسي، كريستوف لوكورتيي، لأول مرة عبر منبر سمعي بصري عمومي مغربي، عندما حل ضيفا على Radio 2M، وهي الخرجة الإعلامية التي تطرق فيها لملف الصحراء والهجوم الإعلامي الفرنسي على المملكة، وأيضا إلى قضية التأشيرات.

وأكد لوكورتيي أن فرنسا تعلم منذ وقت طويل الأولوية التي يعطيها المغرب لملف الصحراء، لكن أحيانا يكون هناك نوع من "المحاكمات الخاطئة" التي تصدر عنها تقييمات غير دقيقة للموقف الفرنسي، مبرزا أن ذلك هو ما دفع السفير الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة لتوضيح الأمور مؤخرا، للتأكيد على أنه منذ أن أقدم المغرب مخط الحكم الذاتي للصحراء في 2007، كانت فرنسا إلى جانبه، معتبرا أن هذا الدعم "كان تاريخيا" وأن موقف باريس ظل دائما واضحا جدا.

وأورد السفير الفرنسي أن بلاده لم تقف عند حدود التذكير بدعمها التاريخي للمقترح المغربي، ولكن أيضا الآن "يجب التقدم إلى الأمام"، وهو ما أشار إليه ممثلها في الأمم المتحدة قُبيل صدور القرار الأخير لمجلس الأمن، مبرزا أن باريس منخرطة في هذه الدينامية التي يقودها المغرب لتطوير جهات الصحراء، حيث ستكون مرافقة له من خلال حوار ثابت حتى يصبح المخطط المغربي هو الأكثر حضورا على المستوى الدولي.

وقال لوكورتيي إن الأمر يتعلق بإعادة تأكيد على أن بلاده "حليف دائم ووفي ومُبدع وديناميكي" للمغرب، مبرزا إعجاب بلاده بـ"بسالة الشعب المغربي وبحكامة الملك محمد السادس وخططه لفائدة المنطقة"، لذلك فإن فرنسا، بسيه، اختارت تسجيل دعمها للمملكة، مع إبداء يقينها في أن الوقت سيتيح الفرصة لتحقيق تنمية جديدة، لأنه حاليا "يجب المضي إلى الأمام".

وشدد السفير الفرنسي على أن لا يجب ترك النزاع مُجمدا كما يرغب في ذلك العديد من "الشركاء الدوليين"، مضيفا أنه "ما دام قد حان الوقت للتقدم، فإن فرنسا بالتأكيد ستكون في مقدمة هذا المسار، من أجل الاستمرار في مرافقة المملكة على درب الوصول إلى حل دائم ومرضٍ يُتيح الاستمرار في المسار التنموي الذي تشهده جهات الصحراء".

من ناحية أخرى، تطرق السفير الفرنسي إلى الهجوم الذي شنه الإعلام الفرنسي على المغرب جراء عدم تجاوب المملكة مع عرض المساعدة الباريسي إثر زلزال الحوز، موردا أنه كان في المغرب حينه وشعر بالهزة، وكان معجبا بالتضامن الذي رآه بين المغاربة، لكنه أيضا شعر بـ"العار" بسبب ما تابعه عبر التلفزيون الفرنسي، وأضاف أن الأمر يتعلق بممارسات "مهينة" أضرت بالعلاقات المغربية الفرنسية كما شوهت صورة الصحافة الفرنسية.

واعتبر لوكورتيي أن الأمر ينم عن عدم معرفة بالمغرب، مبرزا أن ما قامت به الرباط من مجهودات في ظل هذه الكارثة كان ملحوظا وفعالا، في ظل صعوبة الوصول إلى العديد من المناطق المتضررة، ووصول الزلزال إلى المئات من الدواوير الممتدة على مساحات شاسعة، موردا أن فرنسا مستعدة لمرافقة المغرب لإعادة بناء تلك المناطق بالطريقة التي يراها مناسبة وفي الوقت الذي يرغب فيه.

وخلال الحوار نفسه، أعلن السفير الفرنسي بالرباط أن بلاده رفعت جميع القيود التي سبق أن فرضتها على إصدار التأشيرات لصالح المواطنين المغاربة، لطي هذا الملف بشكل نهائي، مبديا أسفه على هذا القرار الذي قال إنه كان "خسارة" لبلاده باعتراف الرئيس إيمانويل ماكرون، وأضر كثيرا بصورتها، وأوضح أن علاقة حميمية مثل تلك التي تجمع بين باريس والرباط لا تتم إدارتها عبر الإحصائيات فقط.

وأوضح لوكورتيي أن "للقلب قواعد لا يدركها العقل"، والقرار الفرنسي بخصوص التأشيرات "مس القلب"، مبديا اقتناعه بأن الأمور ستعود إلى مجاريها مع مرور الزمن، لأنه كفيل "بمحو كل تلك الفوضى والإهانات" مشددا على أن بلاده قررت منح التأشيرة لجميع الأشخاص الذين يتقدمون للحصول عليها إلى ما استوفوا الشروط المطلوبة، دون أي قيود مسبقة.

غصّة بنكيران

لا يُفوت رئيس الحكومة الأسبق، والأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الحالي، عبد الإله بنكيران، فرصة إلاّ ويرمي بكل التعب النفسي الذي مازال يحمله في دواخله منذ "البلوكاج الحكومي" الذي تلا ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...