سفيرة المغرب بجواره وسفير الجزائر بعيد عنه.. هل وجّه وزير الخارجية الإسباني رسالة دبلوماسية عبر صورة بروتوكولية؟
خطوة بروتوكولية مثيرة للانتباه، أقدمت عليها وزارة الخارجية الإسبانية اليوم الخميس، والتي من شأنها أن تعيد طرح علامات استفهام بخصوص علاقة مدريد بكل من المغرب والجزائر، وذلك عندما اختار الوزير خوسي مانويل ألباريس التقاط صورة رسمية إلى جانب سفيرة الرباط، كريمة بنيعيش، في حين تراجع السفير الجزائري عبد الفتاح دغموم إلى الوراء.
الأمر كان يتعلق باجتماع رسمي بين زعيم الدبلوماسية الإسبانية والسفراء الأفارقة المعتمدين في بلاده، وذلك بمناسبة "يوم إفريقيا" الذي يجري الاحتفال به بتاريخ 25 ماي من كل سنة، حيث اقترح ألباريس على السفراء بناء شراكة جديدة انطلاقا من أن القارة الإفريقية أصبحت "أقوى وأكثر تكاملا"، واستنادا إلى رغبة مدريد في التعاون معها لتحقيق مجموعة من الأهداف، المتعلقة أساسا بالرخاء والأمن والعدالة الاجتماعية والاستدامة.
المثير للانتباه هي الصورة الختامية التي نُشرت على صدر الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الإسبانية، حيث يظهر ألباريس وهو يتوسط السفراء الأفارقة، وعلى يمينه وقف سفير جمهورية الغابون، باتريك أرثور موكولا، بصفته عميدَ السفراء الأفارقة في إسبانيا، أما على يسار الوزير فوقفت السفيرة المغربية كريمة بن يعيش.
هذا الأمر يبدو وكأنه رسالة سياسية أكثر منه إجراء بروتوكولي، فلا يوجد ترتيب موضوعي لوقوف السفيرة المغربية إلى جانب ألباريس مباشرة بما في ذلك الترتيب الأبجدي لأسماء الدول، وما يثير الانتباه أكثر هو أن السفير الجزائري، الذي لم يمضِ على تعيينه سوى بضعة أشهر بعد أزمة طويلة بين البلدين، ظهر في الصف الثاني بعيدا عن الوزير الإسباني.
وكان السفير دغموم قد عُين في منصبه شهر نونبر 2023، قدم أوراق اعتماده للعاهل الإسباني الملك فيليبي السادس في أبريل الماضي، بعد فراغ دبلوماسي ممتد منذ مارس 2022، حين استدعى قصر المرادية السفير السابق، سعيد موسي، "للتشاور"، مباشرة بعد رسالة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس، التي أعلن فيها دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية.
وتأتي صورة اليوم، بعدما كانت الجزائر، قبل شهر، تراهن علنا على فشل سانشيز، زعيم الحزب الاشتراكي العمالي، في الاستمرار رئيسا للحكومة، بعد الانتخابات العامة السابقة لأوانها التي أقيمت في يوليوز من سنة 2023، مُعولة على زعيم الحزب الشعبي اليميني، ألبيرتو نونيث فييخو، والذي وعد بمراجعة قرار مدريد، الداعم عمليًا للسيادة المغربية على الصحراء.
وفي المقابل، فإن ألباريس يُعد العقل المدبر للتقارب غير المسبوق بين المغرب وإسبانيا، بعد الأزمة التي حدثت سنة 2021 بسبب سماح مدريد بدخول زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، الدخول لأراضيها من أجل العلاج، بواسطة وثائق هوية جزائرية مزيفة، وذلك من أجل تفادي الاعتقال والمتابعات القضائية بسبب اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وتعد بن يعيش، شخصية دبلوماسية محورية في فترة الأزمة وفي مرحلة التقارب بين البلدين، ومن المعروف عنها أنها تحتفظ بعلاقات طيبة مع ألباريس، عكس سلفه وزيرة الخارجية السابقة أرانتشا غونزاليس لايا، التي أقيلت من منصبها بسبب ما عُرف بقضية "بن بطوش"، كناية عن الاسم المزيف الذي أعطي لزعيم البوليساريو.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :