تتجاوز في تأثيرها الاعتراف الأمريكي.. نقاط في قوة موقف فرنسا الجديد من قضية الصحراء المغربية وراء غضب الجزائر
أعاد التصعيد الجزائري الكبير ضد فرنسا، بعد إعلان الأخيرة دعمها للمغرب في قضية الصحراء، التساؤلات حول التباين الذي يُلاحظ في المواقف الجزائرية عند التعبير عن ردود أفعالها تُجاه الدول التي تقرر اتخاذ خطوات داعمة للمغرب في قضية الصحراء، حيث أن رد فعلها نحو فرنسا أو إسبانيا سابقا يختلف عن رد فعلها تجاه الولايات المتحدة الأمريكية التي اتخذت موقفا أقوى من باريس ومدريد، بالاعتراف الكامل لسيادة المغرب على الصحراء.
وفي هذا السياق، أوضح، الدكتور سعيد الصديقي، مدير مختبر الدراسات السياسية والقانون العام بكلية الحقوق بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، في حديث لـ"الصحيفة"، بأن هناك اعتبارات تقف وراء تباين المواقف الجزائرية تُجاه الدول التي تتفاعل بشكل إيجابي مع الطرح المغربي في قضية الصحراء، وهي اعتبارات لا علاقة لها بالوزن الدولي لهذه الدول بقدر ما لها علاقة بالروابط التي تجمع تلك الدول بالقضية المتنازع عليها.
وأضاف الصديقي، بأن تداعيات موقف فرنسا على قضية الصحراء هي أكثر تأثيرا من الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، لأن باريس، وفق ما جاء في رسالة إيمانويل ماكرون الموجهة إلى الملك محمد السادس، تتعهد بالدفاع عن هذا الموقف وطنيا ودوليا، وهو الأمر الذي يقف وراء غضب الجزائر ويفسر رد فعلها التصعيدي.
وأشار الصديقي إلى أن هناك اعتبار آخر يجعل الموقف الفرنسي ذات أهمية كبيرة، على غرار الموقف الإسباني الذي أعلن عنه رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، هو أن المنطقة المغاربية، كانت منطقة نفوذ تقليدي لكل من فرنسا وإسبانيا، باعتبارهما كانتا دولتان مستعمرتان للمنطقة، مما يجعل موقفهما أكثر قوة على المستوى الدولي من باقي الدول الأخرى، حتى لو كانت بوزن الولايات المتحدة الأمريكية.
جدير بالذكر أنه جاء في رسالة ماكرون الموجهة للملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتوليه عرش المملكة المغربية، أكد على دعم بلاده لسيادة المغرب على الصحراء، "حاضرا ومستقبلا"، وأن بلاده ستتحرك "في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي".
كما شدد ماكرون على أنه تحقيقا لهذه الغاية فإنه "بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية. وإن دعمنا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 واضح وثابت"، مضيفا أن هذا المخطط "يشكل، من الآن فصاعدا، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ".
ويرى مراقبون أن انضمام فرنسا إلى صف الدول الداعمة لمغربية الصحراء، سيُعطي دفعة قوية لحل هذا النزاع الذي عمر لفترة طويلة، ولا سيما أن عدد الدول التي تدعم مقترح الحكم الذاتي في تزايد، ولم يعد الأمر منحصرا على الدول الإفريقية والعربية، إذ انضافت دولا مثل ألمانيا وإسبانيا والولايات المتحدة، وعدد من دول أوروبا الشرقية.