بسبب "شيك بدون رصيد"، تجريد النائب عبد الرحيم واسلم عن حزب التجمع الوطني للأحرار من مقعده البرلماني.. وصراع الأحزاب السياسية يبدأ لنيل كرسي "دائرة الموت"
دعت المحكمة الدستورية إلى إجراء انتخابات جزئية بدائرة المحيط بالعاصمة الرباط، عقب تجريد النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار عبد الرحيم واسلم من مقعده البرلماني بسبب إدانته في قضية شيك بدون رصيد، وهو ما أطلق الضوء الأخضر للأحزاب السياسية من أجل التداول حول أسماء مرشحيها لهذا الاستحقاق برهانات كبيرة لخطف كرسي الدائرة المعروفة إعلاميا بـ "دائرة الموت" من التجمعيين قبيل سنتين من موعد الانتخابات التشريعية المرتقبة في 2026.
وجردت المحكمة الدستورية التجمعي عبد الرحيم واسلم بن محمد، المنتخب عن الدائرة الانتخابية المحلية "الرباط – المحيط" من عضويته بمجلس النواب، وقضت في قرار صادر بتاريخ 02 يوليوز 2024، والمنشور عبر موقعها الالكتروني، بإجراء انتخابات جزئية لشغل المقعد الشاغر طبقا لأحكام البند 5 من المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، عقب القرار الصادر عن غرفة الجنح الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط تحت رقم 1719 في الملف الجنحي عدد 2021/2602/838، القاضي بتأييد الحكم المستأنف المحكوم عليه بمقتضاه بإدانته من أجل جنحة عدم توفير مؤونة شيك عند تقديمه للأداء، طبقا للمادة 316 من مدونة التجارة، ومعاقبته من أجل ذلك بثمانية أشهر حبسا موقوف التنفيذ وبغرامة نافذة قدرها 100.000 درهم.
ولأن القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب في مادته 11، ينص على أنه "يجرد بحكم القانون من صفة نائب… عن كل شخص يوجد خلال مدة انتدابه في إحدى حالات عدم الأهلية للانتخاب المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي. تثبت المحكمة الدستورية التجريد من هذه الصفة…في حالة صدور إدانة قضائية بعد الانتخاب…"، فإن الأحزاب السياسية الراغبة في الظفر بالمقعد، ستُباشر وضع أسماء مرشحيها لدى عمالة الرباط لملء المقعد الشاغر في دائرة المحيط خلال الفترة الممتدة ما بين 25 و29 يوليوز الماضي، على أن تنطلق الحملة الانتخابية في الفترة ما بين 30 غشت الجاري و11 شتنبر المقبل، استعدادا للانتخابات الجزئية التي قررت وزارة الداخلية أن يكون تاريخها في 12 شتنبر المقبل.
وتحظى هذه الدائرة بالضبط، بأهمية بالغة لدى الأحزاب السياسية إذ تُعد امتحانا عسيرا للشعبية ومدى وجود ثقل حزبي في العاصمة الرباط. وتاريخيا تكون المنافسة في هذه الدائرة جد قوية، بحكم طبيعة المرشحين الذين يتنافسون فيها والذين يكونون عادة من أبرز قيادات الأحزاب، ففي انتخابات 8 أكتوبر 2016، ظفر العدالة والتنمية بمقعدين في هذه الدائرة بعدما حصل على المرتبة الأولى بنيله 44.16 في المائة من عدد الأصوات، فيما عرفت انتخابات 2021، ترشح سعد الدين العثماني رئيس الحكومة حينها والأمين العام لحزب العدالة والتنمية في نفس الدائرة، ونافسه نبيل بنعبد الأمين العام للتقدم والاشتراكية، إضافة إلى إسحاق شارية الأمين العام لحزب المغرب الحر، كما قدم "الأصالة والمعاصرة" المهدي بنسعيد.
