بعد فوات الأوان
منذ أكثر من خمس سنوات، ونحن نعيش كل المغاربة على طبول الخوف ، الخوف من كرونا، الوباء الذي جعلنا نغادر المصافحة والحديث فيما بيننا، والخوف من غلاء الأسعار وذلك بعد اشتعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أول مرة بدأ الناس يتحدثون عن الجوع ، بل رعب الجوع، والغريب أن الناس لم تستطع تصديق الأمر، لم تصدق أن الطماطم وصل الى ثلاتة مائة درهم، هل هذه حقيقة، أم كابوس، نعم إنها حقيقة وكابوس في نفس الوقت، كل شيء اشتعل في لحظة ، والخطير أن الدولة كانت منشغلة بمواضيع أخرى بعيدة عن هموم الشعب، ولم يدم الأمر طويلا حتى تحركت الأرض تحت أرجلنا بزلزال انطلق من منطقة الحوز وانطلق كالسهم إلى مدن مجاورة وبعدها مدن في وسط المملكة وغربها، شعر الكل بالخوف ورفعوا جميع شعار التضامن وأبان الشعب أنه أقوى من الدولة عندما بكى وصرخ وتم جمع كل من الخبز والغطاء والرثاء من خلال إبداع مجموعة من الأشكال التضامنية، ومن خلال أشعار وكلمات كلها تفوح منها رائحة الحب والإخاء والمساندة المطلقة، لقد أبان الشعب أنه فعلا عظيم بكل ما تحمل الكلمة من معنى
ومع كل هذه الكوارث التي أصابت المغاربة في العمق، إلا أنهم ظلوا متشبثين بالأمل، بأن يستفيقوا ذات صباح على تساقطات مطرية تغير الأرض و الوجوه وترسم الابتسامة على صفحات هذه الوجوه الكئيبة، لكن السماء كانت عصية على الاستجابة وجعلت كل واحد منا يركن إلى ركن خاص يبكي في صمت ويأمل أن يستجيب دعائه وتنزل قطرات تغير لون الحياة البائسة ، لكن ربما القدر يهيئ لأمر ما من الأيام القادمة..
ومن المفاجآت المدهشة ، أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فكل شيء متوقف بالبلاد، والخطير أن يتوقف التعليم ، هل تعرف الدولة ، أقصد عقلاء الدولة مامعنى أن يتوقف التعليم وتغلق المدارس في البلاد؟ هذا له تفسير واحد وهو أن الدولة أصابها الإفلاس التام ، وصدقوني عندما يغيب التعليم في بلاد ما كيف ماكانت فهي مباشرة تفقد صفة الدولة، وتبقى مجرد مؤسسة أمنية تقوم بالحفاظ على النظام العام بالقوة والسلاح، لكن أين هو العلم الذي ينير البلاد ويبني الأجيال والمؤسسات ؟
في الحقيقة إننا نعيش مأساة حقيقية في كل مناحي الحياة، بدأنا نشعر باليأس يكبر يوما بعد يوم، بدأنا نفقد الأمل في كل مؤسساتنا، بدأنا نفقد ذلك الخيط الصغير من النور الذي كان يساعدنا على المشي ولو ببطء للوصول إلى مانريد، الآن نتيه بل نعيش أكبر تيهان ، لقد فقدنا القدرة على التفكير والسيطرة على أبسط الأشياء، لقد أصبنا بالشلل التام ، وأنتم ، أنتم أيها المسؤولون الفاشلون سبب قهرنا وسقوطنا المدوي، ياإلهي لم نعد نملك أية وسيلة للدفاع بها عن قضيتنا، لكن عليكم أن تعلموا أنكم أعلنتم الحرب علينا وبشراشة وبدون رحمة ، لكن تأكدوا أنكم لن تستطيعوا توقيفها أو إخمادها إلا بعد فوات الأوان.
كاتب صحافي.