بحضور أخنوش.. المعارضة الاشتراكية تتهم الحكومة باستغلال المال العمومي للقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها
احتجّت المعارضة البرلمانية الاشتراكية، على ما وصفته بتعمد الحكومة "تهريب'' الحوار من البرلمان إلى النوادي الحزبية بجهات وأقاليم المملكة، والذي اعتبرته "حملة انتخابية سابقة لأوانها" يُستغل فيها المال العمومي بطريقة بشعة وغير قانونية على كافة الأصعدة، وعلى مرآى من الجميع.
وتقصد المعارضة الإشتراكية بـ"النوادي الحزبية"، الجولات الجهوية والإقليمية التي قامت بها قيادة حزب التجمع الوطني للأحرار طيلة الأسابيع الماضية على مستوى الجهات الاثنتيْ عشر للمملكة، والتي شارك فيها العديد من المسؤولين الحكوميين التجمعيين، من أجل تسليط الضوء على أهم الإنجازات التي قامت بها حكومة عزيز أخنوش في الجزء الأول من ولايتها.
ويبدو أن هذه الجولات لم ترُق المعارضة، وخصوصا الفريق الاشتراكي، الذي استغل المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، والتي خصصت لمناقشة موضوع "تحفيز الاستثمار ودينامية التشغيل"، اليوم الإثنين، ليُعرب على لسان رئيسه عبد الرحيم شهيد، عن أسفه الشديد لاستمرار التضييق الحكومي على المعارضة السياسية والبرلمانية، مسجلا أنه "خرق سافر للمقتضيات الدستورية التي تصون التعددية السياسية والتوازن المؤسساتي".
وأكد شهيد في معرض تعقيبه على رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي حضر جلسة المساءلة اليوم الاثنين في البرلمان، أن "ما يحز في النفس أننا نسمع أصواتا حكومية غير مسؤولة، هنا وهناك، تنعت المعارضة بالضعف للتغطية على اختلالات التدبير الحكومي في محاولة للهروب إلى الأمام"، في إشارة إلى التصريحات التي سبق وعبّر عنها قياديون في حزب التجمع الوطني للأحرار.
واعتبر القيادي الاتحادي، أن تمعن الحكومة الحالية بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، على "إضعاف المعارضة السياسية هو في واقع الأمر إضعاف للمؤسسات وللعمل البرلماني، ومساس خطير بحقوق المعارضة المكفولة دستوريا."
واستنكر، رئيس الفريق البرلماني الاتحادي، مخاطبا أخنوش تفضيل حكومته الابتعاد عن البرلمان الذي يعد الفضاء المؤسساتي الحر للنقاش السياسي، الهادئ والعقلاني، "وابتداع أسلوب غريب بتهريب الحوار إلى النوادي بالجهات والأقاليم، خارج المؤسسات" مضيفا: " وهو ما نعتبره حملة انتخابية سابقة لأوانها، مدعومة بالمالية العمومية التي من المفروض عليكم عدم استغلالها بأي شكل من الأشكال، زيارات للمدن بمختلف المناطق بسيارات الدولة، وببنزين الدولة، وبتغطية نفقات الإقامة والتغذية للوفود الوزارية، وبتعبئة البنيات الإدارية والترابية..وماذا سننتظر في الأيام القادمة، هل ستجمعون الناس في الملاعب الرياضية والساحات العمومية على شاكلة نظام اللجان الشعبية؟".
وتابع شهيد بالقول: "يا سبحان الله، أصبح الوزراء والوزيرات جاهزين وقادرين على تحمل مشاق السفر، وقطع مئات الكلومترات للتواصل مع الرأي العام، وهم العاجزون، وهن العاجزات عن التنقل لبضعة أمتار من مكاتبهم الفخمة إلى البرلمان لأداء مهامهم المنصوص عليها دستوريا"
وخاطب البرلماني الإتحادي عزيز أخنوش مرة أخرى في معرض تعقيبه قائلا: "إن حضوركم ووزرائكم إلى البرلمان واجب دستوري لا يقبل التهاون أو التأويل، والتزامكم بالإجابة عن الأسئلة الشفوية والكتابية التي يطرحها ممثلو الأمة المنتخبون ديمقراطيا، يصل صداه إلى أبعد نقطة في جغرافيتنا الوطنية لأنه يجيب عن انتظارات المغاربة أينما كانوا، بلغة الفقهاء، تركتم الفرض وانشغلتم بالنوافل".
واستهجن شهيد، عدم تقيد الحكومة الحالية بمقتضيات الدستور للحضور في الجلسات العامة واللجان الدائمة للبرلمان، مقابل تعبئة أعضاء الحكومة للقيام بحملة تواصلية خارج المؤسسات، بميزانية مهمة لا ندري إطارها القانوني، وبتسخير كامل للإعلام العمومي الذي أصبح ملحقة للحكومة، مخلا بمبادئ الخدمة العمومية والنزاهة والمهنية التي تفرض عليه وضع نفس المسافة مع كافة المكونات السياسية، سواء كانت في الأغلبية أو في المعارضة''.
وتساءل البرلماني الاتحادي في هذا الإطار، إن كانت المؤسسات الإعلامية العمومية، وهي مدعومة بالمالية العمومية، قد التحقت بالقطاع الإعلامي الخاص الذي نعلم حجم التمويل المباشر وغير المباشر الذي يتلقاه لتغطية عمل الحكومة ، معتبرا أنه " بهذه المواقف وبهذه السلوكات، الحكومة تعطل المؤسسات وتقتل السياسة في البلاد...عن أية ديمقراطية ستتحدثون أمام هذا التغول غير المسبوق؟" يتساءل شهيد.
وذكّر المتحدث، رئيس الحكومة بأن المغرب طيلة سبعين سنة من الاستقلال عمل على بناء وتطوير مؤسساته الديمقراطية في ظل نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية، مضيفا: "واليوم بممارستكم هذه تضربون التعددية السياسية التي ناضلت من أجلها كل القوى الحية ببلادنا، أطال الله سي أحمد عصمان الذي كان أحد المساهمين في هذا المسار".
ودعما لكلامه، أشار شهيد إلى أن الوزير المشرف على قطاع الاستثمار غاب عن البرلمان اليوم الإثنين، على الرغم من أن الموضوع الذي اقترحته الحكومة التي هو عضو مسؤول فيها هو حول "تحفيز الاستثمار ودينامية التشغيل"، مضيفا: "نقولها وليس في الأمر أي تحامل أو ذاتية، فموضوع الاستثمار استراتيجي أكد عليه الملك في خطابه إلى البرلمان وأخذ حيزا مهما في البرنامج الحكومي، وقد انخرطنا كمعارضة بناءة في تيسير مختلف مراحل مسطرته التشريعية".
وشدّد على أنه ينبغي على الوزير ألا يجعل الشأن الاستثماري ببلادنا شأنا تقنيا حصريا للحكومة، فيما كان عليه أن يلتقط كل هذه الإشارات ويشرك البرلمان ويخضع لرقابته، ويستكمل باقي الإجراءات التشريعية أو التنظيمية المنصوص عليها في القانون الإطار، ويحرص على إطلاع ممثلي الأمة داخل اللجنة الدائمة بمستجدات هذا الورش المهم.