المغرب يُباشر رسميًا مغربة نظام التدبير المفوض لخدمات الماء والكهرباء بعد تسليم "ليديك" الفرنسية
يبدو أن المغرب قد قطع رسميا، مع عهد احتكار الشركات الأجنبية لنظام التدبير المفوض لخدمات توزيع الماء والكهرباء وتطهير السائل بعد عقود من الاحتكار، وذلك بعدما أصدرت الحكومة قرارا يقضي بتسليم شركة "ليدك" الفرنسية لتوزيع الماء والكهرباء وتطهير السائل بالدار البيضاء إلى الدولة في أعقاب دخول القانون 83-21 المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات لتوزيع الماء والكهرباء حيز التطبيق.
وعلى مدار عقود من الزمن، بسطت الشركات الأجنبية خصوصا الفرنسية والإسبانية سيطرتها على التدبير المفوض لخدمات الماء والكهرباء والتطهير في المملكة، سيما على مستوى المدن الكبرى على غرار الدار البيضاء، الرباط، تطوان وطنجة.. فيما يتكلف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والوكالات الجهوية المستقلة بتدبير هذه المرافق في المدن المتوسطة والصغيرة والجماعات الترابية، ما دفع الدولة إلى التفكير في إجراء يسحب البساط من تحت هذه الشركات الأجنبية لصالح شركة مساهمة تابعة لها تحمل اسم "الشركة الجهوية متعددة الخدمات"، تخضع لأحكام قانون جديد يحمي مصالحها.
وشرعت المملكة أخيرا في تنزيل هذا القانون، عقب صدور مرسوم القانون رقم 2.24.737، ضمن الجريدة الرسمية والذي جاء فيه أنه ستقوم الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء-سطات بشراء كامل أسهم شركة "ليدك"، بما في ذلك المملوكة للشركة الفرنسية"VEOLIA VIGIE" ، وهو ما يعني أنه تم رسميا تسليم شركة "ليدك" الفرنسية إلى الدولة المغربية، وبالتالي بدء تفعيل إنهاء زمن احتكار التدبير المفوض لخدمات توزيع الماء والكهرباء وتطهير السائل من طرف شركات أجنبية.
وهذا القرار الجديد، مؤطر أساسا بدخول القانون 83-21 المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات لتوزيع الماء والكهرباء، حيز التطبيق في أعقاب صدوره في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، بحيث نص القانون على إحداث شركات على صعيد كل جهة وبمبادرة من الدولة، لتكون شركة مساهمة تحمل اسم "الشركات الجهوية متعددة الخدمات" بما يسمح بالتقائية تدخل مختلف الأطراف المعنية بمجال التوزيع، ووضع هذه الشركات رهن إشارة الجماعات كطرق حديثة من طرق تدبير مرفق التوزيع باعتباره من اختصاصتها الذاتية، والحفاظ على مبدأ تعدد الخدمات لما يسمح به من الرفع بمستوى نجاعة الاستثمارات، وكذلك توفير موارد هامة لتمويلها، بطريقة تنهي زمن التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء وتطهير السائل، الذي تهيمن عليه الشركات الأجنبية.
وقد وافق مجلس إدارة الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء – سطات ش.م المنعقد بتاريخ 3 يوليو 2024 على عملية المساهمة في رأسمال شركة "ليدك"، من خلال اقتناء مجموع أسهمها، ولا سيما الأسهم المملوكة لشركة VEOLIA VIGIE من خلال الشركتين التابعتين لها.
وأوضح المرسوم الصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، الأسباب الكامنة وراء تسليم شركة "ليدك" للدولة، الذي تم بناء على المادة 8 من القانون رقم 39.89 المأذون بموجبه في تحويل منشآت عامة إلى القطاع الخاص والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.90.01 بتاريخ 15 من رمضان 1410 الموافق ل11 أبريل 1990.
وتم الإذن بإحداث الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء – سطات ش.م بموجب المرسوم رقم 2.23.1034 الصادر في 9 شعبان 1445 (19) فبراير (2024) جرى تغييره وتميم القانون، باقتراح من وزيرة الاقتصاد والمالية لإحداث اثنى عشرة شركة جهوية متعددة الخدمات.