وقد أسفرت انتخابات الثامن من شتنبر2021، عن هزيمة كل هؤلاء القياديين في مختلف الأحزاب السياسية المغربية لصالح عبد الرحيم واسلم بن محمد عن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي فقد مقعده أخيرا بحكم قضائي، فيما لم يحسم بعد الحزب في هوية مرشحه الجديد حتى الآن، وفق ما أكدته مصادر تجمعية لـ "الصحيفة"، نوهت إلى أن التوجه العام كان يذهب إلى ترشيح المنسق الجهوي لجهة الرباط سعد بنمبارك، "بيد أن شريحة مهمة من التجمعيين عارضت ذلك، وما يزال النقاش دائرا".
وأوضحت المصادر ذاتها في حديثها لـ "الصحيفة"، بأن " حزب التجمع يسعى لأن لا يخسر هذه الدائرة، وهي بحق تعني للحزب كثيرا" وفق ذات المصادر التي أكدت أنه "من حيث المبدأ لم يحسم الحزب بعد في مسألة هوية المرشح التجمعي، ولا يسع الحزب المقامرة بشخص خارج الدائرة وغير معروف لدى ساكنتها، فيما يوجد أشخاص بالفعل أحق بالترشح". وتضيف نفس المصادر "ما يزال الحزب في مرحلة التداول والتفاوض و الأصلح والأنسب هو ما سيتم تحقيقه، ولن يُرشح إلا الشخص الذي سيكون عليه إجماع. إذ نود أن نحتفظ بهذا المقعد".
وتُعد الانتخابات الجزئية في هذه الدائرة، والمقرر تنظيمها شتنبر المقبل بمثابة "ترمومتر" استباقي لنتائج الانتخابات التشريعية المقبلة، ما جعل العديد من الأحزاب تأخذ حيّزا مهما من الوقت لتدارس هوية مرشحها، على غرار حزب العدالة والتنمية الذي أكد لـ "الصحيفة" أنه ينوي الترشح في هذا الاستحقاق، لكن لم يُحدد بعد هوية مرشحه.
وأوردت مصادر قيادية في حزب العدالة والتنمية في حديثها لـ "الصحيفة"، بأن "البيجيدي" غير متخوّف من أي استحقاق انتخابي كما جرت به العادة حتى وإن تعلّق الأمر بدائرة من حجم المحيط التي سبق وخسرها برسم الانتخابات السابقة، وسيكون الـ PJD في الموعد بعد أن تُحدد أجهزته وكيل اللائحة لأنه وفي نهاية المطاف "لا يصح إلا الصحيح".
وخلافا لـ "البيجيدي" والتجمع الوطني للأحرار، اللذين لم يحسما بعد في هوية المرشح باسمهما لما تبقى من العهدة التشريعية، أعلن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي ترشيح عضو مكتبه السياسي، فاروق مهداوي لخوض الانتخابات الجزئية في دائرة الرباط – المحيط، مؤكدا "على ضرورة التصدي لمن وصفهم بالمفسدين في العملية الانتخابية وإسماع صوت الجماهير المطالبة بالديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية" وفق ما جاء في نص البلاغ الصادر عن الحزب والذي توصلت به "الصحيفة".
أما بالنسبة لحزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة المتموقعان في صفوف الأغلبية، فبحسب ما أكدته مصادر قيادية متفرقة من الحزبين لـ "الصحيفة"، ما يزال موضوع الترشح من عدمه والجدوى منه، قيد النقاش والتداول داخليا.
وأشارت مصادر من حزب الأصالة والمعاصرة إلى أن النقاش بين أجهزة الحزب ما يزال مستمرا بـ "جدية وتريث" ولم "يتحدد بعد مآله فيما ينتظر الجميع ما ستصل إليه المفاوضات، ذلك أنه يوجد تيّار داخل الحزب يدعو لضرورة الترشح بقوة فيما تيار آخر يفضل ألا يكون الترشح من أصله، وما نزال في حالة نقاش محمود وهادئ يُعلي مصلحة الحزب وأولوياته فوق أي اعتبار" وفق ذات المصادر الحزبية.