المزارعون الاسبان يواصلون استهداف الشاحنات المغربية وتهديد المبادلات التجارية وسط صمت للحكومة المغربية
يُواصل المزارعون الإسبان، استهداف الشاحنات المغربية المحملة بالبضائع وإتلاف حمولتها على خلفية ما بات يُعرف إعلاميا بـ "ثورة الفلاحين" الغاضبة من السياسات الزراعية في أوروبا، وهو الوضع الذي وعدت الحكومة المغربية بالتفاعل معه من خلال تفعيل القنوات الدبلوماسية دون أن ينعكس ذلك واقعيا حتى الآن على وضعية الناقلين المغاربة ممن يتكبّدون خسائر مادية متعاظمة دونما أي تعويض من طرف شركات التأمين.
وعلى الرغم من تسبب هذه الأزمة في توقيف ما يزيد عن 800 شاحنة مغربية في إسبانيا، حتى الآن وفق التقديرات الأولية للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستي، ما يزال الصمت الحكومي المطبق سيّد الموقف، بعدما اكتفت في وقت التذكير على لسان الناطق باسمها المصطفى بايتاس أن موضوع الشاحنات المغربية، ذو علاقة باتفاق للتبادل الحر "وهو اتفاق شمولي وليس انتقائي، وقد تم التفاوض حول مختلف تفاصيله المواد والكميات وغيرها كما تم تفعيل القنوات الدبلوماسية من أجل حماية ولوج المنتجات المغربية إلى هذا الفضاء الأوروبي"، دون تقديم أي تفصيل أو توضيح للرأي العام بهذا الخصوص، أو تبيان كيف ستتعامل الحكومة مع واقع الاعتداءات وما يتكبّده الناقلون ماديا ومعنويا.
وحاولت "الصحيفة" التقصي حول الإجراءات التي فعّلتها الحكومة حتى الآن بهذا الخصوص، بيد أنها لم تصل إلى أي نتيجة في ظل واقع التكتم "الغريب" من طرف المعنيين بهذا الملف، وذلك في وقت توصّلت بشكاوي من المهنيين، تؤكد أن عمليات النقل مستمرة وإن لم تكن بذات الانسيابية المعتادة، بسبب تصاعد وتيرة المخاوف لدى هذه الفئة، سيّما وأن عقود التأمين الدولية المبرمة بين الناقلين والشركات لا تغطي الأضرار الناتجة عن الأعمال التخريبية أو الاعتداءات، وهو ما يعني تحمّلهم لتبعات ما يحدث، مستنكرين تجاهل الحكومة المغربية لوضعهم، الذي يسرخي بظلاله السلبية حتما على المبادلات التجارية بين البلدين من جهة وبين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي من جهة ثانية.
وتفاعلت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، من جانبها مع هذا الوضع من خلال سؤال كتابي وجّهته لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تطالبه فيها بالكشف عن مدى تأثر الصادرات المغربية نحو أوروبا فيما بات يعرف بثورة المزارعين، وعن الإشكاليات المطروحة أمام الشركات الناقلة المغربية، وإجراءات الحكومة للحد من التداعيات الاقتصادية لهذا المشكل على بلاد.
ولفتت المجموعة، إلى أن الصادرات الفلاحية المغربية من القطاعات الأساسية في تحريك العجلة الاقتصادية باعتبارها مصدرا مهما لجلب العملة الصعبة، سيما وأن عائدات الصادرات المغربية من الخضروات بلغ أكثر من 5 مليار دولار ما بين سنتي 2018 و2020، وهو ما مكن البلاد من التموقع ضمن كبار مصدري المنتجات الغذائية في العالم.
وطالبت المجموعة النيابية وزير الفلاحة والصيد البحري الكشف عن الإجراءات التي ستتخذها وزارته للحد من التداعيات الاقتصادية لاحتجاجات الفلاحين والمزارعين في أوروبا على المغرب و توضيح الإشكاليات المطروحة أمام الشركات الناقلة المغربية بسبب هذه الاحتجاجات.
وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة قد استنكر بحضور نظيره الفرنسي ستيفان سيجورني في الرباط اعتراض الشاحنات المغربية التي تقل بضائع صوب أوروبا، معتبرا هذا الوضع "غير منطقي" واستهداف للمنتجات القادمة من جنوب البحر المتوسط نحو دول الاتحاد سيما وأن واردات المغرب الزراعية من الاتحاد تفوق صادراتها.
وأشار المسؤول الحكومي المغربي، إلى أن الاتحاد الأوروبي يملك فائضا مع المغرب بحوالي 600 مليون أورو في القطاع الزراعي، كما أنه يحقق فائضا بنحو 10 ملايين أورو في مبادلاته التجارية بشكل عام مع المملكة، مضيفا: "ما يقلقنا أكثر هو سياسة الخوف والرفض التي توجد في الفضاء المتوسطي، حيث انتقل الإشكال من قضايا الهجرة غير النظامية إلى مختلف الأمور التي تأتي من الجنوب".
وكانت مجموعة من الفيدراليات، والغرف التجارية قد ندّدت بواقع استهداف الشاحنات المغربية، بما فيها الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية التي استنكرت الهجمات المتكررة التي تتعرض لها المنتجات الفلاحية المغربية بأوروبا خاصة في إسبانيا، مشدّدة على أن ادعاء المزارعين تضررهم من المنتجات المغربية مبررات لا أساس لها، فيما الفلاحين المغاربة هو الضحايا المباشرين لهذه الهجمات.
من جانبها، أعربت غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة سوس ماسة، عبر بيان لها، عن قلقها إزاء استهداف عمليات عبور البضائع بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ودعت جميع الأطراف إلى التدخل الفوري لإيجاد حل للأزمة، ذلك أن "عبور البضائع بين المغرب والاتحاد الأوروبي يشهد تعطيلا خطيرا في الوقت الحالي نتيجة الدعوات غير القانونية التي تقوم بها جمعيات زراعية إسبانية وفرنسية"