الذكاء الصناعي.. هل يجعلنا بصحة أكثر؟

 الذكاء الصناعي.. هل يجعلنا بصحة أكثر؟
إقبال حسين
الأحد 18 غشت 2019 - 8:21

يعمل الذكاء الصناعي والروبوتات على تحسن حياتنا الصحية من خلال التقنيات المتطورة والدقة اللا متناهية التي تستخدمها.

يزداد الذكاء الصناعي تعقيدًا يوماً بعد يوم، خصوصاً عند قيامه بأفعال تحاكي أفعال البشر. يكمن مصدر الإبهار في هذا التقدم من خلال الكفاءة والسرعة الفائقة والكلفة الزهيدة المترتبة على تنفيذ هذه المهمات.

ومن ضمن المجالات التي أصبح الذكاء الصناعي يعمل فيها بكفاءة عالية وبشكل مذهل المجال الصحي، فكما هو الحال في كثير من شؤون حياتنا اليومية أصبح الذكاء الصناعي وكذلك الروبوتات جزءاً متزايداً من نظام الرعاية الصحية الخاص بنا.

روبوت في غرفة العمليات

فعلى سبيل المثال تساعد الروبوتات التي تعمل بالذكاء الصناعي بشكل متزايد في إجراءات الجراحة المجهرية للمساعدة في تقليل الاختلالات الجراحية التي قد تؤثر في تعافي المريض في أعقاب النتائج الناجحة للجراحة. وقد بات يطلق على هذه العمليات المدعومة بالذكاء الصناعي AI-assisted surgery، أي جراحة بمساعدة الروبوت المُدعم بالذكاء الصناعي.

ويتوقع الخبراء رؤية مزيد من العمليات الجراحية بمساعدة الروبوتات في السنوات القليلة القادمة خصوصاً مع تحسن عمليات جمع وتكديس البيانات الصحية للمستخدمين عبر شبكة كبيرة ومعقدة من التطبيقات الإلكترونية المساعدة.

هذا لا يعني أن العمليات الجراحية بمساعدة تكنولوجيا الروبوتات المزودة بالذكاء الصناعي تمثل تكنولوجيا المستقبل، بل أصبحت تكنولوجيا الحاضر. فهذه التقنية تُعتبر نشطة وفعالة اليوم بشكل ملحوظ. فما يقرب من 5 آلاف روبوت جراحي ذكي منتشر ومستخدم في أكثر من مليون عملية جراحية في جميع أنحاء العالم في عام 2018. وقد امتدت هذه العمليات لتشمل كثيراً من الفروع الطبية مثل جراحة العظام، وجراحة المسالك البولية، والجراحة العامة، وأمراض النساء، والأمراض العصبية، وأمراض الأنف والأذن والحنجرة، وعلاج البدانة، وعلاج الأورام المتعددة، حتى زراعة الأسنان وزراعة الشعر.

إدارة الحياة يوميّاً بشكل صحي

واحدة من أكبر الفوائد المحتمَلة للذكاء الصناعي المستخدم طبّياً هي مساعدة الناس على البقاء في صحة جيدة حتى لا يحتاجون إلى الذهاب إلى الطبيب، أو على الأقل ليس في كثير من الأحيان. إن استخدام الذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء الطبية في التطبيقات الصحية للمستخدم سوف يخلق ثورة في دنيا البيانات الطبية التي من شأنها أن تسهم في التعرف على الأمراض في مراحلها الأولى مما يسهل التعامل معها سريعاً، هذا من جانب.

ومن جانب آخر، تشجع التطبيقات التكنولوجية سلوكاً صحيّاً لدى الأفراد، وتساعدهم على إدارة نمط حياتهم الصحية من خلال تعريفهم المقادير المحددة من الطعام الصحي الذي يجب أن يتناولوه يوميّاً، وما الأطعمة الضارة التي يجب أن يبتعدوا عنها، بالإضافة إلى العادات الصحية التي يجب أن يتبعوها، وتلك الضارة التي يجب عليهم تجنُّبها.

مؤخراً تسعى شركة جوجل من خلال برنامجها الصحي المسمى DeepMind Health لتفعيل الكفاءة الطبية للذكاء الصناعي وذلك بالتعاون مع عديد من الأطباء والباحثين والمرضى عبر عملية جمع بيانات هائلة وإدماجها وفق تقنية التعلم الآلي وعلم الأعصاب من أجل إنشاء خوارزميات قوية للتعلم والتعرف على الأمراض وكيفية علاجها استباقيّاً.

الكشف والتدخل المبكر

بعد أمراض القلب والأوعية الدموية، يُعَدّ السرطان ثاني أكبر سبب للوفاة، إذ بلغ عدد الوفيات السنوية من السرطان على مستوى العالم ما يقرب من 10 ملايين إنسان. تخيلوا لو أن روبوتاً مجهرياً مزوداً بخوارزميات ذكية رُكّب داخل جسم الإنسان من أجل رصد مبكر للخلايا التالفة التي قد تسبّب مرض السرطان، الأمر الذي يجعل احتمالية العلاج كبيرة جدّاً بفضل التدخل المبكر؟

لقد استُخدم بالفعل الذكاء الصناعي للكشف عن الأمراض، مثل السرطان، وبشكل أكثر دقة بكثير من الطرق التقليدية، وفي مراحل مبكرة، مما انعكس إيجاباً على فرص التعافي. فوفقاً لجمعية السرطان الأمريكية، فإن نسبة عالية من تصوير الثدي لدى النساء بالأشعة السينية يسفر عن نتائج زائفة مما يؤدي إلى إصابة امرأة من كل اثنتين بالسرطان، من اللائي كان تشخيصهن سليماً. من هنا فإن استخدام الذكاء الصناعي يتيح مراجعة وتصوير صور الثدي الشعاعية بمعدَّل أسرع 30 مرة وبدقة تصل إلى 99%، مما يقلّل حاجة الأطباء إلى اللجوء إلى الخزعات غير الضرورية.

رفيق نهاية العمر

أخيرا لا تكمن الثورة الحقيقية في الذكاء الصناعي في المحاكاة البشرية أو السرعة الفائقة والكبيرة على تخزين البيانات وتحليلها وإنما بالقدرة على الاندماج مع البشر من خلال إكساب الذكاء الصناعي صفات حيوية. إن إدماج تكنولوجيا الذكاء الصناعي والتكنولوجيا الحيوية، وهو ما يعرف بـBio-technology، من شأنه أن يُحدِث الفارق.

فنحن البشر نعيش أطول بكثير من الأجيال السابقة، ومع اقترابنا من نهاية الحياة أصبح البشر يموتون بطريقة مختلفة وأبطأ مثل حالات كالخرف والشعور بالوحدة.

سيكون للروبوتات الذكية القدرة على إحداث طفرة في الرعاية لكبار السن، وبقاء الناس مستقلين لفترة أطول، مما يقلّل الحاجة إلى المستشفيات ودور الرعاية الصحية ودور المسنين. سيكون للروبوتات الذكية القدرة على رعاية البشر، والحديث معهم، وتلبية احتياجاتهم الشخصية، بعيداً عن إحساس الإنسان أنه عالة على غيره، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تقليل الأبعاد النفسية للتقدم في العمر.

المصدر: TRT عربي

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

النظام الجزائري.. ووهم القوة !

صَرَف النظام الجزائري ما يزيد عن 350 مليون دولار عن استعراض عسكري دام ساعتين بمناسية الذكرى 70 لـ"الثورة الجزائرية". كل هذا المبلغ الضخم صُرف من خزينة الدولة، فقط، ليرسخ صورة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...