وأورد المرسوم، أنه "ومن أجل تمكين الشركة الجهوية متعددة الخدمات من الإشراف الفعلي على تدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل على مستوى مجموع الدائرة الترابية لجهة الدار البيضاء سطات طبقا لأهداف إصلاح قطاع التوزيع، ومن أجل ضمان استمرارية خدمات المرفق في أحسن الظروف، تم الاتفاق المبدئي على اقتناء مجموع الأسهم المملوكة بطريقة غير مباشرة لشركة VEOLIA ENVIRONNEMENT SA من خلال الشركتين التابعتين لها VIGIE 50 S.A.S و .VIGIE GROUP S.A.A va
وصادق مجلس مجموعة الجماعات الترابية الدار البيضاء – سطات للتوزيع خلال دورته الاستثنائية بتاريخ 3 يوليوز 2024 على عقد تدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، يعهد بموجبه للشركة الجهوية متعددة الخدمات – الدار البيضاء – سطات ش.م بتدبير المرفق المذكور على المادة الأولى ومضمونها يؤذن للشركة الجهوية متعددة الخدمات – الدار البيضاء – سطات ش.م بالمساهمة في رأسمال شركة ليدك بنسبة 100%.
ولفت المرسوم الحكومي، إلى أهمية استمرارية خدمات المرفق في أحسن الظروف، تم الاتفاق المبدئي على اقتناء مجموع الأسهم المملوكة بطريقة غير مباشرة للشركة من خلال الشركتين التابعتين لـ"ليدك"، التي كان منتظرا أن ينتهي عقد التدبير المفوض لها والمبرم سنة 1997 في غضون سنة 2027، غير أن السلطات المغربية سارعت إلى تأسيس شركات جهوية لتدبير قطاع الماء والكهرباء بعد المصادقة على القانون 83.21 المتعلق بالشركات الجهوية، فيما تم تأسيس هذه الأخيرة بمختلف جهات المملكة، وعلى رأسها الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء-سطات التي ستخلف "ليديك" في تدبير القطاع.
وتهدف هذه الشركات، وفق نص القانون الذي اطلعت عليه "الصحيفة"، في تدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، والإنارة العمومية عند الاقتضاء، أو تتبع تدبير هذا المرفق، وذلك في حدود مجالها الترابي بناء على عقد التدبير المبرم مع الجماعات الترابية أو مؤسسات التعاون، وهي مؤهلة للقيام بجميع الأنشطة والعمليات الصناعية والتجارية والعقارية والمالية ذات الصلة بغرضها الرئيسي، كما أنها مؤهلة بموجب عقد التدبير لتحصيل الرسوم أو الأتاوى أو الأموال أو المساهمات أو الفواتير لحساب الجماعة أو الدولة أو لحسابها الخاص، حسب الحال.
وعلاوة على الدولة، يجوز للمؤسسات والمقاولات العمومية، وكذا الجماعات الترابية ومجموعاتها للتعاون، أن تساهم في رأسمال الشركة، وتفتح المجال أيضاً للقطاع الخاص، على ألا تقل مساهمة الدولة عن 10 في المائة، فيما لا تكون مقررات الجماعات الترابية ومجموعاتها ومؤسسات التعاون المتعلقة بالمساهمة في رأسمال الشركة قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من لدن وزارة الداخلية.
وتستفيد الشركات الجهوية من حق الارتفاق المنصوص عليه في التشريع الجاري به العمل في ما يخص منشآت وقنوات توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل، ومن حق نزع الملكية من أجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت لأملاك الخواص، فضلا عن جميع الحقوق والامتيازات الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل لفائدة المستثمرين أو منعشي المشاريع الصناعية.
وتتولى الشركة الجهوية، وفق النص القانوني تدبير المرافق موضوع عقد التدبير، الذي كان معهوداً بها إلى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وإلى الوكالات المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، قبل دخول عقد التدبير حيز التنفيذ، فيما وابتداءً من دخول عقد التدبير الجديد حيز التنفيذ، تنتهي تلقائياً مهام المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والوكالات الجهوية في تدبير المرافق، على أن تحل الشركة الجديدة محل المكتب والوكالات في الالتزامات والحقوق المترتبة عن العقود السابقة.
كما سينقل المستخدمون التابعون للمكتب والوكالات المستقلة في الجماعات الترابية المعنية إلى الشركة الجديدة، على ألا تكون وضعيتهم أقل من الوضعية السابقة، لاسيما في الأجور والتعويضات والتغطية الصحية والتقاعد. وعلى الشركة أن تتحمل، حسب نطاقها الترابي، العجز السنوي المحتمل في صناديق التقاعد الخاصة بمستخدمي قطاع التوزيع بالمكتب والوكالات، وهذا يعني أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لن يتدخل مستقبلا في تدبير هذه المرافق على المستوى الترابي، إذ سينحصر دوره في إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب لفائدة المدبرين لهذه المرافق على الصعيد الترابي.