المغرب يستورد أكثر من 200 ألف طن من الحبوب من روسيا.. وموسكو تعرب عن رغبتها في تعزيز التعاون التجاري مع المملكة
استورد المغرب أكثر من 200 ألف طن من الحبوب الروسية منذ بداية العام الجاري، حسب ما أفادت به هيئة الرقابة الزراعية الروسية "روسيلخوزنادزور"، التي شدّدت على ضرورة تعزيز علاقاتها مع المملكة في مجال الصادرات، خاصةً وأنها سجّلت انخفاضاً مهماً بلغ نسبة 31.4% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، فيما يعمد المغرب إلى تنويع شركائه لضمان مخزونه الوطني.
ووفقاً لتقرير الهيئة الروسية، تم في عام 2024 تصدير أكثر من 200,000 طن من الحبوب الروسية، خاصةً القمح، إلى المغرب، بعدما سجل هذا الأخير حصيلة فلاحية سلبية على مستوى الإنتاج، حيث بلغت نسبة الانخفاض حوالي 43% مقارنة مع السنة الماضية. وقدرت وزارة الفلاحة الإنتاج النهائي بحوالي 31.2 مليون قنطار.
وواردات المغرب من روسيا في الشق المرتبط بالحبوب غير نهائية، حيث أن العام الزراعي لم ينتهِ بعد، مما يعني أن 200 ألف طن هو رقم مرشح للارتفاع حتى نهاية السنة الجارية، بحسب ما أوردته مجلة "Finances News Hebdo" نقلاً عن وكالة الرقابة الزراعية الروسية "روسيلخوزنادزور". وذكرت المجلة أن "جزءاً كبيراً من هذه الشحنة تم نقلها عبر ميناء فيسوتسك، الواقع في شمال غرب روسيا، والذي أرسل 94,000 طن من الحبوب إلى المملكة منذ بداية العام". كما أشارت إلى زيارة وفد مغربي إلى روسيا مؤخراً للاطلاع على عملية التصدير، بما في ذلك مراقبة الجودة وضمان سلامة الشحنات.
وقد اتفق الطرفان على تعزيز التعاون الثنائي، خاصةً في مجال الصادرات، وكذلك تبادل الخبرات في أنظمة المعلومات الخاصة بالجهات التنظيمية الروسية. كما ناقشوا آفاق توقيع مذكرة تفاهم حول إدارة المبيدات والمنتجات الكيميائية الزراعية.
ونقلت مجلة "Finances News Hebdo" تصريح أنطوان كارماوين، نائب رئيس "روسيلخوزنادزور"، الذي أكد أن روسيا صدرت الحبوب إلى أكثر من 120 دولة في العام الماضي، مشيراً إلى أن "نظام الرقابة الروسي على جودة وسلامة الحبوب حصل على تقييم إيجابي في السوق الدولية".
ويُعد المغرب من أكبر مستوردي الحبوب الروسية على المستوى الأفريقي، إذ يحل في المرتبة الثانية بعد مصر، خاصةً في السنوات الأخيرة التي شهدت جفافاً غير مسبوق. وتظهر أرقام وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات تراجعاً على مستوى الإنتاج المحلي بنسبة حوالي 43% مقارنة مع السنة الماضية، حيث قدّرت الإنتاج النهائي بحوالي 31.2 مليون قنطار. ويتوزع الإنتاج الوطني المتوقع خلال العام الجاري ما بين 17.5 مليون قنطار للقمح اللين و7.1 مليون قنطار للقمح الصلب، في حين يُقدّر الإنتاج الموسمي من الشعير بـ 6.6 مليون قنطار. أما نسبة التساقطات المطرية، فقد تراجعت بنسبة 31% مقارنة مع موسم فلاحي عادي، لكنها تحسنت بنسبة 9% مقارنة بالموسم الماضي.
ويُعد هذا التراجع المسجّل في حجم الإنتاج الوطني للحبوب بنسبة 43% بعد الارتفاع المسجل السنة الماضية في الحبوب الرئيسية، حيث بلغ الإنتاج وقتها 55.5 مليون قنطار. في المقابل، حقق المغرب في عام 2022 تراجعاً بنسبة 67% بعد أن وصل الإنتاج إلى 34 مليون قنطار، بينما سجل عام 2021 إنتاجاً بلغ 98 مليون قنطار. دفع هذا التراجع المملكة إلى البحث عن سبل جديدة لتأمين حاجياتها من الحبوب، من بينها توسيع دائرة الشركاء في السوق الدولية وزيادة نسبة الاستيراد لتعزيز المخزون الوطني ومكافحة أي ارتفاع في أسعار هذه المادة الأساسية، خاصةً وأن أسعار القمح تقل عن العام الماضي بنسبة تتراوح بين 12.7% و21.6%.
ولا يعتمد المغرب على روسيا فقط لتلبية احتياجاته، بل يسعى إلى تنويع شركائه في السوق الدولية، بما في ذلك الدول الأوروبية. ووفقاً لمكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، استورد المغرب ما يقارب 5 ملايين طن من الحبوب من دول الاتحاد الأوروبي الـ27 خلال سنة 2023. كما أفاد المكتب بأن "واردات المملكة من الحبوب الفرنسية وحدها تجاوزت مليوني طن خلال سنة 2023، في حين وصلت واردات الحبوب الألمانية إلى ما يفوق المليون طن خلال السنة نفسها".
وقد تركزت واردات المغرب من الحبوب في سنة 2023 على السوقين الألمانية والفرنسية، اللتين استحوذتا على الحصة الأكبر من صادرات الاتحاد الأوروبي من الحبوب إلى المملكة. وفي السنة الماضية، وضع المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني دعماً للاستيراد لفائدة المهنيين بقسمين، في حدود 5 ملايين طن. وقد تم تجديد هذا الدعم هذه السنة أيضاً؛ نظراً لضعف المخزون الوطني واستمرار سنوات الجفاف.
ووفق بيانات "يوروستات"، ركز المهنيون المغاربة على سوقين رئيسيتين للاستيراد في أوروبا بعد تلقيهم هذا الدعم، وهما فرنسا وألمانيا، يليهما الأسواق الروسية والأوكرانية والكندية التي لا تتعدى وارداتها المليون طن، حسب الأرقام التي يصرح بها مهنيو القطاع.
وكان بنك المغرب قد توقع أن "يصل محصول الحبوب في سنة 2024 إلى ما مجموعه 25 مليون قنطار، مقابل 55.1 مليون قنطار خلال السنة الماضية"، مشيراً إلى أن "التوقعات تشير إلى تقلص القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 6.4% في 2024، قبل أن ترتفع بنسبة 12.8% في 2025، مع فرضية العودة إلى تحقيق إنتاج متوسط من الحبوب قدره 55 مليون قنطار".