بعد فشلها في الضغط على فرنسا وإسبانيا.. الجزائر تواصل الانحناء إلى العواصف الدبلوماسية وتعيد سفيرها إلى مالي
مرة جديدة، اختارت الجزائر الانحناء للعاصفة وإعادة سفيرها إلى بلد لديها معه أزمة دبلوماسية، حيث قررت إرجاع سفيرها في مالي، الحواس رياش، من جانب واحد، حتى دون أن تقوم باماكو بإجراء مماثل، وهو الأمر الذي أصبح معتادا بالنسبة لوزارة الخارجية الجزائرية، التي سبق أن فعلت الشيء نفسه مع فرنسا وإسبانيا.
ووفق معطيات نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية AFP وصحيفة "لوفيغارو"، أمس السبت، نقلا عن وزير الخارجية المالي، عبد الله ديوب، فإن السفير الجزائري عاد إلى باماكو أول أمس الجمعة، بعد أكثر من أسبوعين على استدعائه من طرف سلطات بلاده، على خلفية التوتر الدبلوماسي بين البلدين الجارين، الأمر الذي أكده أيضا "مصدر مقرب من السفارة الجزائرية".
تم ذلك قبل أن يعود سفير مالي إلى الجزائر، وهو الإجراء الذي قالت AFP إنه سيتم خلال الساعات المقبلة، وفق تأكيد "مصدر دبلوماسي مالي"، وذلك بعدما كانت باماكو قد استدعته يوم 22 دجنبر 2023 عملا بمبدأ "المعاملة بالمثل" وفق ما أعلنته حينها وزارة الخارجية المالية، ما يعني أن الجزائر هي التي بادرت بسحب سفيرها.
واختارت الجزائر التصعيد، إثر استدعاء وزير الخارجية المالي للسفير الجزائري، للاحتجاج على "الأعمال غير الودية الأخيرة التي ارتكبتها السلطات الجزائرية، تحت ستار عملية السلام في مالي"، ولإدانة استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أشخاصا مُعادين للحكومة المالية ولحركات تصفها باماكو بأنها "انفصالية" و"إرهابية".
ولم تكتف الجزائر باستدعاء السفير المالي ماهامان أمادو مايغا، من طرف وزير الخارجية أحمد عطاف، بل لجأت إلى التصعيد عن طريق استدعاء سفيرها للعودة إلى بلاده، وهو ما ردت عليه باماكو في اليوم نفسه، قبل أن تبادر الخارجية الجزائرية إلى إعادة سفيرها إلى موقعه، وهو ما يعيد إلى الأذهان تعاملها الدبلوماسي مع فرنسا وإسبانيا.
وفي أواخر مارس من سنة 2023، أعادت الجزائر سفيرها، سعيد موسي، إلى موقعه في باريس، بعد 50 يوما على استدعائه، إثر قضية المعارضة الجزائرية مزدوجة الجنسية أميرة بوراوي، التي نقلتها السلطات الفرنسية إلى أراضيها من تونس، رغم أن الرئيس الجزائري كان شخصيا يسعى إلى تسلمها من أجل محاكمتها بتهم تتعلق بالإساءة إليه.
وتلا هذه العودة، إجراء اتصال هاتفي بين إيمانويل بين الرئيسين ماكرون وعبد المجيد تبون، وعلى إثره قرر هذا الأخير إعادة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، حسب وسائل إعلام جزائرية، واكتفى بلاغ نشره قصر الإليزي، من جهته، بالقول ماكرون وتبون ناقشا "ظروف مغادرة مواطنة فرنسية جزائرية من تونس ووصولها إلى فرنسا، وقد أزالت هذه المناقشة سوء التفاهم"، دون تقديم أي توضيحات بشأن سوء التفاهم الذي نشب بين البلدين وكيف تم تجاوزه.
وفي نونبر من العام الماضي، عينت الجزائر سفيرا جديد في مدريد، بعد أن قررت، من جانب واحد، إنهاء خلافها مع إسبانيا، بعدما كان قد اتخذت قرار استدعاء سلفه منذ مارس من سنة 2022، على خلفية إعلان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية.
وعمدت الجزائر إلى هذا الإجراء بعدما "اقتنعت" بشكل مفاجئ، بأن مدريد "تراجعت" عن موقفها الداعم للطرح المغربي في الصحراء، على الرغم أن وزير خارجية مدريد، خوسي مانويل ألباريس، أكد، خلال زيارته للمغرب في دجنبر، أمام وسائل الإعلام، أن موقف بلاده المضمن في الإعلان المشترك لـ7 أبريل 2022، لا زال ساريا ولم يشهد أي تراجع.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :