بتهم الاختلاس وتبديد المال العام.. المحكمة الدستورية تقرر انتخابات جزئية في خريبكة بعد إدانة البرلماني خناني وتجريده من مقعده
جرّدت المحكمة الدستورية، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية والنائب المنتخب عن الدائرة المحلية "خريبكة" (إقليم خريبكة)، عبد الصمد خناني، من عضويته في مجلس النواب، عقب إدانته بـ"جنحة الإهمال الخطير نتج عنه تبديد أموال عمومية"، مع الدعوة إلى إجراء انتخابات جزئية لملء المقعد الشاغر.
وصرحت المحكمة الدستورية، في قرار لها جاء بناءً على حكم نهائي صادر عن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض، بتاريخ 27 ديسمبر 2023، في الملف رقم 2023/1/6/3142، برفض طلب النقض المقدم من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وتجريد خناني، المنتخب عن الدائرة الانتخابية المحلية (خريبكة)، من عضويته بمجلس النواب، مع اجراء انتخابات جزئية لشغل المقعد الشاغر.
ووفق قرار المحكمة الذي اطلعت عليه "الصحيفة"، فقد تم تأييد قرار غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الصادر بتاريخ 17 أكتوبر 2022، الذي ألغى جزءًا من الحكم الجنائي السابق وأبقى على بقية العقوبات، مع تعديل التهمة إلى جنحة "الإهمال الخطير الذي نتج عنه تبديد أموال عمومية" وفقًا للفصل 242 مكرر من القانون الجنائي، وقضى بالسجن ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 10.000 درهم، بعد اطلاعها على طلب تقدم بكل من هشام جخال ونبيل الهنادي وخليل الهجري بصفتهم ناخبين، حيث طالبوا بتجريد خناني، من صفة نائب بمجلس النواب.
وعلّلت المحكمة الدستورية قرارها هذا، بأن القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ينص في مادته 11 على أنه: "يجرد بحكم القانون من صفة نائب،… كل شخص يوجد خلال مدة انتدابه في إحدى حالات عدم الأهلية للانتخاب المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي. تثبت المحكمة الدستورية التجريد من هذه الصفة…في حالة صدور إدانة قضائية بعد الانتخاب…".
وأشارت المحكمة الدستورية أيضا، إلى المادة السادسة من القانون التنظيمي المذكور، التي تنص في بندها الثالث على أنه: "لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب: … الأشخاص الذين اختل فيهم نهائيا شرط أو أكثر من الشروط المطلوبة ليكونوا ناخبين"، كما استعرضت ما ورد في مقتضيات المادة السابعة من القانون رقم 57.11، التي استبعدت في البند 2 –"ب" من القيد في اللوائح الانتخابية الأفراد المحكوم عليهم نهائيا بـ "..غرامة من أجل… اختلاس الأموال العمومية …".
والغاية التي يصبوها المشرع من إقرار آلية التجريد، وفق المحكمة الدستورية هي الحرص على ضمان وسيلة إضافية لاستبعاد كل عضو من المؤسسة البرلمانية تبين بعد إعلان نتيجة الانتخاب وانتهاء الآجال القانونية للطعن، أنه غير مؤهل للانتخاب، معتبرة إدانة خناني، في حكم نهائي، بجنحة الإهمال الخطير نتج عنه تبديد أموال عمومية طبقا للفصل 242 مكرر من القانون الجنائي، حيث تمثلت العقوبة في ثلاثة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة نافذة قدرها عشرة آلاف درهم (10.000)، وتحميل المدان الصائر والإجبار في الأدنى.
ولفتت المحكمة الدستورية، إلى أن الإدانة بجنحة الإهمال الخطير، التي أثبتت بشكل نهائي ضد النائب، تنطوي على ضرر بالمال العام، ما يندرج ضمن جرائم الاختلاس التي يرتكبها الموظفون العموميون، ويستدعي تجريده من عضويته في مجلس النواب وفقًا للمادة 7 من القانون رقم 11-57.
وبناءً على هذه المعطيات أكدت المحكمة ذاتها أن الحكم الاستئنافي الجنائي أصبح نهائيًا وغير قابل للطعن، وأنه يفقد النائب أهلية الانتخاب، ما يتطلب تجريده من عضويته في مجلس النواب وإعلان شغور مقعده، مع الدعوة إلى إجراء انتخابات جزئية لشغله وفقًا لأحكام القانون التنظيمي.
وكانت غرفة الجنايات الابتدائية، قسم الجرائم المالية، بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قد قضت قبل أشهر بمؤاخذة عبد الصمد خناني، رئيس جماعة بوجنيبة بإقليم خريبكة من أجل ما نسب إليه والحكم عليه بثلاث سنوات حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 40.000,00 درهم، مع تحميله المصاريف والإكراه البدني في الأدنى، وهو الحكم الذي من المنتظر أن يتم استئنافه من طرف دفاع البرلماني.
وظفر خناني بمقعده البرلماني في الانتخابات الجماعية الأخيرة برئاسة مجلس جماعة بوجنيبة، بعد حصده لـ21 صوتا، فيما تابع قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة، المعني بالأمر على خلفية مجموعة من الاختلالات التي ارتكبها خلال فترة رئاسته للمجلس الجماعي بوجنيبة بإقليم خريبكة، بعد الانتهاء من مسطرة الاستنطاق التفصيلي، وذلك من أجل "جناية تبديد أموال عامة واختلاسها".
يذكر أن التحقيق جاء بناء على ملتمس النيابة العامة بالمحكمة نفسها، والرامي إلى إجراء تحقيق تفصيلي في مواجهة المتهم، بعدما كانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد أجرت بحثا تمهيديا مع الأخير، بشأن مجموعة من الملفات التي تخص إعفاء عدد من المواطنين من أداء الضريبة على الأراضي غير المبنية، وملف سطو على أراض جماعية كانت مخصصة لبناء مركب رياضي ببوجنيبة وحولها إلى تجزئة خاصة وزعها مع شركائه، وملف إصلاح المجزرة، والتي تضمنها تقرير المجلس الجهوي للحسابات لسنة 2014.
وعجل الملف وقتها بدخول المنظمة المغربية لحماية المال العام والدفاع عن الحقوق الفردية والجماعية على الخط، من خلال تنصيبها كطرف مدني لدى قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال بالدار البيضاء، بتاريخ 24 مارس 2021، بعد أدائها القسط الجزافي لصندوق المحكمة في مواجهة المتهم، بصفته رئيسا سابقا للجماعة المذكورة والكاتب الإقليمي للتقدم والاشتراكية، حيث قدم دفاع المنظمة المغربية مذكرة تفصيلية يطالب من خلالها بملتمس بتفعيل مسطرة العقل على جميع الممتلكات العقارية والمنقولات للمتهم، وذلك تفعيلا للدورية التي صدرت من طرف رئيس النيابة العامة بتاريخ 13 شتنبر 2019، والتي حث فيها كلا من الوكلاء العامين ووكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية على تطبيق هذا القانون بحزم وصرامة، من خلال تقديم طلبات والتماس إصدار الأمر بعقل العقار .