"أنا مُقاول".. السكوري يستبق الحكومة ويُبشر المقاولين الصغار بدعم مباشر لإنجاح مشاريعهم شريطة التكوين والخضوع للمحاسبة
أعلن يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والمتوسطة والتشغيل والكفاءات، عن استعداد الحكومة لإصدار مرسوم جديد يرمي تمكين المقاولات المتوسطة والصغيرة من دعم مباشر للدولة لإنجاح مشاريعها وتجاوز العراقيل المادية في إطار برنامج "أنا مقاول" الهادف إلى مواكبة 100 ألف رائد أعمال وحامل مشروع ومقاول ذاتي ووحدات اقتصادية غير مهيكلة ومقاولات صغرى، بحلول سنة 2026.
وجاء هذا الإعلان، في كلمة لوزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والمتوسطة والتشغيل والكفاءات يونس السكوري، خلال ندوة صحافية عقدتها الوزارة بمعية الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، بقصر المؤتمرات أبي رقراق بالرباط عشية اليوم السبت حول موضوع "نشر تدابير المرافقة والدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة في إطار برنامج أنا مقاول"، حيث أشار المسؤول الحكومي، إلى عراقيل التمويل التي تواجه هذا النوع من المقاولات وتحول دون نجاح مشاريعهم الرائدة.
وفي إطار ميثاق الاستثمار الجديد، لفت المسؤول الحكومي إلى وجود بند ينص على برنامج خاص يهم المقاولات المتوسطة والصغيرة، من أجل توفير احتياجاتهم المختلفة بما فيها تلك التي تعتبر غير قابلة للتمويل البنكي في غالب الأحيان.
وبناء عليه، قررت الحكومة وفق ما أكده الوزير الوصي على القطاع إصدار مرسوم في الأشهر الأولى من عام 2024، يهم جلب دعم الدولة للمشاريع من هذا الحجم لنوعية الطلبات التي تحتاجها في إطار الدعم المباشر التي تمكنه منها الدولة في إطار لجان محلية، وذلك في إطار تكلفة تهم لبنة التمويل.
من جهة ثانية، قال السكوري، إن برنامج "أنا مقاول"، هو وليد فكرة مزدوجة لريادة الأعمال والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، وذلك عقب إجراء مجموعة من الدراسات والأبحاث والتقارير التي خلصت إلى إشكاليات حقيقية سلفا، كانت قد صبّت في العموميات المواكبة على غرار التمويل والتشبيك، ولم تنزل إلى أرض الميدان لفهم تفاصيل وتحديات المقاول، بما فيها المرتبطة بمنافسة القطاع غير المهيكل والاندماج، وإشكالية الكفاءات وكلفتها ووقتها.
وبعد التشخيص، أكد السكوري أن وزارته قامت بعمل مشترك مع البنك الافريقي للتنمية، في إطار دراسة شملت 7 ملايين من المغاربة، خلصت إلى مساءلة الوزارة نفسها حول الطريقة التي تتعامل بها مع هذه المقاولات المتوسطة والصغيرة، بحيث كشفت على أن "عدد من المقاولين حاليا، ليسوا في الحقيقة مقاولين عن اختيار بل هروبا من البطالة ولأنهم لم يتمكنوا من الحصول على عمل، وهو ما يعني غياب الشغف لدى معظمهم من أجل تطوير عملهم في إطار مقاولاتي، ضمن مجالات ذات قيمة مضافة مثل التجارة وبعض الأعمال الأخرى، وبالتالي يقول وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والمتوسطة والتشغيل والكفاءات "لا نتفاجأ إذا لم تكن نتيجة مبهرة".
وعدّد الوزير الوصي على القطاع، التحديات التي تُجابه المقاولات المتوسطة والصغيرة وتحول دون تطوير خدامتهم وتحقيق أرباح مهمة، وعلى رأسها المستوى الدراسي والتعليمي والتكويني لغالبية المقاولين الصغار، بحيث أكد السكوري أن معظمهم تعليمهم "جد منخفض، وبدون دبلوم خصوصا في عالم التجارة، وهذا يطرح مشكل في تطوير المقاولات ووضع استراتيجيات رقمية وبرنامج تطوير، ويصعب مهام توفير تكوينات وآليات في هذا الاتجاه".
وشدّد المسؤول الحكومي على أن الولوج إلى التكوين في كل مراحل المقاولة هو "مسؤولية على ديمومة المقاولة وتحصيل حاصل، تبينه المؤشرات جد المنخفضة"، وهو ما يستوجب بحسبه العمل بعمق واستبدال البرامج الترقيعية التي قامت بها الوزارة على مدار سنوات، ببرامج تقوم على تثمين المورد البشري وتطويره وتكوينه.
