مشروع أنبوب الغاز الجزائري العابر للنيجر مهدد بالإيقاف بعد بوادر أزمة بين الجزائر ونيامي بسبب مشكلة الهجرة
بدأت بوادر أزمة سياسية ودبلوماسية تلوح في الأفق في العلاقات بين الجزائر والنيجر، على إثر خلافات حول قضية الهجرة، حيث أعربت نيامي في الأيام الأخيرة عن رفضها لأسلوب الجزائر في التعامل مع المهاجرين النيجرين وطريقة طردهم من البلاد التي وصفتها النيجر بـ"العنيفة".
وعلى إثر استدعاء النيجر لسفير الجزائر يوم الأربعاء الماضي للاحتجاج على أسلوب طرد بلاده للمهاجرين النيجريين الذين يدخلون تراب الجزائر بطريقة غير نظامية، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية، أمس السبت، أنها ردّت بدورها باستدعاء سفير النيجر في الجزائر لتذكيره بـ"وجود إطار ثنائي مخصص لهذه المسألة"، وأن الجزائر تتمسك "بالقواعد الأساسية لحسن الجوار، وإرادتها في مواصلة التنسيق مع النيجر".
وتشير هذه التطورات، وفق مهتمين بالمنطقة، إلى وجود تصدع في العلاقات النيجيرية الجزائرية، منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام محمد بازوم وتغيير نظام الحكم في نيامي حيث يقود البلاد حاليا نظام عسكري، وهو نظام لا يبدو أنه ينظر إلى العلاقات مع الجزائر بنفس الطريقة "الودية" التي كان عليها نظام بازوم، مما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول طبيعة العلاقات التي ستجمع البلدين في الفترة المقبلة.
ويتوقع مراقبون أن تؤدي خلافات بين النيجر والجزائر بشأن قضية الهجرة، إلى التأثير على مجمل العلاقات، من بينها العلاقات الاقتصادية والاستثمارية الجزائرية في النيجر، ومن أبرزها مشروع أنبوب الغاز الذي تسعى الجزائر لإنشائه انطلاقا من نيجيريا وعبورا من النيجر قبل الوصول إلى الجزائر، وهو مشروع منافس لمشروع أنبوب الغاز المغربي – النيجيري.
وشهد هذا المشروع الجزائري منذ الانقلاب في النيجر في الشهور الماضية، توقفا نتيجة للأوضاع في البلاد، ولم يصدر عن الجزائر أو نيجيريا أي بلاغ رسمي بشأن تطورات هذا المشروع داخل تراب النيجر، في الوقت الذي تحدثت في تقارير إعلامية دولية عن احتمالية تعثر هذا المشروع بسبب الاضطرابات في النيجر وعلى الحدود بين البلدين.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن صحيفة "الإيكونوميستا" الإسبانية المتخصصة في الاقتصاد، كانت قد قالت في تقرير نشرته في نونبر الماضي، إن الاضطرابات التي تعرفها منطقة الساحل، تمنح الأفضلية لمشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، على حساب المشروع الجزائري الذي يعبر دولة النيجر التي شهدت مؤخرا انقلابا عسكريا على نظام محمد بازوم.
وحسب ذات المصدر، فإن هناك صراع مغربي جزائري بشأن إنجاز أنبوب غاز عابر لإفريقيا من دولة نيجيريا، مشيرا إلى أن الأخيرة وقعت اتفاقيتين مع البلدين معا لإنجازهما، لكونها تتوفر على احتياطات هامة من الغاز الطبيعي، وبالتالي إنجاز أحدهما أو هما معا مفيد لأبوجا على المستوى الاقتصادي.
وأضافت الإيكونوميستا، أن المشروع مع المغرب يحظى بأفضلية من حيث الاستقرار، حيث سيعبر أنبوب الغاز من نيجيريا إلى المغرب عدد من الدول الإفريقية الواقعة في الغرب على الساحل الأطلسي، وبالتالي فإن الأنبوب سيكون في جل مسافته تحت الماء، على عكس الأنبوب الجزائري الذي سيكون على البر انطلاقا من نيجيريا مرورا بالنيجر ووصولا إلى الجزائر.
ووفق نفس الصحيفة الإسبانية، فإن المشروع الجزائري يواجه تحديات، من أبرزها وجود اضطرابات في منطقة الساحل وبالخصوص في دولة النيجر، خاصة بعد الانقلاب العسكري الأخير وعدم استقرار الأوضاع في البلاد إلى حدود الساعة.
وأشارت الإيكونوميستا إلى مشكل آخر يعترض هذا المشروع، ويعود إلى وجود مجموعات إجرامية تعمل على سرقة الغاز والنفط في المناطق التي تشهد تغطيات أمنية ضعيفة في دلتا النيجر، وهي كلها عوامل تزيد من صعوبة تنفيذ هذا المشروع مقارنة بالمشروع مع المغرب الذي لا توجد اضطرابات تعوقه إلى حدود اللحظة.