هل التمور الجزائرية التي تباع في المغرب بها مواد مُسرطنة؟ المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية يوضح حقيقة تلوّث تمور الجزائر

 هل التمور الجزائرية التي تباع في المغرب بها مواد مُسرطنة؟ المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية يوضح حقيقة تلوّث تمور الجزائر
الصحيفة - خولة اجعيفري
الخميس 22 فبراير 2024 - 23:49

قبل أسابيع قليلة من بداية شهر رمضان الذي يشهد ارتفاع وتيرة استهلاك التمور، عادت حملة مقاطعة التمور الجزائرية إلى واجهة النقاش بسبب تجدد الشكوك في مصادرها واحتوائها على مبيدات كيميائية مسرطنة، الأمر الذي تنفيه بشكل قاطع السلطات المعنيات وجمعيات حماية المستهلك في حديثها لـ "الصحيفة" مدافعة عن "جودة" التمور الجزائرية المستوردة والمعروضة في الأسواق الوطنية.

ومنذ أيام، تداول رواد منصات ومواقع التواصل الاجتماعي وسم "مقاطعة التمور الجزائرية"، بدعوى أنها "مسرطنة"، وأن عددا من الدول الأوروبية على غرار فرنسا سحبتها من أسواقها، ما يستوجب بحسبهم حذر السلطات ومن استيرادها، فضلا عن تشديد مراقبة المعابر الحدودية وعدم السماح بدخول هذه التمور القادمة من الجزائر عبر مالي وموريتانيا نحو المغرب عبر معبر الكركرات.

مستوردون مغاربة:  لا نرفض التمور الجزائرية

لم تقف هذه التحذيرات "غير المستندة" إلى مصدر صحيح، عند ما سبق، بل انتشرت أخبار تداولتها أيضا عدد من المواقع الإخبارية، حول اتفاق بين مستوردي التمور المغاربة على عدم استقدام التمور من الجزائر، والانفتاح على الأسواق الخليجية في مقدمتها السعودية، الإمارات والعراق، ثم تونس إقليميا، وهو ما نفاه بشكل قطعي محمد بردي، الذي يُعد واحدا من أكبر مستوري التمور في الجهة الشرقية من المملكة النقطة الحدودية الأقرب إلى الجزائر.

بردي وفي حديثه لـ "الصحيفة"، أكد أن التمور الجزائرية حاضرة وبقوة في أسواق وجدة كما أن الإقبال عليها كبير جدا نظرا لجودتها وثمنها، مقابل ضعف الإقبال على التمور المغربية أو الخليجية بسبب ثمنها المرتفع.

ونفى المستورد المغربي للتمور الجزائرية، وجود أي اتفاق بين مجموع التجار حول تجاهل أو تجنب هذه التمور الجزائرية، مشدّدا على أنه تم بالفعل استقدام مختلف أنواع التمور المنتجة بالجزائر ومتواجدة بوفرة في السوق بما فيها تمور الدنقلة، وقد خضعت للمراقبة أيضا من طرف الجهات المختصة وتبيّن بالفعل أن ما يتم تداوله بشأن احتوائها على مواد مسرطنة "مجرد إشاعات مغرضة".

وتصريحات التاجر المغربي بجهة الشرق، لا تتنافى وتتعارض مع التصريحات التي استقتها "الصحيفة" من مجموعة من التجار في شمال المملكة بكل من إقليم طنجة تطوان وأيضا في العاصمة الرباط والدار البيضاء، حيث أكد جميعهم لـ"الصحيفة" وفرة التمور الجزائرية المستقدمة مستغربين صدور هكذا إشاعات لا أساس لها تزامنا مع شهر رمضان الأبرك.

أونسا: المراقبة مشددة أما التهريب فتقع مسؤوليته على عاتق الداخلية

وفي إطار مساعي "الصحيفة" للتحقق أكثر من مسار مراقبة التمور وحول الإجراءات التي تأخذها السلطات المعنية بهذا الخصوص تزامنا وتصاعد وتيرة مخاوف المواطنين، شدّد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) المعني الأول بالمراقبة والسلامة الغذائية للمواطنين، على أن كل الأخبار المتداولة بخصوص التمور الجزائرية لا يمُث بصلة إلى واقع الأمور، سيّما وأن أجهزة المؤسسة متجنّدة تلقائيا لمراقبة كل ما يتم إستيراده.

وأوضح مصدر مسؤول في "أونسا" في حديثه لـ "الصحيفة"، بأن جميع المنتجات المستوردة تُخضع للمراقبة الدقيقة والمتفحّصة أي كان مصدرها، وبما فيها التمور الجزائرية المتواجدة حاليا في السوق أو التي ستدخله في الأيام القليلة المُقبلة، مؤكدا أنه لا وجود لأي معطيات تُفيد باحتوائها على مواد كيماوية ممنوعة أو مسرطنة وأن جميع الاختبارات التي أخضعت إليها أظهرت أنها سليمة.

