خاص - بعد اعتراف شركة "أسترازينيكا" بأن لقاحها المضاد لفيروس "كورونا" له آثار جانبية مميتة.. وزارة الصحة واللجنة العلمية توضّحان لـ "الصحيفة" حقيقة حدوث مضاعفات عند الملقحين المغاربة
اعترفت شركة الأدوية البريطانية العملاقة "أسترازينيكا" بأن لقاحها المضاد لكورونا الذي اعتمد عليه المغرب في حملته الواسعة ضد الجائحة يمكن أن يسبب في اثار جانبية نادرة، وهو الخبر الذي أثار ضجة علمية دولية، دون أن يكون له وقع في المغرب، وفق ما كشفته مصادر في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وأيدته اللجنة العلمية والتقنية المعنية المُباشرة بالموضوع في تصريحات مُتعددة خصّت بها "الصحيفة"، وهي تُطمئن المغاربة بعدم تسجيل أي آثار جانبية بهذا الخصوص.
وأدلت الشركة المصنعة لعقار كوفيشيلد، الذي طورته شركة أسترازينيكا وجامعة أكسفورد في زمن الجائحة، من قبل معهد الأمصال الهندي ويتم إدارته على نطاق واسع في الهند، بوثائق في المحكمة تقول إن بإمكانه أن يسبب، في حالات نادرة، منها حالة تؤدي إلى جلطات الدم وانخفاض عدد الصفائح الدموية.
وتواجه شركة أسترازينيكا دعوى قضائية جماعية في المملكة المتحدة بسبب مزاعم بأن لقاحها تسبب في وفيات وإصابات خطيرة في عدة حالات، كما يسعى الضحايا في ما يصل إلى 51 قضية في المحكمة العليا في المملكة المتحدة للحصول على تعويضات تصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني.
وفي وقت لم تتدخل حكومة المملكة المتحدة التي قامت بتأمين أسترازينيكا في الأمر بعد، سارت نظيرتها المغربية على نفس الخطى ونأت بنفسها عن كل ما هو مرتبط بهذا الجدل الذي فجرته الشركة المصنعة للعقار، وذلك في وقت تتصاعد المخاوف في صفوف المغاربة خصوصا ممن تلقوا جرعات اللقاح المذكور في إطار الحملة التي قادتها وزارة الصحة لتحقيق المناعة الجماعية منذ 2021.
واكتفت مصادر مسؤولة في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالمغرب، بالتأكيد بأنها أخذت علما بمستجدات الملف القضائي لـ "أسترازينيكا" وإقرار الشركة المصنعة بناء على وثيقة قانونية قدمتها إلى المحكمة العليا في فبراير الماضي، أن لقاحها المضاد لفيروس كورونا "يمكن، في حالات نادرة جدًا، أن يسبب TTS الذي يرمز إلى تجلط الدم مع متلازمة نقص الصفيحات، ويتسبب في إصابة الأشخاص بجلطات دموية وانخفاض عدد الصفائح الدموية.
بالمُقابل، أكدت المصادر ذاتها، بأن المغرب ووفق المعطيات التي تتوفر عليها الوزارة "لم يُسجّل أي حالة من هذا النوع، والتي ذكرت الشركة المصنّعة نفسها أنها تحدث في حالات نادرة جدا" وفق تعبير مصادرنا المسؤولة التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها موردة: "بلادنا اعتمدت على مجموعة من اللقاحات التي تبُثت فعاليتها بدليل نجاعة حملة التلقيح وتطويقنا للفيروس وتحقيق المناعة الجماعية، ومن المؤكد أنه في العالم أجمع تحدث عوارض مرتبطة بمجمل اللقاحات المصنعة الخاصة بمختلف الأمراض، هذا طبيعي جدا، بيد أننا في المغرب لم نُسجّل أية حالة خطيرة تُذكر سواء بالنسبة للأشخاص الذين أخذوا تطعيم أسترازينيكا أو سينوفاروم أو غيره، وذلك على المدى المتوسط والقريب أيضا".
وأكد المصدر ذاته، بأنه لا يوجد أي قرار رسمي مبني على حقائق علمية يحض على وقف التطعيم بأسترازينيكا أو يعتبره خطيرا على صحة المطعمين، كما أنه وإلى حدود الساعة لم توصي أي جهة صحية دولية بما فيها منظمة الصحة العالمية بإيقاف أو منع التطعيم بهذا اللقاح.
