رسالة ماكرون إلى الملك محمد السادس حول الصحراء تُقرب زيارة الرئيس الفرنسي من الرباط وتُلغي "رسميا" زيارة تبون إلى باريس
يفتح الموقف الفرنسي الجديد الداعم لسيادة المغرب على الصحراء، والذي عبر عنه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في رسالة وجهها إلى الملك محمد السادس، (يفتح) الباب أمام تسريع الاستعدادات لتنفيذ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة المغربية، وهي الزيارة التي كانت قد تأجلت مرارا منذ أكثر من سنتين بسبب الغموض الذي كان عليه الموقف الفرنسي بشأن قضية الصحراء.
وقال المحل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، أحمد الدرداري بهذا الخصوص، في حديث لـ"الصحيفة"، بأن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب "ستكون في القريب"، بعد اعتراف فرنسا بسيادة المملكة على الصحراء، نظرا "لعدد من الملفات والقضايا التي توقفت بسبب التوتر الذي عرفته العلاقة بين البلدين".
وأضاف الدرداري في هذا السياق، بأن زيارة ماكرون إلى المغرب ستكون "محملة ببرنامج عمل مشترك واتفاقيات تعاون جديدة والتزامات مشتركة، ستتولد عنها بداية جديدة لعلاقة فرنسا مع المغرب وإفريقيا"، وهو ما لمح إليه ماكرون نفسه في رسالته الموجهة إلى العاهل المغربي تزامنا مع الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلاء الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية.
بينما في المقابل، حسب الدرداري، فإن الموقف الفرنسي الجديد من الصحراء المغربية، ستؤدي إلى إلغاء زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى باريس، مشيرا إلى أن زيارة تبون إلى فرنسا كانت ستدور كلها "حول الصحراء المغربية، مما يعني أن تلك الزيارة كانت تتوخى إبقاء فرنسا في عداء مع المغرب الشيء الذي يزيد من عرقلة المصالح الفرنسية مقابل عجز الجزائر عن تقديم أي جديد لفرنسا".
ويتوقع الخبير الدرداري، أن إلغاء زيارة تبون إلى فرنسا، ستتبعها ردود "أفعال لا تليق بدبلوماسية الأزمات، قد تدفع السلطات الجزائرية إلى ضرب العلاقات مع فرنسا وهو ما سيعود بالأزمة عليها" مشيرا إلى احتمالية أيضا أن تُقبل الجزائر "على خطوة سحب سفيرها من باريس وإيقاف العلاقات الدبلوماسية، وإن تم ذلك ستكون هناك مشاكل كبيرة في مقدمتها فوضى المهاجرين الجزائريين".
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أعلن دعم بلاده لسيادة المغرب على الصحراء، حاضرا ومستقبلا، وعزم بلاده التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي، وفق ما جاء في بلاغ للديوان الملكي صباح اليوم الثلاثاء.
وحسب البلاغ، فإن هذا الموقف جاء في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، حيث أعلن الرئيس الفرنسي، أنه "يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية"، مؤكدا على "ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة"، وأن بلاده "تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي".
وأضاف البلاغ، أنه تحقيقا لهذه الغاية شدد ماكرون في رسالته التي تتزامن مع مناسبة ذكرى عيد العرش الخامسة والعشرين، على أنه "بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية. وإن دعمنا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 واضح وثابت"، مضيفا أن هذا المخطط "يشكل، من الآن فصاعدا، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ".
وفيما يتعلق بالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يرى رئيس الدولة الفرنسية أن "توافقا دوليا يتبلور اليوم ويتسع نطاقه أكثر فأكثر"، مؤكدا أن "فرنسا تضطلع بدورها كاملا في جميع الهيئات المعنية"، وخاصة من خلال دعم بلاده لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الشخصي.
وشدد الرئيس ماكرون في رسالته قائلا "حان الوقت للمضي قدما. وأشجع، إذن، جميع الأطراف على الاجتماع من أجل تسوية سياسية، التي هي في المتناول". من جهة أخرى، وبعدما نوه بجهود المغرب من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء المغربية، أعرب رئيس الجمهورية الفرنسية عن التزامه بأن "تواكب فرنسا المغرب في هذه الخطوات لفائدة الساكنة المحلية ".
واعتبر الديوان الملكي أن إعلان الجمهورية الفرنسية، العضو الدائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يُشكل تطورا هاما وبالغ الدلالة في دعم السيادة المغربية على الصحراء. ويندرج في إطار الدينامية التي يقودها الملك محمد السادس، وتنخرط فيها العديد من البلدان في مختلف مناطق العالم، لفائدة الوحدة الترابية للمغرب ولمخطط الحكم الذاتي كإطار حصري لتسوية هذا النزاع الإقليمي.