ويستهدف برنامج "أنا مقاول" دعم 100 ألف المقاولات الصغيرة وفق مقاربة تهدف إلى تجميع الخدمات العمومية للمقاولات، خاصة الصغيرة جدا والصغرى، بهدف دعم نموها وتعزيز تنافسيتها.
وبرنامج "أنا مقاول" يعتبر جزءا من هذه المقاربة التي تستهدف التغلب على التحديات التي تواجه المقاولات عموما، والمتوسطة والصغيرة جدا والصغرى بشكل خاص.
ويشمل البرنامج عدة تدابير، من بينها مواكبة تقنية لتطوير المقاولات، وتقديم دعم للمقاولين الذاتيين، بما في ذلك تكوين في بناء القدرات واستشارة فردية في التدبير والتسيير. كما يتضمن البرنامج دعمًا للأنشطة المحاسبية والضريبية والإدارية والقانونية لمدة ثلاث سنوات محاسبية.
وتشير تقديرات الوزير الوصي على القطاع، إلى أن تكلفة هذا البرنامج ستتجاوز 600 مليون درهم، ومن المتوقع أن يستفيد منه حوالي 100 ألف رائد أعمال وحامل مشروع ومقاول ذاتي ووحدات اقتصادية غير مهيكلة بحلول عام 2026.
السكوري، أشار في سياق مداخلته، إلى أن وزارته و"أنابيك" اتفقنا على عمل متشابك في شق تكوين المقاولين، مؤكدا أن العمل سيكون عميق في هذا المجال لتلافي الأخطاء السابقة في هذا الشق، سيّما "وأنه في وقت سابق كان المكونون نفسهم لا يملكون مقاولة ويعطون نصائح للمقاولين دون أن يكون ميدانيين، وهذا لم يعد مطلوبا أو مسموحا" يقول الوزير، الذي أكد أن التكوين سيشمل المستشارين المتخصصين بحيث تم إعادة هيكلة الوكالة "إذ أنه لا يمكن مواكبة المقاولات الصغيرة جدا عن بعد، رغم التكنولوجيات المتقدمة، ومن الضروري أن تكون المواكبة ميدانية وتجيب على الأسئلة ارتباطا بطبقات المقاولين الثلاثة، وعلى رأسها المقاولين الذاتيين المعتمدين على ذاتهم في إنتاج القيمة، وهي الفئة التي لم تحظ من قبل بأي برنامج تكوينات رغم الحاجة الماسة لمعظمهم لتكوينات في مجال اشتغالهم، على اعتبار أنهم يتوفرون على تخصص ما يفرض عقد شراكات مع المجالات المعنية".
وإلى جانب التكوين، يوفر برنامج "أنا مقاول"، الاستشارة التي يعتبرها السكوري عملية مهمة لأن طبيعة المنتج يكون أي شيء، لكن ما نرغب فيه هو منتج معقول ومفيد وعملي للناس وينزل على المستوى الترابي، خاصة وأن الشباب المغربي حامل للمشاريع والأفكار التي وجب تثمينها في إطار الجانب المواطن لتنزيل هذا المشروع، وسيتم توفير 100 ألف درهم بالنسبة لشريحة للمقاولات المتوسطة و20 ألف درهم للمقاولة الصغيرة. يضيف السكوري.
وبناء على البرنامج، سيكون المقاول المستفيد أمام "المحاسبة"، وهي عملية مهمة جدا على حد توصيف الوزير السكوري، الذي نبّه إلى أن عددا من أصحاب المشاريع لا يملكون فهما دقيقا في موضوع أن المقاولة في غالب الأحيان لديها استقلالية معنوية ووجود قانوني، وماليتها منفصلة ومستقلة، وجب الحفاظ عليها لأن خلط الملفات يضعف المقاولة ويمنع الاستثمارات الصغيرة داخلها، واذا تحققت المحاسبة سيفهم المقاول أن الأمر مرتبط بالسوق المالي.
البرنامج، ووفق ما أكده السكوري، سيوفر أيضا شيكا جديدا بالنسبة للسومة الكرائية، خاصة وأن عددا من المقاولات تواجه تحديات مكان العمل، ويسعى القائمون على هذا البرنامج، من خلال توفير السومة الكرائية، إلى إعطاء استقرار نفسي للمقاول خاصة أن العمل خارج البيت أفضل من داخل البيت أو المقهى.