ومنذ الإعلان عن تطوير بريطانيا للقاح "أسترازينيكا" وتصنيعه في الهند، صاحبه الكثير من الجدل الذي بدأ تجاريا مع الاتحاد الأوروبي في 2021، عندما أعلنت الشركة المصنعة أنها قد لا تتمكن من توفير كافة الجرعات التي التزمت بها مع المفوضية الأروبية وهو ما جعل ذات اللقاح محل اتهام من طرف القارة العجوز بكونه "أقل فعالية لدى الأشخاص فوق سن الخامسة والستين من العمر وأن فعاليته موضع تشكيك ضد المتحور الجنوب أفريقي من فيروس كورونا"، ما دفع جنوب أفريقيا من جانبها إلى تعليق برنامجها للتلقيح ضد وباء كوفيد-19 باستخدام لقاح أسترازينيكا.
بدورها، وأمام المستجدات الحاصلة حول لقاح "أسترازينيكا"، أجازت لجنة خبراء اللقاحات التابعة لمنظمة الصحة العالمية استخدام اللقاح المذكور الذي طوّره مختبر أسترازينيكا البريطاني للأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الـ65 عامًا، وفي توصياتها نصحت باستخدام هذا اللقاح "حتى لو كانت نسخ متحوّرة منتشرة في البلد"، مشيرة إلى أنه "لا يوجد سبب لعدم التوصية باستخدامه".
ولم تتأثر اللجنة العلمية والتقنية في المغرب من جانبها، في أي مرة بفحوى النقاش الدائر حول اللقاح المذكور فمنذ توقيع وزير الصحة خالد آيت الطالب، قرار الترخيص الاستثنائي للعقار في يناير 2021، والذي سمح بموجبه باستعمال "أسترازينيكا" في المغرب، مع تحديد شروط تخزينه واستعماله، وجرعاته التي حددت في اثنتين، تفصل بينهما أربعة أسابيع على الأقل، توصلت المملكة بدفعات متواصلة من العقار في وقتها.
وفي تصريح لـ "الصحيفة"، قال مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وعضو اللجنة العلمية والتقنية، إن هذه الأخيرة "لم تفكر في أي وقت سابق في التخلي عن هذا اللقاح أو توقيف رخصته ذلك أنها توصلت بكافة الدراسات والتجارب السريرية التي تؤكد فعاليته، وعلى أساسها ووفق هذه الأسس العلمية المتعارف عليها قدمت توصياتها لاعتماده للوزارة الوصية وتم ذلك، وبرزت نجاعة القرار وصوابه في تحقيقنا للمناعة الجماعية وتطويقنا للفيروس من وقتها".
وأشار الناجي، إلى أن المغرب يعتبر من بين الدول القليلة التي حصلت على كميات وافرة من هذا اللقاح ونجح في حملته المناعاتية الجماعية لتطويق الفيروس بفضل الدبلوماسية الملكية وتوجيهاتها المستمرة للسلطات الصحية، فيما هذا النقاش المثار والمتجدد حول" تأثيرات خطيرة للقاح أسترازينيكا عارية من الصحة وغير مؤكدة علميا".
وشدّد المتحدث، على أنه لا يوجد أي شيء حتى الآن يستدعي الخوف، أو الارتياب إذ أن اللجنة بدورها لم تتوصل بأي إبلاغ عن حالات جانبية طويلة الأمد حول جلطات، ولقد تابعنا الأمور ومسار حملة التطعيم مر في أحسن الظروف وتميز بإقبال ملحوظ من طرف المواطنين الذين جرى تطعيمهم دون أن تظهر على أي منهم آثار جانبية مهمة أو أي ملحوظ غير محمودة، عدا فقط ارتفاع حرارة بسيط كما هو الحال بالنسبة لكافة اللقاحات، أو تجلطات آنية معدودة لكنها مرتبطة بصحة المريض أساسا وليس اللقاح".
وإلى جانب الناجي، تواصلت "الصحيفة" مع مُعظم خبراء اللجنة العلمية والتقنية المغربية باعتبارها المسؤول الأول على تتبّع مسار تطعيم المغاربة باللقاحات، للتحقق أكثر بخصوص "أسترازينيكا"، واحتمالية تفاعلهم مع هذه المستجدات التي تشهدها الساحة العلمية بهذا الخصوص، بيد أن جميعهم أكدوا للموقع بأن "الأمور بخير".
وأكدت اللجنة العلمية والتقنية لـ" الصحيفة"، بأنها أخذت علما بمستجدات إقرار الشركة المصنعة بموضوع الآثار الجانية وتتابع الموضوع، بيد أنه لا يوجد شيء جدي يستحق عقد اجتماعات أو اتخاذ قرارات خصوصا وأن المغرب لم يُسجل أي حالة من هذا النوع المريب" لافتة إلى أنه من الممكن أن يحدث الامر "خلال الفترة الزمنية القصيرة أو القريبة بعد التطعيم، لكن هذه الاحتمالية تنتهي مباشرة بعد مرور هذه الفترة القصيرة، وبالتالي لم يتم الإبلاغ عن أي أعراض جانبية طويلة المدى خاصة بالتجلطات".