واعتبر المصدر ذاته، أن الحديث عن تلوُّث التمور الجزائرية بات بمثابة "بوليميك" سنوي، لكن "لا أساس له من الصحة، فنحن في أونسا نُراقب كل ما يدخل أو يلج أرض الوطن عند الاستراد بشكل تلقائي وأطرنا تسهر على التحقق من مدى مطابقتها لإجراءات السلامة الصحية المعمول بها وطنيا قبل توجيهها إلى سوق الإستهلاك"، مضيفا: "وأكثر من هذا، وتزامنا مع شهر رمضان نحدد المواد التي يكون عليها إقبال أكثر ونعزز المراقبة ليس فقط بالنسبة للتمور لكن أيضا العصائر والحليب وغيرها من المواد الغذائية".

حماية المستهلك: الجمارك تتحمل مسؤولية حماية المستهلك والمواطن أيضا

من جانبه، قلّل رئيس جمعية حماية المستهلك بوعزة الخراطي من شأن هذه المزاعم والإشاعات التي تستهدف التمور الجزائرية بشكل موسمي، لكن حذّر وفي الآن ذاته من التمور المهربة أو التي تلج سوق الاستهلاك عبر "الكونتربوند"، باعتبارها غير خاضعة لأية مراقبة وتشكل تهديدا جديا لصحة المغاربة.

وأوضح الخراطي، في تصريح لـ "الصحيفة"، بأن جمعية حماية المستهلك دائما ما تتفاعل مع هذا النوع من الأخبار والبلاغات والفيديوهات وتأخذها في بادئ الأمر على محمل من الجد، وبالتالي تقوم بتحرّياتها اللازمة وتأخذ العينات للتحقق لكنها لا تصل إلى أي نتيجة سلبية، مؤكدا أن "التمور التي تمر عبر القنوات الخاضعة للمراقبة دائما ما تكون سليمة، على اعتبار المراقبة الشديدة التي يفرضها المكتب الوطني للسلامة الصحية، وشهاداته تكون موضوع مراقبة من المؤسسات الدولية، وهي شهادة موثوق فيها".

أما المثير للشكوك والمرعب في سوق الاستهلاك الوطني بحسب الخراطي، المواد أو التمور غير الخاضعة للمراقبة والتي تصل المستهلك عبر التهريب،  لذلك على الجمارك الجهة المخولة لها مراقبة السلع المهربة تشديد الإجراءات بهدف حماية المستهلكين، كما أن المستهلك بدوره يجب أن يعي دوره الأساسي في هذا بأن لا يقتني من خارج الأسواق لأن المواد المشعة أو المسرطنة لا تدخل عبر المعابر والقنوات الخاضعة لآليات المراقبة وبالتالي عليه تجنب اقتناء أي مادة للاستهلاك كيفما كانت خارج الأسواق المعروفة والخاضعة للمراقبة.

وخلال سنة 2022 احتل المغرب المرتبة الثالثة عالميا من حيث استيراد التمور، فيما يتم الاستيراد غالبا من دول الإمارات العربية المتحدة ومصر والجزائر وتونس، ويرجع إقبال المغاربة على هذه الفاكهة إلى تعدد فوائدها وأهميتها في المائدة المغربية خصوصا في شهر رمضان الأبرك، إذ يبلغ معدل استهلاك الفرد في المغرب من التمور خلال سنة 2021 7 كيلوغرامات، مع العلم أن متوسط المعدل العالمي هو كيلوغرام واحد فقط.

ورغم زيادة الإنتاج المحلي للتمور في المغرب بنسبة 50 في المائة خلال الفترة الممتدة بين سنة 2010 و2021، بالإضافة إلى حصول البلاد على المرتبة 14 بين دول العالم المنتجة للتمور، إلا أن الكميات المزروعة محليا لا تكفي لتلبية طلب السوق المغربي، وبالتالي يضطر البلد إلى زيادة وارداته من التمور.

واستورد المغرب سنة 2017 70 ألف طن من التمور، بينما استورد عام 2022 ما يقارب 109 آلاف طن، بقيمة بلغت 213 مليون دولار، ما شكل أكثر من 31 في المائة من إجمالي حجم الإنفاق على استيراد الفواكه والخضروات.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

غصّة بنكيران

لا يُفوت رئيس الحكومة الأسبق، والأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الحالي، عبد الإله بنكيران، فرصة إلاّ ويرمي بكل التعب النفسي الذي مازال يحمله في دواخله منذ "البلوكاج الحكومي" الذي تلا ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...